"مجرد خرافة".. خبير أميركي يقدم نظرية صادمة عن نمو الاقتصاد
23:38 - 18 يوليو 2022تحرص مختلف دول العالم، على أن ينمو ناتجها المحلي الخام، فتخشى أن يتراجع، لأن الأمر ينذر باضطرابات اجتماعية، بحسب ما هو شائع، لكن خبيرا اقتصاديا أميركيا نبه، مؤخرا، إلى أن ما يعرف بـ"النمو الاقتصادي" ليس مطلوبا وحتميا، حتى تكون أمور الناس على ما يرام.
وبحسب صحيفة "واشنطن بوست"، فإن الأستاذ والخبير المرموق في شؤون الاقتصاد، هرمان دالي، يرى أن النمو الاقتصادي لا يمكن أن يتواصل بشكل دائم، وإلى ما لا نهاية، كما أن استمرار النمو لا يعني أن حياة الناس تسير نحو الأحسن فيزدادون رفاها.
يقول الأستاذ والباحث في الاقتصاد والسياسات العامة بجامعة ماريلاند، أن النمو الاقتصادي يؤثر على البيئة فتصبح أضراره أكثر من منافعه، بينما تشهد الأرض تزايدا لكوارث مكلفة، سواء من الناحية البشرية أو المادية.
وبعدما قضى الأكاديمي الأميركي خمسين عاما وهو يدرس أحوال الاقتصاد، خلص إلى نظرية تدافع عن "الاقتصاد المستقر" الذي يبتعد عن طباع الجشع وتدمير البيئة في سبيل إحراز النمو، وذلك من باب إدراك الطابع المحدود لموارد الأرض التي تنضب فلا تعود مجددا.
يوضح دالي أن الاقتصاد، وعلى غرار أي شيء آخر على الكوكب، له حدود، مؤكدا أنه بوسع الناس أن يواصلوا العيش على النحو المعتاد، دون أن ينمو الاقتصاد بالضرورة.
ويشدد الباحث على من يربطون توقف النمو بالاضطرابات والانزلاق إلى العنف، يقدمون رؤية سوداوية ولا يدركون الإمكانيات الموجودة لدى الإنسان وقدرته على التأقلم.
ويتابع دالي أنه لا يعارض أن تزداد ثروة الناس "بل إنه من الأفضل أن يكون الإنسان غنيا، لكن هل يمكننا القول إن النمو بصيغته الحالية يفضي إلى زيادة الثروة؟ أم إنه يجعل النفقات أكثر من الأرباح؟
ويستطرد الباحث أن خبراء الاقتصاد الذين يتبنون نظرية تقليدية لا يملكون جوابا على هذا السؤال، لأنهم لا يقيمون أي وزن لجانب التكلفة، أي تكلفة النمو الاقتصادي، فهم يركزون فقط على رقم الناتج المحلي الخام".
النمو والتنمية
يشير دالي إلى أن النمو الاقتصادي لا يعني التنمية بالضرورة، وتبعا لذلك، فإن حجم الثروة الموجودة ليس هو المحدد الوحيد والأبرز لجودة الحياة لدى الناس، ثم ضرب مثلا بالحاسوب، قائلا إنه كان أكبر حجما في السابق رغم قدراته المحدودة، ثم صار رشيقا في يومنا هذا بينما يستطيع إنجاز مهام وأمور معقدة "وعليه، فإن العبرة ليست بالكم، بل بالكيف.
وأردف أنه عندlا نقيس الوفيات والإصابات الناجمة عن حوادث السير والتلوث والحرائق وباقي الكوارث في مجتمع يحقق نموا اقتصاديا مضطردا، فإننا قد نجد صورة مغايرة لما يدور في أذهاننا بشأن الرفاه.
وينبه الباحث إلى أن نظريته بشأن النمو تنطبق إلى حد كبير على الدول المتقدمة، في حين أن الدول النامية ما زالت في حاجة إلى إحراز بعض الأمور المادية الضرورية، وعليه فإن الضفة الغنية من العالم مدعوة لأن ترعى سياقا ملائما حتى تزدهر الدول السائرة في طريق النمو.
ويؤكد الخبير الأميركي أن المطلوب هو أن تتوقف الدول المتقدمة عن استنزاف الموارد المتاحة من أجل أشياء تافهة، مشددا على أن الكارثة لا تحصل بعدم نمو الاقتصاد، ثم شبه الأمر بالفرق الموجود بين الطائرة والمروحية، فالطائرة التجارية تتحطم إذا لم تتقدم إلى الأمام، في حين أن المروحية قد تظل محلقة وهي في النقطة نفسها، وفي نهاية المطاف، تسير المركبتان معا.