سباق التسلح.. حرب أوكرانيا أثارت نفوذ "مارد أوروبا"
15:36 - 24 يونيو 2022وسط ما يسيطر على المشهد السياسي العالمي من توترات، ترددت تبعاتها باتجاه القارة العجوز، تسعى برلين لتعزيز وتطوير قدراتها وإمكاناتها العسكرية.
ويشير مراقبون إلى أن العملاق الاقتصادي الأوروبي يحاول الفكاك من عقدة الحرب العالمية الثانية، والابتعاد عن نزعات العسكرة، والتركيز بدلا من ذلك على إعادة بناء ألمانيا وتطوير اقتصادها وبناها التحتية.
وفي أحدث هذه المؤشرات، ما قاله المستشار الألماني، أولاف شولتز، حول إن برلين ستسلح جيشها حتى يتمكن من الدفاع عن ألمانيا وشركائها ضد كل التهديدات.
وجاءت تصريحات شولتز خلال كلمة أمام البرلمان الألماني، حيث شدد فيها على أن شركاء الناتو في شرقي أوروبا يمكن أن يعتمدوا على ألمانيا، التي تعيد تسليح جيشها، بحيث تتمكن من الدفاع عن نفسها وعن الحلفاء ضد الهجمات المستقبلية، في إشارة ضمنية إلى أي تحركات روسية.
وتعليقاً على توجه ألمانيا نحو إعادة الاعتبار لقوتها العسكرية، قال الباحث والخبير بالشؤون الأوروبية، ماهر الحمداني، في حوار مع "سكاي نيوز عربية" :"تصريحات شولتز حول تشكيل جيش ألماني يكون هو الأكبر بين جيوش الناتو لحماية حدود أوروبا الشرقية وأعضاء وشركاء الناتو من الدول الأوروبية الشرقية، هي بعيدة كل البعد عن واقع الجيش الألماني.
وأوضح: "لا تمتلك برلين في الحقيقة سوى 200 ألف جندي، والقوات المسلحة الألمانية تركز أساسا على النوعية وليس الكمية، كما يتم باستمرار تقليص الميزانية المخصصة للجهد العسكري".
وأضاف: "ألمانيا منذ 8 عقود وهي لا تشجع على العسكرة وتنبه من مغبتها، وتنفر الشباب الألمان من الانخراط في القوات المسلحة، بل وهي كرست مبادىء وقيم ثقافية وأخلاقية مضادة للنزوع العسكري ونابذة له داخل المجتمع والدولة الألمانيين".
وتابع الحمداني: إن إنشاء جيش عظيم لن يكون مهمة سهلة، وهي لن تتم على المدى المنظور، حيث أن بناء هكذا جيش لا يتم بين عشية وضحاها، إذ ثمة تحضيرات وميزانيات وتشريعات لا بد من سنها وتخصيصها لمثل هذه المهمة الشاقة والمحفوفة بالمحاذير والمجازفات داخليا وخارجيا.
وأضاف: "لحين إتمام هذه العملية المعقدة والحساسة ربما تكون الحرب الروسية الأوكرانية قد وضعت أوزارها، وبالتالي تنتفي الحاجة أصلا لمثل هذا الجيش المزمع".
وحسب الخبير فإن الحروب الحديثة، لا تحسمها بالدرجة الأولى الجيوش الجرارة والترسانات العسكرية الضخمة، وإنما هي تدار وتحسم بوسائل الحرب الاقتصادية وفرض الإرادات بين الدول والكتل القوية اقتصاديا بالمرتبة الأولى".
ويستدرك الحمداني: "ألمانيا وأوروبا عامة عاجلا أم آجلا ستتجه إلى الاعتماد على نفسها وتشكيل جيش خاص بها، عوضاً عن الاعتماد شبه الكلي على الحليف الأطلسي الأميركي، الذي ثبتت لحد كبير هشاشة الرهان عليه، مع هذه الأزمة الأوكرانية الحادة".
وأحدثت الحرب في أوكرانيا تحولا ضخما في ألمانيا، التي قلصت حجم جيشها بشكل كبير منذ انتهاء الحرب الباردة من نحو 500 ألف جندي عام 1990 إلى 200 ألف جندي حالياً.
وفي شهر مايو الماضي، أبرمت حكومة شولتز اتفاقا مع المعارضة المحافظة، من شأنه السماح بتخصيص 100 مليار يورو لتحديث الجيش الألماني في وجه أي تحركات روسية.
ويتوقع مراقبون أن تجعل الميزانية الجديدة من ألمانيا القوة الضاربة لحلف شمال الأطلسي في أوروبا، خلال السنوات المقبلة، ويمهد لعودة ألمانيا إلى الساحة العسكرية بكل قوة.
وبدأ التغير الألماني الدراماتيكي على الصعيد العسكري بعد 3 أيام فقط من بدء الحرب، حيث أعلن المستشار الألماني إنشاء صندوق يستهدف تعزيز المنظومة الدفاعية للجيش.