بعد انهيار الاحتياطيات.. خياران صعبان أمام مصرف لبنان
10:47 - 24 يونيو 2022أظهرت ميزانيّة المصرف المركزي في لبنان تراجع قيمة احتياطياته بالعملة الأجنبيّة بمبلغ قدره نصف مليار دولار أميركي خلال 15 يوماً. وتراجعت احتياطيات لبنان بالعملة الأجنبيّة بواقع 508.51 مليون دولار، خلال أول 15 يوم من شهر يونيو/حزيران 2022 إلى 10.48 مليارات دولار، مقارنة بـ 10.99 مليارات دولار في نهاية شهر مايو/أيار 2022، و15.81 مليار دولار في 15 يونيو/حزيران 2022.
ويرتبط تراجع احتياطيات لبنان بالعملة الأجنبيّة بالقرار الذي اتخذه مصرف لبنان المركزي في نهاية شهر مايو/أيّار 2022 والذي سمح بموجبه للمودعين بشراء الدولار الأميركي من المصارف عبر منصة "صيرفة"، وذلك بهدف وضع حد لانهيار العملة الوطنية مقابل الدولار الأميركي بعد تسجيلها مستوى 37 ألف ليرة للدولار.
واستعادت الليرة اللبنانية بعضا من خسائرها بعد قرار المركزي بيع الدولارات من خلال المصارف، وهي تحاول الصمود حالياً بين مستوى 28300 و28800 ليرة للدولار، إلا أن إعلان مصرف لبنان عن تراجع الاحتياطيات بالعملة الأجنبية بواقع نصف مليار دولار أميركي، يطرح علامة استفهام كبيرة عن مدى إمكانية الاستمرار بتنفيذ هذا القرار.
الاقتصاد الرديف
وقال حاكم مصرف لبنان رياض سلامة هذا الاسبوع إن احتياطيات النقد الأجنبي لدى البنك المركزي انخفضت 2.2 مليار دولار منذ بداية 2022 إلى نحو 10.5 مليارات دولار، مشيراً الى الدور الكبير الذي تلعبه تحويلات المغتربين في التخفيف من وطأة استخدام الاحتياطيات.
وسمح مصرف لبنان منذ فترة لشركات تحويل الأموال بشراء الدولارات المحولة من الخارج وتسليمها للعميل في حال موافقته بالليرة على سعر صرف السوق السوداء.
واشترط المصرف ان تقوم شركات تحويل الأموال بتسليمه جميع الدولارات التي إستحصلت عليها، حيث ساهمت هذه الخطوة في الحد من تسارع فقدان لبنان لاحتياطيات النقد الأجنبي.
وبحسب البنك الدولي فقد بلغت قيمة تحويلات اللبنانيين المغتربين الى بلادهم 6.6 مليار دولار في 2021، ولكن هذا الرقم مرشح للارتفاع في حال تم احتساب الأموال التي تأتي نقداً عبر المسافرين.
وعلى مر التاريخ ومع اتساع موجات الهجرة من لبنان إلى مختلف دول العالم، ولّدت أموال المغتربين نوعاً من الاقتصاد الرديف، ساهم في دعم شبكة الأمان الاجتماعية في البلاد.
أرباح فورية
وقال الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن دولارات مصرف لبنان يتم ضخ قسم كبير منها للاستيراد، أما الباقي فيستخدمه المضاربون والتجار لتحقيق أرباح فورية، فيقومون بشراء الدولار عبر منصة "صيرفة" على سعر يتراوح بين 24700 و24900 ليرة ويبيعونه فوراً في السوق السوداء على سعر يصل إلى 28000 ليرة.
واعتبر عجاقة أنه في حال أوقف مصرف لبنان ضخ الدولارات في السوق سترتفع كافة الأسعار وسيدفع المواطن الثمن، مقراً بأن هناك عملية حرق للدولارات.
ولفت عجاقة إلى أن هناك خيارين كلاهما مرّ، فإما أن يوقف مصرف لبنان ضخ الدولارات في السوق ما سيؤدي إلى حرق المواطن، وإما الاستمرار في هذا النهج وحرق الدولارات، محملاً الحكومة مسؤولية إرساء هذه المعادلة بسبب عدم قدرتها على أخذ قرارات حاسمة، كالمراقبة والتدقيق ووقف التهريب وغيرها.
من جهته يقول الخبير الاقتصادي نسيب غبريل، في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن هناك أسباباً عدة لتراجع احتياطيات لبنان بالعملة الأجنبيّة، ومنها الطلبات المستمرّة التي ترسلها الجهات الرسمية إلى مصرف لبنان من أجل تمويل الاستيراد بشكل عام مثل المشتقات النفطية، والأدوية، وغيرها.
توقف المصادر
وأضاف أن المشكلة اليوم هي أن لبنان يعاني من أزمة سيولة في العملات الأجنبية، حيث إن المصادر التقليدية التي كانت تغذي احتياطي مصرف لبنان توقّفت، سواء كانت إصدار اليورو بوندز أو استبدال سندات اليورو بوندز عند استحقاقها أو تدفق الودائع إلى القطاع المصرفي أو الاستثمارات الأجنبية المباشرة أو حتى الصادرات.
ولفت غبريل إلى أن هذا المنحى لا يمكن الاستمرار فيه، حيث يجب على السلطات أن تتحرك من أجل بدء العملية الإصلاحية، لأن هدف أي خطة إصلاحية يجب أن يتمثل في إعادة الثقة، لكونها هي المدخل إلى إعادة تدفق رؤوس الأموال في الاقتصاد اللبناني وإلى إتاحة السيولة.