موازنة مصر الجديدة.. تقديرات تعكس حالة تفاؤل كبيرة
09:48 - 22 يونيو 2022وافق مجلس النواب في مصر، الثلاثاء، على مشروع قانون بربط الموازنة العامة الجديدة للدولة للسنة المالية 2022/2023.
وعكست التقديرات الاقتصادية التي تضمنها مشروع الموازنة حالة تفاؤل كبيرة في قدرة الإصلاحات الاقتصادية المرتقبة على ضبط أداء المالية العامة، خاصة بعد الحرب الروسية الأوكرانية.
وأكد الخبراء في حديثهم لموقع "سكاي نيوز عربية" أن الوضع الاقتصادي الحالي والمتوقع مستقبلًا ليس مخيفًا بالنظر للمؤشرات الاقتصادية المتعلقة بالدين والعجز وحتى تباطؤ النمو وارتفاع وتيرة التضخم، وأن مصر ليست استثناءً، وأن التحديات الاقتصادية الحالية طبيعية في سياق أزمة الاقتصاد العالمي.
تفاصيل موازنة مصر
وبلغ حجم استخدامات الموازنة العامة للدولة 3 تريليونات و66 مليار جنيه، وتصل الإيرادات المتوقع تحصيلها خلال العام المالي الجديد إلى 1.5 تريليون جنيه، مقابل مصروفات تقدر بنحو 2 تريليون جنيه.
ووصل حجم العجز النقدي من 472.6 مليارات جنيه خلال العام الجاري، إلى 553 مليار بالعام الجديد، وارتفع العجز الكُلي إلى 558 مليارًا، مقابل 475.5 مليار.
ويبلغ حجم الاقتراض وإصدار الأوراق المالية بخلاف الأسهم بالموازنة العامة 1.5 تريليون جنيه.
ويستهدف مشروع الموازنة العامة للدولة تحصيل الضريبة المستحقة على التجارة الإلكترونية للمرة الأولى بشكل فعال وتحصيل فوائض من البنوك العامة بنحو 10 مليارات جنيه، وتحصيل حصيلة قدرها 6 مليارات جنيه من تفعيل برنامج الطروحات الحكومية.
الديّن المصري عند حدود "غير مخيفة"
ويقول أستاذ التمويل والاستثمار بجامعة القاهرة هشام إبراهيم إن مشروع الموازنة "طموح ومتفائل"، ويراهن على انحسار التداعيات الاقتصادية المؤثرة سلبًا في الاقتصاد، ومن بينها انتهاء الحرب الروسية الأوكرانية في أجل قريب، الأمر الذي يساعد على تهدئة أسعار النفط والحبوب، السلعتين اللتين تستوردهما مصر بشراهة.
وأضاف إبراهيم، في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، أنه من المؤكد حدوث تراجعات في المؤشرات الاقتصادية لمصر، لكنها ليست مؤلمة، فحتى لو كنا نتوقع 5.5 بالمئة نموًّا اقتصاديًّا فإن تراجع النمو لحدود 5 بالمئة فقط فلن نتأثر كثيرًا.
ويلفت الخبير الاقتصادي إلى أن ما تتعرض له مصر من تحديات على الصعيد الاقتصادي لا يمكن فصله عن ظروف الأزمة العالمية بسبب حرب أوكرانيا، فمصر ليست استثناء وحيدًا في هذه الحالة.
ويتابع إبراهيم قائلًا إن هناك قطاعات تضررت من بينها السياحة المتأثرة بـ"كورونا" منذ عامين ونصف العام، وكذلك قطاع الصادرات الذي سيتأثر بتراجع حصيلته على خلفية تضرر المنتجات التي كانت تُصدر لروسيا وأوكرانيا، وهو ما تعوضه نسبيًّا برامج الحماية الاجتماعية ومبادرات حكومية.
برامج الحماية الاجتماعية
وعلى صعيد برامج الحماية الاجتماعية تضمن مشروع الموازنة مخصصات مالية لدعم السلع التموينية بنحو 90 مليار جنيه ومخصصات بقيمة 22 مليار جنيه لتمويل برنامج "تكافل وكرامة" لتقديم دعم نقدي شهري لـ4 ملايين أسرة من الأقل دخلًا، فضلًا عن زيادة جملة الاستثمارات الحكومية إلى 376.4 مليارات جنيه.
وتضمن مشروع الموازنة ارتفاع حجم الأجور وتعويضات العاملين بالدولة لتبلغ 400 مليار جنيه، بزيادة 39 مليارًا، إضافة إلى زيادة مخصصات الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية بنحو 34 مليارًا و692.5 مليون جنيه، حيث يصل إجماليها خلال العام المالي الجديد إلى 355.9 مليارات جنيه.
تحديات تواجه اقتصاد مصر
يشير أستاذ التمويل المصري إلى أن اللجوء للحصول على حزم مالية عبر الاقتراض أمر منطقي لحين انتهاء الأزمة الراهنة.
وعن تبعات تحجيم الواردات، التي تتضمن خامات ومستلزمات صناعية وسيطة لازمة للإنتاج الصناعي، يقول إبراهيم: "هناك محاولات مصرية قوية لتحجيم الواردات، بالنظر إلى الفاتورة الكبيرة للاستيراد، وهذه المحاولات سابقة حتى للحرب".
ولفت إلى أن هناك إجراءات لتخفيف الضغط على طلب وتدبير النقد الأجنبي، لكنها تؤثر سلبًا في القطاعات الصناعية الإنتاجية، وهذا أخطر ما يواجه اقتصاد مصر.
ويرى إبراهيم أن الاقتصاد المصري قادر على مواصلة تحقيق الأداء الاقتصادي الفعَّال كما كان قبل جائحة "كورونا" حال تجاوز عقبة الحرب الروسية الأوكرانية.
الحل في تجاوز عقبة الحرب
ويقول مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية عبد المنعم السيد إن مصر تعمل على هيكلة الديّن منذ سنوات، ومؤخرًا طرحت سندات في السوق اليابانية بـ500 مليون دولار، بفائدة أفل من 1 بالمئة، للحصول على التمويل اللازم، وخفض أعباء خدمة الديّن، مع تنوع عملات وأسواق الإصدارات وإطالة عُمر الدين وهيكلته.
ويضيف السيد، في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن ربط برميل النفط عند سعر 80 دولارًا وطن القمح عند 330 دولارًا في الموازنة الجديدة يعبر عن تفاؤل بارتداد السعرين وهدوئهما خلال العام المالي الذي يبدأ في مصر أول يوليو المقبل.
ويرى الخبير الاقتصادي أن أسعار السلع الاستراتيجية كالحبوب والمعادن والطاقة ستتراجع فور هدوء الطلب وانتهاء الحرب المشتعلة حاليًّا، خاصة أن الإغلاق في الصين - أكبر مستهلك للطاقة والحبوب والمعادن - بسبب انتشار "كورونا" مؤخرًا يعطي فرصة مواتية لذلك بسبب وفرة المعروض وتراجع الطلب من جانب بكين.