3 زعماء في كييف.. هل ينجحون في حلحلة الأزمة الأوكرانية؟
15:42 - 16 يونيو 2022بعد مرور نحو 4 أشهر على الحرب في أوكرانيا، وفي زيارة طال انتظارها، وصل زعماء فرنسا وألمانيا وإيطاليا إلى العاصمة الأوكرانية كييف للقاء الرئيس فولوديمير زيلينسكي.
ورغم أنه قد سبقها زيارات لمسؤولين كبار في الاتحاد الأوروبي، على مستوى قادة دول وحكومات فيه، لكن هذه الزيارة التي تجمع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشار الألماني أولاف شولتز، ورئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي، تبدو وفق مراقبين أثقل وطأة وأهمية، بالنظر إلى الدور المحوري الذي تلعبه باريس وبرلين وروما على صعيد الكتلة الأوروبية وتحديد مواقفها من الأزمة الأوكرانية.
ويرى مراقبون أنه "علاوة على طابعها الرمزي والتضامني، لكنها تنطوي غالبا على محاولة العواصم الثلاث لإحداث اختراق جدي، والتمهيد لإطلاق مبادرة سلام في أوكرانيا برعاية أوروبية"، وأن ملامح هذه المبادرة ستتكشف مع انعقاد قمة الاتحاد الأوروبي قبل نهاية الشهر الجاري.
وتعليقا على أهمية هذه الزيارة وما سيترتب عليها، يقول أستاذ العلاقات الدولية وفض النزاعات حسن المومني، في حوار مع موقع "سكاي نيوز عربية": "زيارة الترويكا الأوروبية الفرنسية الألمانية الإيطالية لكييف، تحمل دلالات عميقة لجهة توكيد الدعم الأوروبي للأوكرانيين كشعب وكقيادة، خاصة وأن ألمانيا وفرنسا تملكان قنوات اتصال نشطة مع الروس في الوقت عينه".
ويعتبر المومني أن هذا "قد يقود للعبهما دور الوسيط الفاعل في الصراع وتهيئة الظروف وانضاجها لبلورة مناخ تفاوضي سلمي جديد، وهو ما سيكون أحد أبرز أجندة اللقاء الأوروبي الأوكراني".
لكن الزيارة بصفة أساسية "تأتي كزخم للدعم الغربي والأوروبي للأوكرانيين، لا سيما أنها تتزامن مع الإعلان عن حزم جديدة من المساعدات العسكرية النوعية لكييف، خاصة من جانب واشنطن"، حسب المومني.
ويستطرد: "زيارة الزعماء الثلاثة قد تقرأ في سياقين، تصعيدي للدعم الأوروبي لكييف، وتوسطي للدفع نحو حلول دبلوماسية وسلمية تنهي الحرب. باريس وبرلين تملكان كما هو معروف خطين ساخنين مع الكرملين، رغم كل التوتر والخلاف على وقع الحرب الأوكرانية".
فمن مصلحة كافة الأطراف، كما يرى أستاذ العلاقات الدولية، "خلق ظروف معينة مواتية لوقف الحرب وإحلال السلام، عبر إنتاج عملية سياسية تفاوضية".
ويضيف: "واضح في نهاية المطاف أن هذه الحرب لن تحسم عسكريا، وأنه لا بد من الجلوس على طاولة الحوار، ومختلف اللاعبين يدركون ذلك بما فيهم الروس، الذين أطلقوا إشارات مؤخرا عبر القول إن واشنطن هي من تعرقل المفاوضات بين موسكو وكييف، وواشنطن نفسها تؤكد أن لا بديل عن التفاوض لوقف الصراع، لكنها تشدد على ضرورة تحسين شروط موقف كييف التفاوضي".
بدوره، يقول الباحث والخبير بالشؤون الأوروبية ماهر الحمداني، لموقع "سكاي نيوز عربية": "الزيارة عكس ما أعلن عنها كرسالة تضامن ووحدة ووقوف بجانب أوكرانيا وبث الأمل بانضمامها للاتحاد الأوروبي، هي في الحقيقة للتفاوض مع كييف للضغط عليها لقبول صفقة لإحلال السلام ووقف الحرب، التي تلقي بتداعيات كارثية على مختلف بلدان الاتحاد الأوروبي والعالم ككل".
ويضيف الحمداني: "اقتصاد منطقة اليورو على شفا الانهيار، خاصة في حال قطع موسكو إمدادات الغاز عن بلدانها، مما يعني أن الاتحاد الأوروبي ليس بمقدوره قبول ولا تحمل استمرار هذه الاضطرابات الاقتصادية والسياسية والأمنية الحادة التي تخلفها هذه الحرب على القارة العجوز".
ويتابع: "لهذا فإن القادة الثلاث يسعون لإقناع زيلينسكي بقبول صفقة تحفظ لروسيا هيبتها ولا تفرط في نفس الوقت بالمصالح الأوكرانية. وسيقدم الأوكرانيون في المقابل طلبات بزيادة التسليح، وفي مضمار إعادة الإعمار والمساعدات الإنسانية، من أجل الشروع في جولات تفاوض جديدة من موقع أفضل".
ويشير الحمداني إلى أن "روسيا من جانبها عشية هذه الزيارة الثلاثية، باشرت كنوع من ممارسة الضغوط والتلويح بورقة الطاقة في وجه أوروبا، بتقليص إمدادات الغاز المرسلة لها بنسب تصل للنصف، وهي خطوة ضاغطة ومؤلمة جدا على الاقتصادات الأوروبية، خاصة الاقتصاد الألماني".
واستغرق الإعداد لهذه الزيارة أسابيع، إذ يتطلع الزعماء الأوروبيون الثلاثة إلى تخفيف انتقادات داخل أوكرانيا بسبب ردود فعلهم تجاه الحرب.
وتأتي الزيارة الرمزية قبل يوم من إصدار المفوضية الأوروبية توصية بشأن وضع أوكرانيا كمرشح لعضوية الاتحاد الأوروبي، وهو أمر من المقرر مناقشته في قمة للزعماء الأوروبيين يومي 23 و24 يونيو الجاري.
وانتقدت كييف، فرنسا وألمانيا وبدرجة أقل إيطاليا، متهمة الدول الثلاث بـ"التردد في دعمها، والبطء في تقديم الأسلحة وتغليب مصالحها الخاصة على حرية وأمن أوكرانيا".