للهروب من شبح الركود.. دول متقدمة تتجرع مرارة "كبح السيولة"
16:04 - 15 يونيو 2022مع ارتفاع التضخم في اقتصادات أوروبا وأميركا إلى مستويات تاريخية، يتجه مجلس الاحتياطي الفيدرالي والبنك المركزي الأوروبي إلى رفع تكاليف الاقتراض بقوة لتهدئة الإنفاق والنمو، في حين يرى خبراء اقتصاد أن رفع أسعار الفائدة لن يحمي هذه الاقتصادات بل يضعها بين مطرقة التضخم وسندان الركود.
ويؤكد عمرو عبده المحلل المالي والشريك المؤسس لماركت تريد أكاديمي، في حديث لـ "اقتصاد سكاي نيوز عربية" أن أوروبا لديها انكشاف أكبر على أسعار النفط والسلع لاعتمادها بشكل كبير على استيراد السلع الزراعية والنفط التي وصلت أسعارها إلى أعلى مستويات منذ عدة عقود، مشيراً إلى أن هذه السلع ليست مسعّرة باليورو بل بالدولار الذي وصل بدوره إلى أعلى مستوى منذ 20 عاماً ما يضاعف الضغط على موازنة منطقة اليورو ودول الاتحاد الأوروبي.
ويضيف المحلل المالي: "هناك أيضاً تباين كبير بين نسبة الدين مقارنة بإجمالي الناتج القومي في دول أوروبا ما يصعّب على البنك المركزي الأوربي رفع نسبة الفائدة لأن ذلك سيفاقم الوضع المالي للدول المثقلة بالديون ومنها إيطاليا على سبيل المثال".
ويجزم عبده بأن "البنك المركزي الأوروبي والفيدرالي الأميركي في وضع لا يحسدهما أحد عليه فهم بين مطرقة التضخم وسندان شبح الركود الذي بدأت بعض علاماته الأولية تظهر في المؤشرات الاقتصادية مثل أرقام مبيعات المنازل في الولايات المتحدة ومؤشر ثقة المستثمرين في أوروبا".
لكن اختلاف طبيعة الاقتصادين يجعل مهمة الفيدرالي الأميركي أسهل، وفقاً لعبدو الذي أوضح أن أهم ثلاثة أعمدة للاقتصاد الأميركي ما زالت متماسكة وأهمها نسبة متدنية للبطالة وأسعار متماسكة للمنازل وغياب أي تأثير سلبي (حتى الآن) لأسعار البنزين المرتفعة على إنفاق المستهلكين والذي يمثل حوالي 70% من إجمالي الناتج المحلي.
أما بالنسبة لأوروبا، - يتابع عبده – "فمن شبه المؤكد أن اقتصادها سيدخل في مرحلة كساد ولذلك سيتردد البنك المركزي الأوربي كثيراً قبل التفكير برفع سعر الفائدة والذي سيرفع احتمالية حدوث كساد بشكل أكبر".
بدوره، يقول الدكتور راضي السيد عيسى أستاذ الاقتصاد المتخصص في السياسات النقدية وأسواق المال لـ "اقتصاد سكاي نيوز عربية": "يعد سعر الفائدة إحدى الآليات الرئيسية للسياسة النقدية التي تستخدمها البنوك المركزية أو الفيدرالية للتأثير في الطلب الكلي وخاصة الإنفاق الاستهلاكي، وقد استخدمته العديد من البنوك مثل الفيدرالي الأميركي الذي يمر اقتصاده بأكبر موجه من التضخم لم يشهدها منذ ثمانينيات من القرن الماضي، حيث اتخذ إجراءً برفع سعر الفائدة على الدولار كوسيلة لامتصاص السيولة والحد من الطلب الاستهلاكي بما يسهم في الحد من موجة التضخم التي يتعرض لها الاقتصاد الأميركي والاقتصاد العالمي ككل".
ويلفت الدكتور عيسى إلى أهمية "توخي اقتصادات أوروبا وأميركا الحذر، وألا تعول على امتصاص السيولة والحد من الطلب الاستهلاكي لكبح الضخم في الأجل الطويل، لما لهذه الآلية من تأثير سلبي على الاستثمار ينعكس بدوره على النشاط الاقتصادي وبالتالي رفع معدل البطالة، ما يعني دخول هذه الاقتصادات في موجه من الركود التضخمي".