"بوصلة الجزائر" تتجه نحو إفريقيا لكسب رهان الصادرات
19:21 - 11 يونيو 2022تتأهب الجزائر للدخول إلى أسواق منطقة التجارة الحرة الإفريقية بداية من يوليو المقبل، في ظل توجه قائم على تشجيع الاستثمارات وتصدير المنتجات المحلية، في إطار خطة لتنويع الاقتصاد، وسط آمال برفع الصادرات خارج المحروقات إلى 7 مليارات دولار في 2022.
ومن أجل تركيز التواجد الاقتصادي على الساحة الإفريقية، عملت الجزائر على إطلاق عدة إجراءات كالتوقيع سنة 2018 على اتفاق الانضمام إلى منطقة التجارة الحرة الإفريقية الذي سيسمح لها بتعزيز التبادلات التجارية مع 54 دولة.
وتمثلت خطواتها أيضا في فتح معابر برية حدودية لتسهيل تجارة "المقايضة"، وتشغيل خط بحري تجاري مع موريتانيا لتعزيز تواجد المنتوجات الجزائرية في غرب إفريقيا، إضافة إلى فتح خطوط جوية جديدة نحو عواصم إفريقية، والتوجه نحو إنشاء فروع للبنوك في بعض دول القارة التي تستقبل السلع الجزائرية من أجل مرافقة المصدرين الجزائريين.
الانطلاقة من كيغالي
وقعت الجزائر على اتفاق منطقة التجارة الحرة الإفريقية خلال أشغال القمة الاستثنائية للاتحاد الإفريقي بكيغالي العاصمة الرواندية سنة 2018، فيما صادقت بصفة رسمية على الاتفاق ذاته في مايو 2021.
ومن أبرز ما يهدف إليه هذا الفضاء: خلق سوق موحدة للسلع والخدمات ميسرة بتنقل الأشخاص من أجل تعميق التكامل الاقتصادي للقارة الإفريقية وفقاً للرؤية الإفريقية المتمثلة في “إفريقيا متكاملة ومزدهرة ومسالمة" كما وردت في أجندة 2063.
وتعتبر منطقة التجارة الحرة الإفريقية سوقا واعدة بضمها، بحسب أرقام منشورة، 1.2 مليار نسمة وبقيمة 3000 مليار دولار أميركي، وناتج محلي إجمالي يعادل 2500 مليار دولار، ما يحولها إلى فضاء مهم لأي دولة إفريقية تبحث عن تعزيز تواجدها الاقتصادي في ربوع القارة، وفي ظل منافسة قوية بين كبرى الاقتصاديات الدولية للتوغل فيها.
وتشير الأرقام الرسمية في السنوات الأخيرة إلى أن نسبة المبادلات التجارية بين الجزائر والدول الإفريقية لم تتجاوز 5 بالمائة في 2020، وخلال سنة 2017 كانت نسبة المبادلات التجارية مع الدول الإفريقية في حدود 3.7 بالمائة ثم ارتفعت إلى 4 بالمائة في 2018 و4.5 بالمائة في 2019.
ويرى الخبير في الاستثمارات والمحلل الاقتصادي، عبد القادر سليماني أن "الجزائر ترى من خلال ولوجها لمنطقة التجارة الحرة الإفريقية قاطرة لتدعيم التجارة الخارجية وإيجاد مكانة للمنتجات المحلية من المواد الغذائية، التحويلية ومواد شبه الطاقوية داخل أسواق القارة".
ويوضح سليماني في حديث لموقع سكاي نيوز عربية أنه "بإمكان الجزائر إفادة البلدان الإفريقية اقتصاديا بالنظر إلى إمكانياتها الزراعية الهائلة وتجربتها الفريدة من نوعها في تجارة المقايضة الحدودية، إضافة إلى شركاتها الناشئة التي يمكن من خلالها تصدير الخدمات التكنولوجية والابتكار".
وتابع الخبير في مجال الاستثمارات في معرض تحليله قائلا إن "الجزائر تخطط للوصول إلى رقم 7 مليار دولار من الصادرات خارج المحروقات، وكذلك تهدف للخروج من 3 مليار دولار من المبادلات التجارية مع إفريقيا لبلوغ 6 أو 7 مليار دولار في آفاق 2023-2024 والعمل على جذب المزيد من الاستثمارات الإفريقية والعربية".
بنوك جزائرية في إفريقيا
ومن بين القرارات التي خرج بها مجلس الوزراء الجزائري المنعقد يوم الأحد الماضي، والذي خصص لدراسة عدة مشاريع قوانين: الموافقة على استراتيجية فتح الوكالات البنكية بالخارج، لاسيّما في الدول الإفريقية.
وقد ظلت مسألة فتح فروع مصرفية في الخارج قضية مطروحة في السنوات الأخيرة، خاصة على مستوى الدوائر الاقتصادية لأنها بقت من أبرز مطالب المتعاملين الاقتصاديين الباحثين عن المزيد من تذليل العقبات فيما يخص التعاملات المالية والبنكية.
وفي هذا السياق، ثمن خبراء في التجارة ومتعاملون اقتصاديون هذه الخطوة المهمة التي تندرج في إطار مرافقة المصدرين المحليين ورجال الأعمال، معتبرين في الوقت ذاته بأنه إجراء سيسهل من الاندماج الاقتصادي للجزائر في القارة الإفريقية.
ويرى الخبير في المالية، بوبكر سلامي، أن قرار إنشاء فروع لبنوك جزائرية بالخارج، خاصة في دول إفريقية لا يمكن تفسيره إلا عبر القول إن "البوصلة الاقتصادية للجزائر أصبحت تميل باتجاه الجنوب أي نحو عمقها الإفريقي".
وأوضح بوبكر سلامي في حديث لسكاي نيوز عربية" أن هذه الخطوة المنتظرة منذ سنوات "من شأنها مرافقة المصدرين والمستثمرين الجزائريين بما أن هذا هو الدور الأساسي للمؤسسات المالية التي ستعمل على تحقيق أرباح لفائدة الاقتصاد الوطني".
ويعتقد المتحدث ذاته أن الجزائر بإمكانها الاعتماد على مقوماتها من خطوط النقل عبر السكك الحديدية وإمكانياتها الطبيعية وموقعها الجغرافي الاستراتيجي كبوابة للقارة، وكذلك الاستثمار في علاقاتها الدبلوماسية الممتازة مع جميع الأطراف من أجل الدفع بالتعاون مع إفريقيا، وقد بينت بحسب سلامي "تجارة المقايضة" إلى أي مدى يمكن الاستفادة والشراكة البينية خاصة مع دول الساحل الإفريقي.