خبراء: معظم الدول ستدفع ثمن قرار الحظر الأوروبي لنفط روسيا
18:17 - 09 يونيو 2022يرى خبراء طاقة أن أوروبا وافقت على حظر واردات النفط الروسي على الرغم من إدراكها أن اتخاذ هذا القرار سيحتم عليها تحمل الألم الخسائر في المرحلة المقبلة، مشيرين إلى أن الدول التي تشتري نفط روسيا مثل الصين والهند ستكون المستفيد الأول من القرار الأوروبي، بينما سيدفع الثمن معظم دول العالم بسبب ارتفاع أسعار النفط.
ويؤكد عامر الشوبكي الباحث المتخصص في شؤون النفط في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية" أن قرار الحظر الأوروبي كان منتظراً منذ بداية الحرب الروسية على أوكرانيا، لكن الصعوبة كانت في إحلال البدائل مكان النفط الروسي، وكذلك عدم التسبب في رفع أسعار النفط وبالتالي عدم تعزيز الأسباب التي تؤدي إلى رفع معدلات التضخم الذي يعاني من تبعاته سواء قادة أوروبا أو معظم دول العالم.
وتعتمد أوروبا على النفط الروسي بنسبة تتراوح بين 25% و27% وبالتالي كانت روسيا أكبر مورد للنفط إلى أوروبا، بكلف نقل قليلة عبر الأنابيب وموانئ البحر الأسود وبحر البلطيق، بحسب الشوبكي، الذي أوضح أن الحاجة الاستراتيجية للقارة لأوروبية، كما يصرح القادة الأوروبيون، تحتم عليهم تحمل الألم وبعض الخسائر في المرحلة المقبلة نتيجة إصرارهم على حرمان روسيا من الأموال الأوروبية التي كانت تدخل الخزانة الروسية وربما أيضاً تسهم في الحرب على أوكرانيا.
وبهدف تعويض النقص في صادرات روسيا من النفط إلى أوروبا، توقع الشوبكي أن تتضاعف الكميات التي كانت تحصل عليها أوروبا من داخل الاتحاد الأوربي مثل رومانيا وإيطاليا، ومن خارجه مثل النرويج التي تعد مصدراً رئيساً للنفط الأوروبي، وكذلك من الولايات المتحدة والسعودية وليبيا والجزائر والعراق، كما أشار الشوبكي إلى أن الإمارات أيضاً دخلت على الخط وبدأت تتحرك شحناتها باتجاه أوروبا.
ويضيف الشوبكي: "فكما استخدم الروس سلاح الغاز ضد الأوروبيين بسبب عدم قدرتهم على الاستغناء عن الغاز الروسي على المدى القصير ربما يستطيع الأوروبيون استخدام سلاح النفط ضد روسيا كون النفط يشكل ثلثي واردات الخزانة الروسية من الطاقة، في حين تشكل الطاقة بشكل عام (النفط والغاز) 45 إلى 50 % من واردات الخزانة".
بدوره، يقول الخبير الاقتصادي وضاح الطه في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية": "اتفقت أوروبا على حظر 90% من واردات النفط الروسي خلال ستة أشهر دون وجود بدائل حقيقية، ولكنها ربما تعول على خيارات أخرى لتعويض احتياجاتها من المنتجات النفطية، وعلى الرغم من أن أوبك+ وبالاتفاق مع روسيا رفعت إنتاجها 50% أكثر مما كانت متفقاً عليه من 432 ألف برميل الى 648 ألف برميل، فهي تدرك أنه لا يمكن تعويض غياب النفط الروسي، ولا يوجد أحد قادر على تعويضه بالكامل".
ويضيف الطه: "في الـ 24 يوماً الأولى من شهر مايو 2022 بلغ متوسط صادرات روسيا عبر البحر من النفط الخام والمكثفات 3.6 مليون برميل يومياً وهذه المستويات في الحقيقة نفس مستويات عام 2019 قبيل أزمة كورونا وأعلى من متوسط الصادرات خلال الجائحة التي كان متوسطها 3 مليون برميل، وعلى الرغم من زيادة أوبك+، فإن أسواق النفط لم تستجيب للزيادة الإضافية التي يفترض أن تهدئ الأسعار، فارتفع خام برنت فوق مستويات 120 دولار للبرميل".
أما عن ردة الفعل الروسية تجاه القرار الأوروبي، يؤكد الطه أن روسيا بدأت برفع صادراتها الى الصين والهند مقدمة لهم خصومات تاريخية غير مسبوقة تصل الى 40 دولار للبرميل أي اقل من سعر خام برنت القياسي، ففي شهر مايو 2022 تجاوز معدل صادرات الخام الروسي إلى الهند 840.6 ألف برميل يومياً بزيادة 116% عن المعدل اليومي لصادرات شهر أبريل وبزيادة تفوق الـ 514% عن المعدل اليومي لصادرات مايو من العام الماضي، ومن المتوقع ان تتجاوز صادرات الخام الروسي إلى الهند خلال شهر يونيو 2022 المليون برميل يومياً".
وختم الطه بأن أوروبا تدفع ثمناً باهظاً جراء تقليص وحظر واردات الغاز والنفط الروسية، تكلفها المليارات بسبب ارتفاع تكلفة الطاقة التي ستؤثر على النمو الاقتصادي والمستوى المعيشي للسكان.
من جهتها، تجزم الدكتورة نيفين حسين شمت المختصة بالشؤون الاقتصادية الدولية، أن المواطن بالنهاية سوف يدفع ثمن قرار الحظر الأوروبي المفروض على النفط الروسي، مرجحة أن يؤدي الحظر إلى ارتفاع عالمي في أسعار الطاقة، ما سيكون له أثر كبير على دول الاتحاد الاوروبي بالدرجة الأولى، حيث سيواجه أفراد المجتمع في معظم البلدان ارتفاع التكلفة الإجمالية للمعيشة، كما انه سيؤدى إلى إجبار الحكومات على إبقاء الإنفاق المالي مرتفعاً وزيادة مخاطر الاضطرابات الاجتماعية ما سيشكل عبئاً على الحكومات الأوروبية.
ولتقييم تداعيات قرار الحظر الأوروبي، يجب الأخذ في الاعتبار، وفقاً للدكتورة شمت، مدى استجابة موسكو للقرار والإجراءات العقابية الأخرى في الحزمة الجديدة للاتحاد الأوروبي، ففي حالة نجاح فرض العقوبات وحظر الاستيراد ضد روسيا، فهذا يعني انخفاضاً في العرض العالمي وارتفاع أسعار النفط، ما سيجبر روسيا على بيع نفطها الى الصين والهند وبأسعار أقل من سعر السوق وهذا سيؤدى مرة أخرى الى انخفاض الأسعار والوصول إلى الأسعار التنافسية وفي النهاية ستظل الأسعار مرتفعة طالما العالم في حالة عدم استقرار سياسي".
يشار إلى أن الاتحاد الأوروبي استحوذ على 45% من صادرات روسيا من الخام والمنتجات النفطية بنهاية عام 2021، قبل حربها على أوكرانيا، كما استورد الاتحاد الأوروبي 2.2 مليون برميل يوميًا، بما يعادل 29% من النفط الخام الروسي في 2021، وبذلك فإن الاتحاد الأوروبي كان الأكثر استيرادًا للنفط الروسي.