كيف صارت فرنسا الوجهة الأولى أوروبيا في جذب الاستثمارات؟
23:29 - 07 يونيو 2022للعام الثالث على التوالي، ظلت فرنسا أكثر البلدان الأوروبية جاذبية للشركات الأجنبية بحسب آخر تقرير لشركة الحسابات اللندنية "أيرنست آند يونغ" عن التدفقات الاستثمارية في أوروبا خلال العام الماضي، الذي نشر في 31 مايو الماضي.
واستطاعت فرنسا توسيع الفجوة مع المملكة المتحدة التي ما زالت في المركز الثاني وألمانيا في المركز الثالث بعد أن جذبت حوالي 1222 مشروعًا في عام 2021 مقارنة بالمملكة المتحدة التي حظيت بـ 993 مشروعا فقط فيما لم تتجاوز ألمانيا 841 استثمارا أجنبي.
وبذلك حققت فرنسا انتعاشة اقتصادية من حيث الاستثمارات الأجنبية بأكثر من 24 في المئة مقارنة بعام 2020 وب 2 في المئة مما كان عليه الحال في عام 2019.
لكن، وبحسب التقرير، تجذب البلاد مشاريع استثمارية أصغر من جيرانها وأقل توظيفا. وفي المتوسط، يؤدي كل مشروع إلى خلق 38 وظيفة في فرنسا، مقابل 45 في ألمانيا أو 68 في المملكة المتحدة. كما أن هناك عددا أقل من المشاريع الجديدة والمزيد من الفروع التي تمثل حوالي ثلثي الاستثمارات. ولهذا ما زالت فرنسا تكافح من أجل جذب المقرات الرئيسية للشركات الأجنبية.
كيف تفوقت فرنسا على الأمم المتحدة؟
ويعتبر المحلل الاقتصادي، ريمي بورجو في تصريحه لموقع "سكاي نيوز عربية" أن مؤشر جذب الاستثمارات الأجنبية "يظل محدودا ولا يرمز بالضرورة إلى صحة المجال الاقتصادي الفرنسي عامة ولا حتى التطور الصناعي.
ويوضح "لا تعكس الجاذبية النمو والتطور والتنافسية. ورغم أنها علامة جيدة إلا أنها ليست معطى يقرر التوجه الاقتصادي للبلاد".
ويرى المحلل الاقتصادي أن هذا التفوق في جذب رأس المال الأجنبي خصوصا في الأعوام الثلاثة الأخيرة، "راجع بالأساس إلى جودة البنيات التحتية الاقتصادية واللوجستية والسياسة الفرنسية المتبعة المتعلقة بتكلفة العمالة المنخفضة بالمقارنة مع المنافسين الأوروبيين، بالإضافة إلى توفر فرنسا على كفاءات عالية في المجال التكنولوجي".
وكانت المملكة المتحدة تسيطر على الاستثمارات الأجنبية المباشرة في أوروبا لمدة 18 عامًا إلا أنها فقدت مكانتها للمرة الأولى في عام 2019 بسبب قرار "البريكست" وتضرر الشركات من نتائج تلك الخطوة على الاتفاقيات التجارية بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، فيما تعاني ألمانيا من غلاء كلفة الإنتاج مما ساعد على ميل الكفة لصالح فرنسا التي حررت سوق العمل وخفضت الضرائب على الشركات بحسب ما يفسر خبراء "أيرنست آند يونغ".
من أين تأتي هذه الاستثمارات الأجنبية؟
في عام 2021 ، تم تسجيل 63 في المئة من مشاريع الاستثمار من الشركات الأوروبية. وتمثل الشركات القادمة من الولايات المتحدة 19 في المئة منها، وهي نسبة مئوية منخفضة مقارنة بعام 2020 الذي سجل نسبة 22 في المئة، تليها ألمانيا والولايات المتحدة متفوقة على بلجيكا وسويسرا.
في المقابل، يقول بورجو "تسمح هذه الاستثمارات الأجنبية على العموم، بتشغيل اليد العاملة وتحريك المياه الراكدة في المقاولات الصغرى وشركات التعاقد. ويبقى تأثيرها على الاقتصاد الفرنسي مختلفا وفقا لطبيعتها. هل هي استثمارات تكنولوجية تحتاج لعدة أطر وكفاءات أم استثمارات لوجيستية فقط؟".
ويختم حديثه بالتشديد على أنه "يجب الانتباه إلى عدم الوقوع في فخ التركيز على جذب الاستثمارات ورؤوس الأموال الأجنبية دون السعي إلى تطوير الصناعات المحلية والمقاولات الخاصة الفرنسية والرفع من قدرتها على المنافسة عالميا وأوروبيا".
وفور صدور التقرير، كتب الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون تغريدة على تويتر قائلا: "دعونا نفخر بأن المستثمرين من جميع أنحاء العالم يختارون فرنسا. لخلق فرص عمل على ترابنا، لإطلاق أو تعزيز-في كل مناطقنا- المشاريع الصناعية والاستراتيجية الأساسية لمواجهة تحديات الغد".