رغم "مليارات النفط".. شبح "تقشف وشيك" يخيّم على العراق
12:07 - 03 يونيو 2022رغم الوفرة المالية "التاريخية" التي يحققها العراق من جراء مبيعات النفط، تصاعدت التحذيرات مؤخرا من حالة تقشف قد تشهدها البلاد في ظل غياب الموازنة المالية السنوية للعام الجاري، لأسباب عدة.
ويجني العراق شهريا مبالغ ضخمة من مبيعات النفط، إذ حقق أكثر من 11 مليار دولار في مايو الماضي، بينما بلغت عائدات أبريل أكثر من 10 مليارات دولار.
إلا أن غياب الحكومة التي يسمح لها بالتصرف الكامل بتلك الأموال، يمثل عائقا أمام الاستثمار الأمثل لعائدات النفط واستغلالها في القطاعات والمشاريع المهمة للمواطنين.
وتسببت الخلافات بين الكتل السياسية منذ إجراء الانتخابات النيابية في العاشر من أكتوبر الماضي، في الحيلولة دون تشكيل حكومة جديدة، بينما تمنع القوانين العراقية الحكومة الحالية من التصرف بتلك الأموال باعتبارها "حكومة تصريف أعمال".
ارتفاع الأسعار... والحل الزمن الجميل والرياضة
وفي مسعاه لمواجهة الوضع المتأزم، يسعى البرلمان العراقي إلى تشريع قانون "الدعم الطارئ" الذي تضمن إنفاق مبالغ على عدة قطاعات، لتدارك عدم تشريع قانون الموازنة المالية، لكن الخلافات السياسية أيضا أخرت هذا القانون باعتباره جاء بدعم من تحالف "إنقاذ الوطن" بزعامة مقتدى الصدر، فيما عارض "الإطار التنسيقي" برئاسة نوري المالكي القانون.
مخاطر محتملة
وفي غمرة هذا النزاع، شدد مظهر محمد المستشار الاقتصادي لرئيس الحكومة العراقية على ضرورة تمرير قانون الدعم الطارئ، محذرا من حالة من التقشف في حال عدم إقراره.
وقال صالح في تصريح تلفزيوني، إن "مقترح قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية مهم جدا في توفير البطاقة التموينية، وتعزيز المخزون الاستراتيجي، فضلا عن الحاجة لتوفير تخصيصات لدفع مستحقات الفلاحين، إضافة إلى توفير كلفة المشتقات النفطية المستوردة".
وحذر صالح من "حالة التقشف والضائقة المالية والتضخم الذي يعتبر ظاهرة خطيرة، في حال عدم تمرير مقترح القانون"، الذي وصفه بأنه "حزمة إنفاق إنقاذية لتقليل أي مخاطر محتملة".
وأكد أن "أسعار الوقود والغاز والسكر والحبوب ارتفعت بنسبة 40 بالمئة مقارنة بالعام الماضي، مما يعزز الحاجة لتوفير مفردات البطاقة التموينية بسبب ارتفاع نسبة الفقر".
ولجأت قوى "الإطار التنسيقي" إلى الطعن بهذا القانون أمام المحكمة الاتحادية، باعتباره جاء من حكومة تصريف الأعمال التي لا يحق لها تقديم مشاريع القوانين، مما دفع البرلمان إلى تبني مشروع القانون وإعادة قراءته من جديد، وتقديمه من قبل اللجنة المالية في المجلس.
وعطل الانسداد السياسي تقديم مشاريع القوانين إلى البرلمان لتشريعها، ومنها قانون الموازنة العامة للعام الجاري الذي يرتبط بالعديد من المشروعات الاقتصادية والتنموية بتمويل الحكومة من الموازنة السنوية، يضاف إلى ذلك التأثيرات السلبية الواسعة على حياة المواطنين.
وكان من المفترض أن يشرع البرلمان السابق قانون موازنة عام 2022، لكن إجراء الانتخابات المبكرة وعدم تشكيل حكومة جديدة بعد، منع تشريع الموازنة، ما أثار قلق الأوساط الشعبية خاصة مع تزايد حجم الأزمة الاقتصادية التي يعيشها العراق.
وتسبب هذا الوضع بتأخر مستحقات الفلاحين وتعطيل تغطية بطاقة التموين وتوقف المشاريع الاستثمارية التي تشغل اليد العاملة، فضلا عن توقف المشاريع الجديدة التي هي بحاجة إلى إدراج في الموازنة المالية، فيما بقيت الحكومة الحالية بصلاحيات مقيدة لتسيير الأمور اليومية، وهو ما يحذر منه خبراء اقتصاديون، خاصة أن 5 أشهر انقضت من السنة المالية الحالية.
وفي هذا السياق، يرى الباحث في الشأن الاقتصادي سرمد الشمري، أن "الوفرة المالية الحالية بحاجة إلى استثمار سريع متوسط وقصير المدى بهدف ضخ أكبر كمية من الأموال في الأسواق، لتحريكها والقضاء على البطالة التي تفشت في صفوف الشباب، حيث يعتمد قطاع واسع منهم، على الأعمال اليومية في البناء والمشاريع الاستثمارية مع المقاولين الثانويين".
وأوضح الشمري في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "الفئات الهشة لن تكون قادرة على تحمل هذا الوضع، مما يستدعي وضع معالجات سريعة مثل تشريع قانون الدعم الطارئ وإنقاذه من الخلافات السياسية، أو تصويت البرلمان بالسماح للحكومة الحالية بإرسال قانون الموازنة، وهو خيار يبدو مقنعا".