الشراكة الصناعية.. طرح إماراتي ودرع ثلاثي لصد مخاطر الأزمات
01:18 - 30 مايو 2022شكل إطلاق الشراكة الصناعية التكاملية بين الأردن والإمارت ومصر، خطوة مميزة ونقلة نوعية تعد نواة لعمل جماعي في استباق الأزمات المتسارعة في المشهد الاقتصاد العالمي، وفي ظل تحديات محدقة بدول العالم أبرزها تعطل سلاسل توريد السلع، وتحديات أخرى متصلة بتأمين إمدادات الطاقة والغذاء والدواء على مستوى العالم.
جرى طرح المبادرة الريادية من قبل رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولاقت التأييد من العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، في لقاء قمة جمع القادة الثلاثة في القاهرة في شهر رمضان الماضي.
كان اللافت أن هذه المبادرة التي دشنت مرحلتها الأولى في العاصمة الإماراتية أبوظبي، ترسخ لنواة جديدة في الشراكات الاقتصادية في المنطقة وتفتح الباب لانضمام دول أخرى لهذه الشراكة التي يتوقع لها أن تتحول إلى تكامل أكثر شمولا في قطاعات اقتصادية أخرى.
تكمن أهمية الخطوة الجديدة في أنها تضع نهجا جماعيا في المواجهة مع أزمات غذائية وصحية واقتصادية تتهدد العالم، وترفع بارقة أمل في حشد الموارد والتكاتف الإقليمي في المواجهة مع معطيات عالمية بالغة التعقيد ليس أقلها الأزمة الأوكرانية، وتواصل تداعيات جائحة كورونا، وتعطل سلاسل توريد السلع، وارتدادات القلق من تفشي أمراض جديدة قد تتصاعد مخاطرها.
لم تلبث دولة الإمارات بدعم مباشر من قيادتها أن سجلت مؤشرات قياسية تعد بين الأسرع عالميا في التعافي الاقتصادي من جائحة كورونا، حتى شرعت وبأفكار قيادتها أيضا بخطوات عملية تستهدف استباق الأزمات المتوقعة والعمل الجماعي وحشد الخبرات والميزات التنافسية في الإقليم، لتبدأ الخطوة المهمة من قطاع الصناعة شديد الارتباط بالتكنولوجيا المتقدمة والذكاء الاصطناعي والذي يشكل واحداً من أبرز مرتكزات اقتصاد المستقبل، وبما تزخر به الدول الثلاث من طاقات بشرية وثروات طبيعية وكفاءات عالية المهارة والتدريب.
وتعول الدول الثلاث بما تتمتع به من روابط تاريخية وسياسية عميقة، على هذه الشراكة الصناعية لتكون اللبنة الأشد صلابة في دعم مسيرة النمو المستدام للقطاع الصناعي بما يدفع عجلة التقدم نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي وتعزيز الأمن الغذائي والصحي وتكامل سلاسل القيمة وتوفير فرص عمل جديدة تعزز النمو الاقتصادي المستدام.
تتركز الشراكة على الاستثمار في 5 قطاعات صناعية تشمل الزراعة والأغذية والأسمدة والأدوية والمنسوجات والمعادن والبتروكيماويات، لتعزيز التنمية الاقتصادية وتحقيق التكامل الصناعي وتكامل سلاسل القيمة بين الأردن والإمارات ومصر.
وتتعزز الشراكة من خلال الاستفادة من المزايا الصناعية في الدول الثلاث، وتطوير مجالاتها لتحقيق الأهداف الاستراتيجية المشتركة والتي تشمل النمو المستدام، وتطوير صناعات تنافسية ذات مستوى عالمي، وتعزيز قطاعات التصنيع ذات القيمة المضافة، إلى جانب توفير سلاسل توريد مضمونة ومرنة وتعزيز نمو سلاسل القيمة والتجارة وتكاملها بين الدول الثلاث.
يستهدف التكامل الصناعي المنشود بين الدول الثلاث، إحلال الواردات وتعزيز نمو الصناعات الحيوية بناءً على التكامل بين المزايا والموارد والخبرات لدى كل دولة إضافة إلى تعزيز الشراكات القائمة بين الشركات الرائدة في الدول الثلاث وتنويع الصناعات وربطها بسلاسل القيمة المشتركة وخفض تكاليف الإنتاج.
تتطلع الشراكة إلى تحقيق 5 أهداف استراتيجية مشتركة تتمثل في السعي لتحقيق نمو قائم على الاستدامة وتحقيق سلاسل توريد مضمونة ومرنة وتطوير صناعات تنافسية ذات مستوى عالمي وتعزيز قطاعات التصنيع ذات القيمة المضافة وتعزيز نمو وتكامل سلاسل القيمية والتجارة بين البلدان الثلاثة.
حققت الدول الثلاث قفزات نوعية في المجالات الصناعية، تمثلت في تخطي قيمة الصادرات الصناعية الإماراتية قيمة 32.7 مليار دولار عام 2021 فيما تخطت نسبة الصادرات الصناعية في الأردن على سبيل المثال معدل 93% من إجمالي الصادرات الأردنية في نفس العام كما تصل الصادرات الأردنية إلى أكثر من 140 دولة حول العالم في حين تقدر حصة القطاع الصناعي في السوق الأردني بحوالي 43% وشكلت الصناعة 80% من تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر للمملكة في العقد الماضي.
أما في مصر فقد حقق قطاع الصناعة معدل نمو 6.5% خلال العام المالي 2020/2021، كما بلغت مساهمة الناتج الصناعي حوالي 17% في الناتج المحلي الاجمالي فيما بلغت قيمة الناتج الصناعي 53 مليار دولار لنفس العام المالي، كما بلغت قيمة الصادرات السلعية 32.34 مليار دولار في 2021 بنسبة زيادة 27%.
تأتي الشراكة الجديدة امتدادا للعلاقات الاقتصادية القوية بين الإمارات ومصر من جانب والإمارات والأردن من جانب آخر، كما تتماشى مع رؤية الإمارات لتعزيز دور القطاع الصناعي وربطه بالتكنولوجيا باعتباره واحدا من أهم المكونات الاقتصادية ويحظى باهتمام الحكومة التي تسعى لجذب الاستثمارات الخارجية إليه، واستقدام التكنولوجيا الحديثة التي ترفده بعوامل التنافسية مع القطاعات الصناعية العالمية.
كما تعد هذه الشراكة منصة للتعاون المستقبلي وترتكز على تعزيز الانفتاح وتطوير الصناعة وتبادل المنافع الاقتصادية، وتبادل الخبرات، وتعد أساسا لإقامة المشاريع الصناعية الكبيرة المشتركة، مما يساهم في توفير فرص العمل وتعزيز نمو الناتج المحلي وتنويع الاقتصاد وتحقيق نموا قويا في الصادرات.