تحذيرات من "الفخ".. غضب روسي لانضمام فنلندا والسويد للناتو
08:15 - 19 مايو 2022تثير خطوة ترشيح فنلندا والسويد للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو)، غضبًا وانتقادات واسعة من روسيا، معتبرة إياها بـ"القرار الخاطئ" الذي سيكون له الكثير من التداعيات.
وتقدمت فنلندا والسويد أمس الأربعاء، بطلبين رسميين للانضمام إلى حلف الناتو، وسط توقعات بأن تستغرق عملية الانضمام بضعة أسابيع.
ومنذ اللحظة الأولى لإعلان هلسنكي وستوكهولم عزمهما الانضمام للحلف، كان تهديد موسكو شديد الصرامة، بأن ذلك سيؤجج التوتر العسكري في أوروبا.
وذكرت الخارجية الروسية أنه يتعين على الغرب "ألا تكون لديه أي أوهام" عن أن موسكو قد تغض الطرف ببساطة عن توسع الناتو في منطقة شمال أوروبا ليشمل السويد وفنلندا.
وقال نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، إن "المستوى العام للتوتر العسكري سيرتفع، كما أن القدرة على التوقع في مثل تلك الأجواء ستقل. من المؤسف أن المنطق السليم يتم التضحية به مقابل افتراضات وهمية عما يجب فعله في هذا الموقف الآخذ في التكشف".
ودفعت العملية العسكرية التي شنتها روسيا في أوكرانيا، إلى تغيير تاريخي في موقف فنلندا والسويد بشأن الانضمام لحلف "الناتو"، بعدما بقيت هلسنكي محايدة خلال الحرب الباردة، في مقابل تأكيدات من موسكو بأن القوات السوفياتة لن تغزو أراضيها.
القلق لا الحرب
وبشأن أسباب الغضب الروسي والرد المتوقع، قال مدير الاستراتيجيات والتسليح بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية ومقره لندن، والمسؤول السابق في الناتو، وليام ألبيركي، إنه لا يتوقع ردًا عسكرياً من موسكو في خضم إنهاء فنلندا والسويد إجراءات الانضمام للناتو.
وأضاف ألبيركي في حديث خاص لموقع "سكاي نيوز عربية": "أعتقد أن روسيا ستقول إنها تنشر صواريخ كروز إضافية ذات قدرة نووية وتقليدية، وربما بعض الصواريخ الباليستية، بالإضافة إلى بعض الرؤوس الحربية النووية الإضافية في منطقتي سانت بطرسبرغ وكالينينغراد، وليس أكثر من ذلك".
ولم يكن الموقف الروسي بعيدًا عن البلدين عند عزمهما الانضمام للحلف، فبحسب "ألبيركي" فإن فنلندا والسويد قد أجريتا تعديلات بالفعل لأخذ ذلك في الاعتبار، كما أن روسيا ليس لديها في الوقت الحالي القوات المتاحة للضغط على فنلندا والسويد، بسبب الحرب المستمرة في أوكرانيا.
وتابع: "إنهم ببساطة لا يملكون القوات، وهذا هو السبب في أن تصريح بوتن بالأمس كان منخفضًا لتزويده بغطاء للرد في وقته".
وأفاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتن أمس، أن توسيع الناتو ليشمل فنلندا والسويد "لا يشكّل تهديدا مباشرا لنا.. لكن توسيع البنى التحتية العسكرية في أراضي هذه الدول سيدفعنا بالتأكيد إلى الرد".
ومع ذلك، أوضح المسؤول السابق في الناتو أن خطوة فنلندا والسويد سوف تسبب بعض القلق لفترة، لكن في النهاية ستقلل من فرصة الحرب.
وقال: "سترى روسيا أنه لم يعد من الممكن التخطيط لاستراتيجية ناجحة لمهاجمة دول البلطيق، وعلى الأرجح ستحول انتباهها إلى مناطق أخرى حيث هناك حاجة ماسة لقواتها التقليدية في أوكرانيا، أو على المدى الطويل في القوقاز وآسيا الوسطى والشرق الأقصى".
فخ غربي
بدوره، أوضح الباحث المتخصص في الشؤون العسكرية بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية محمد منصور، أن من بين الأهداف الرئيسية للعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، كان الحيلولة دون انضمام كييف إلى حلف الناتو، وإرسال رسالة شديدة اللهجة إلى أي دولة أخرى في شرق أوروبا تريد الانضمام لهذا الحلف، وبالتالي شكَّل طلب السويد وفنلندا في هذا التوقيت، ضربة قوية لموسكو التي تجد نفسها أمام احتمالية قوية لتوسع الناتو قرب حدودها بشكل أكبر مما كان الحال عليه قبل بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.
لكن من ناحية أخرى، يشير "منصور" في تصريحات لـ"سكاي نيوز عربية"، إلى إمكانية اعتبار هذه الخطوة بمثابة "فخ غربي يتم نصبه لموسكو"، يتم فيه استثمار التباطؤ المتزايد في وتيرة العمليات العسكرية الروسية في الجبهتين الشرقية والجنوبية في أوكرانيا.
وأضاف: في الواقع، فموسكو فشلت حتى الآن، في تحقيق الأهداف الميدانية التي كانت تستهدفها في المرحلة الأولى من العمليات، الأمر الذي دفعها لتقليص هذه الأهداف وتعديلها لتصبح مقتصرة على السيطرة على كامل إقليم دونباس.
ولفت إلى أن هذا الفخ تحاول القوى الغربية من خلاله جر موسكو لردة فعل ميدانية مكلفة، قد تفاقم من التغيرات الدراماتيكية الحالية في الموقف العسكري الروسي في أوكرانيا، في ظل تدفق الأسلحة والمنظومات القتالية النوعية على كييف.
في حين ترى موسكو من جانبها، في دخول الجيشين السويدي والفنلندي إلى المعادلة الأمنية لحلف الناتو في شمال أوروبا، بمثابة دفعة قوية لهذه المعادلة، وتهديد أساسي للوجود الروسي في منطقة بحر البلطيق، بالنظر إلى أن فنلندا تشترك مع روسيا في حدود ممتدة، وفق محلل الشؤون العسكرية.
وتشترك فنلندا مع روسيا في حدود يبلغ طولها أكثر من 1330 كيلومترا، هي الأطول لدولة في الاتحاد الأوروبي مع موسكو، ومع ذلك فقد بقيت محايدة خلال الحرب الباردة.
وشدد منصور على أن كل هذه الأمور تضع ضغوطاً عسكرية وسياسية أكبر على روسيا، التي ستجد نفسها مضطرة للرد بشكل قوي على هذه الخطوة، وتخصيص وحدات عسكرية أكبر للتمركز على الحدود مع فنلندا.
وحذَّر بوتن من أن موسكو ستتخذ إجراءً إذا قرر الحلف نقل المزيد من القوات أو المعدات إلى أراضي البلدين بعد انضمامهما إليه، وهي خطوات استبعدتها كل من فنلندا والسويد بالفعل، لكنه قال إن توسع الحلف في حد ذاته لا يمثل تهديداً.