"بائعو المعلومات" هدف أوكرانيا.. كيف تجنَد روسيا جواسيسها؟
04:26 - 18 مايو 2022تشن الأجهزة الأمنية بأوكرانيا حملة واسعة في كافة المدن لضبط جواسيس تابعين لموسكو؛ عقب ضربات روسية دقيقة وفيديوهات تم تسريبها قرب أماكن القصف، ما اعتبره محللون ضمن "حرب المعلومات واستغلالهم لتحقيق أكبر مكاسب عملياتية ونشاطات سرية أكثر عدوانية".
ونقلت شبكة "سي إن إن" عن إدارة أمن الدولة، المسؤولة عن مكافحة أنشطة التجسس والإرهاب، أن القوات الروسية تعتمد بشكل كبير على بعض الجواسيس والمتعاونين؛ لتحديد أهدافها وتقييم نجاح ضرباتها وكذلك الحصول على معلومات حول آثار ونتائج هذه العمليات سواء مادية أو معنوية.
ومنذ اندلاع الحرب في 24 فبراير الماضي، كثفت المدفعية الروسية ضرباتها على شرق أوكرانيا، جزء كبير منها عشوائي، لكن البعض يطول أهدافًا عالية الأهمية مثل مستودعات الأسلحة أو المعسكرات العسكرية أو مقر جهاز الأمن الأوكراني في كراماتورسك، الذي تم تدميره جزئيًا في الأسابيع الأولى للحرب.
وفي بلدة سلوفيانسك، شرق أوكرانيا، رصدت فضائية "سي إن إن" عملية القبض على أحد هؤلاء الجواسيس بعد الاشتباه فيه لنقله معلومات لموسكو.
ففي أحد شوارع المدينة، ظهر رجل يرتدي قميصا أسود يدخن سيجارته، كان يخضع للمراقبة، وما لبث أن شاهده رجال الأمن إلا أن قالوا من داخل سيارتهم "ها هو ذا.. إنه لنا"، وفي الاتجاه الآخر، شاحنة تغير مسارها عن عمد، ويقفز منها رجلان يرتديان أزياء قتالية وأغطية للوجه وفجأة يسقط الرجل أرضًا، ويعمد الضباط إلى تفتيشه والحصول على "هاتفه".
وأشارت إلى أنه مع توجيه بعض الأسئلة إليه من محقق الأمن سرعان ما اعترف بالتواصل مع موسكو بهدف "رصد التحركات والأوضاع بالمدينة والإحداثيات ومواقع الضربات ونتائجها"، لافتة إلى أن "بعض الجواسيس مواطنون روس تم جلبهم إلى منطقة دونباس في بداية الحرب، ويعيشون بين السكان، والبعض الآخر أوكرانيون متعاطفون سياسيا مع موسكو، وبعضهم يتجسس من أجل المال".
وأوضحت أن غالبية الجواسيس الأوكرانيين، ممن أيدوا عمليات روسيا في عام 2014 بدونباس والسيطرة على جزيرة القرم وكذلك تدشين منطقتي دونيتسك ولوغانسك الانفصاليتين، عندما رأوا ما حدث في ماريوبول وخاركيف وكييف وبوتشا وغيرها، بدأوا يغيرون نظرتهم تجاه روسيا.
وعن القيمة المادية التي يحصل عليها، قال الجاسوس المعتقل إنه تم تجنيده من خلال تطبيق "تليغرام" عبر شخص وسيط، مقابل 500 هريفنا أوكرانية (حوالي 17 دولارًا).
وبجولة داخل هاتفه، وجد المحققون رسالة من "الوسيط" مكتوبا فيها: "لقد قمت بعمل جيد بالأمس. المعلومات نفسها مطلوبة اليوم. الصور ومقاطع الفيديو والبيانات الجغرافية للجيش في CNIL (معسكر عسكري). ما هو الوقت الذي يستغرقه الحصول على المعلومات"؟
وحول الخطوات المقبلة تجاهه، قال المحقق إنه سيتم نقله غربًا إلى دنيبرو حيث سيواجه المحاكمة، وإذا ثبت أن تجسسه أدى إلى وفيات، أو "عواقب وخيمة"، فإن قد يحكم عليه بالسجن مدى الحياة. ونقلت "سي إن إن" عن أحد الضباط أن "تلك الصواريخ التي تستهدفنا تأتي إلى الإحداثيات التي ينقلها مثل هؤلاء المجرمين. يموت الناس بسبب تلك الصواريخ.. يقتل جنودنا ويقتل المدنيين".
وأضاف: "في كل مرة أعتقل شخص مثله، أتذكر أمرًا واحدا.. ما حدث من ليمان"، وهي بلدة قريبة تعرضت لقصف روسي عنيف لأسابيع، مضيفا: "بالوقت الراهن، ليس لديهم مكان ليعيشوا فيه. ليس لديهم أي شيء. ليس لديهم مكان ليعودوا إليه. أتذكر ذلك في كل مرة. أتذكر أيضا محطة سكك حديد كراماتورسك في كل مرة"، في إشارة إلى الغارة التي أودت بحياة العشرات.
حرب معلومات
وتعقيبا على ذلك، قال المحلل المتخصص في الشؤون الأمنية والاستراتيجية، ليون رادسيوسيني، إن نشاط هؤلاء الجواسيس يقدم خدمات كبيرة لموسكو تتمثل في حرب معلومات تمكنها من استهداف المعسكرات والأماكن الأمنية وخطوط الإمداد التي تجلب المساعدات العسكرية.
وأضاف رادسيوسيني، في تصريحات لـ"سكاي نيوز عربية"، أن "أوكرانيا مستباحة، فعندما استهدفت روسيا أوكرانيا في عام 2014 أطلقت العنان لأجهزة استخباراتها، وبات هناك موالون كثر لروسيا وكذلك هناك دائما في أي مكان من يدفع حياته ثمنا للمال هؤلاء تشتري روسيا خدماتهم الغالية بثمن زهيد، وكلما كان عددهم أكبر يكون من الأصعب معرفة ما ينوون القيام به بالضبط، كما أن تكلفة مراقبتهم كل المشتبه بهم باهظة".
وأشار إلى أن روسيا في حرب جواسيس ليس مع أوكرانيا وحدها ولكن مع كافة دول شرق أوروبا، وهو ما أدى خلال الشهور الماضية إلى عمليات الطرد المتبادل بين الدبلوماسيين بتهم التجسس، فهناك المئات من المسؤولين الروس تم طردهم من العواصم الغربية.