الغاز بالروبل.. هل تنجح خطة بوتن في كسر عقوبات الغرب؟
09:41 - 28 أبريل 2022على خلفية الحرب الدائرة في أوكرانيا التي شنتها روسيا منذ نحو شهرين، أعلنت كل من بولندا وبلغاريا أن موسكو ستوقف صادرات الغاز إليهما.
جاء القرار بعد أن قررت روسيا أن تدفع الدول "غير الصديقة" بالعملة الروسية الروبل، مقابل الغاز، أو تخاطر بانقطاعات في الإمدادات.
وقالت مجموعة النفط والغاز البولندية "بي جي نيغ"، إن عملاق الغاز الروسي "غازبروم" أبلغها بأنه سيوقف اعتبارًا من الأربعاء صادراته إلى بولندا عبر خط أنابيب "يامال" الذي تتولى تشغيله.
أما وزارة الطاقة البلغارية، فقالت إن "غازبروم" أخطرت شركة الغاز المملوكة للدولة في صوفيا، بأنها ستوقف إمدادات الغاز في نفس التوقيت.
وارتفع سعر الروبل الروسي، الثلاثاء، مقابل الدولار إلى 73 روبلًا لكل دولار واحد، ليحوم حول مستوياته قبل 24 فبراير عندما أرسلت روسيا عشرات الآلاف من قواتها إلى أوكرانيا.
الغاز بالروبل
خلال معركة الغاز بالروبل، حققت موسكو بعض النجاحات في ملف تصدير الغاز بعملتها المحلية، ووافق عدد من مشتري الغاز الروسي على تغيير عملة السداد لتكون الروبل الروسي، وفقًا لتصريحات سابقة لنائب رئيس الوزراء الروسي، ألكسندر نوفاك.
وتوقع المسؤول الروسي اتخاذ مستوردين آخرين قرار التحول إلى استخدام الروبل.
وفي سياق ذلك، أعلن وزير الاقتصاد الأرميني فاجان كروبيان، أن بلاد سددت عدة مدفوعات لشراء غاز طبيعي روسي بالروبل.
كما قال وزير الخارجية الهنغاري بيتر سيارتو إن بودابست تعتزم دفع مقابل الغاز الروسي باليورو عبر بنك غازبروم.
ويقول الخبير المصرفي أحمد شوقي إن بيع الغاز الروسي بالروبل يهدد عرش الدولار الأميركي، مفسرًا أن "ذلك سيضغط على الدولار ويخفض سعره أمام العملات المختلفة".
ويضيف لـ"سكاي نيوز عربية"، أن روسيا تمتلك احتياطيات ضخمة من النفط قد تكفي لمدة 30 عامًا على الأقل، أما احتياطياتها من الغاز فتكفي لمدة 50 عامًا، وهو ما يتيح لها التحكم في أسواق الطاقة.
خطوات دراماتيكية
أدى وابل العقوبات التي فرضها الغرب إلى تدمير عملة الروبل، لكن بعد شهر واحد، حققت تعافيًا كاملًا، ويتم تداولها الآن عند مستويات ما قبل الحرب.
ومشككة في خطوة تعافي الروبل بفعل موافقة بعض الدول على استيراد الغاز الروسي بالروبل، تقول شبكة "سي إن إن" إن البنك المركزي الروسي اتخذ خطوات دراماتيكية بالتدخل في السوق وتنفيذ سياسات لمنع المستثمرين والشركات من بيع العملة وغيرها من الإجراءات.
وأوضحت أن تعافي الروبل كان لمضاعفة أسعار الفائدة إلى 20 بالمئة، وهذا شجّع المدخرين الروس على الاحتفاظ بأموالهم بالعملة المحلية، كما صدرت أوامر للمصدرين بمقايضة 80 بالمئة من عائداتهم من العملات الأجنبية بالروبل بدلًا من الاحتفاظ بالدولار أو اليورو.
كما أن ربط روسيا تصدير الغاز والنفط للدول غير الصديقة بالروبل سمح لموسكو باختلاق طلب وهمي على الروبل، حسب الشبكة الأميركية.
تقول إلينا سوبونينا، المستشارة بالمعهد الروسي للدراسات، إن العقوبات الاقتصادية على موسكو جمدت التعاون مع كبرى الدول الغربية، مؤكدة أن خطوة وقف تصدير الغاز والنفط، "خطيرة جدًّا وتجنبتها السلطات الروسية منذ بداية الحرب".
وتضيف لـ"سكاي نيوز عربية"، أن "روسيا قد تستخدم تلك الخطوة كورقة ضغط في معركة العقوبات"، واصفة العقوبات الغربية على روسيا بأنها "حرب اقتصادية حقيقية بين روسيا ودول الغرب برئاسة أميركا، ليس لحصار موسكو اقتصاديًّا فقط بل لتغيير النظام الحاكم في روسيا".
وعن التداعيات السلبية لتلك الخطوة، تقول إن سيناريو وقف تصدير الغاز والنفط لأوروبا سيدفع تلك الدول إلى البحث عن بدائل للطاقة الروسية، وهو ما يحقق خسائر اقتصادية جمة لموسكو.
هل تنجح خطوة بوتن؟
ومؤخرًا، حث الرئيس الروسي فلاديمير بوتن، الجهات المعنية بتسريع عملية الانتقال إلى الروبل والعملات الوطنية للدول الشريكة في التجارة الخارجية.
وأكد بوتن أن الروبل الروسي مستقر رغم العقوبات الغربية التي وصفها بأنها أدت إلى تضرر الاقتصاد في الغرب.
كان بوتن قد وقع قانونًا ينص على تسوية المعاملات بالروبل مع المستثمرين الأجانب في القطاع الخاص بمجال بناء سفن شحن الغاز الطبيعي المسال وخدمات الشحن.
وسبق تلك الخطوة أخرى، أن اقترح على مشتري منتجات الطاقة الروسية فتح حسابات في بنك غازبروم، حيث سيجري تحويل المدفوعات باليورو أو الدولار إلى الروبل.
يقول إسوار براساد، أستاذ السياسة التجارية في جامعة كورنيل، إن "المطالبة بالدفع بالروبل هي أسلوب غريب وربما غير فعال في النهاية ومحاولة للالتفاف على العقوبات".
ويضيف: "استبدال العملات الأخرى بالروبل سيكون صعبًا للغاية نظرًا للعقوبات المالية واسعة النطاق المفروضة على روسيا".
وتابع براساد أن "بوتن يأمل في أن يؤدي الدفع بالروبل إلى زيادة الطلب على عملة بلاده، وبالتالي دعم قيمتها، لكن ذلك أمل كاذب نظرًا لجميع الضغوط الهبوطية على العملة"، وفقًا لصحيفة "واشنطن بوست" الأميركية.
أما الخبير الاقتصادي ألكسندر ديل فالي، فيقول إن "قرار رئيس الوزراء المجري دفع ثمن الغاز بالروبل يعني بداية الانقسام في الاتحاد الأوروبي حول العلاقة بين تلك الدول وموسكو".
ويردف ديل فالي أن "سياسة الولايات المتحدة المناهضة لروسيا تخاطر بالتسبب في انخفاض الدولار لصالح الروبل الروسي واليوان الصيني".
ويؤكد الخبير الاقتصادي أن "تعافي سعر صرف الروبل رغم العقوبات الغربية سببه استمرار شراء أوروبا للغاز الروسي واستقرار العلاقات التجارية بين روسيا مع الصين والبرازيل والهند وبعض الدول العربية والإفريقية"، حسب مجلة "فالور أكتيال" الفرنسية.