أزمة الوقود الطارئة في العراق.. هل ذهبت إلى غير رجعة؟
11:25 - 26 أبريل 2022أعلنت وزارة النفط العراقية إنها قضت على "أزمة الوقود المفتعلة"، مؤكدة متابعتها الإجراءات القانونية في المحاكم ضد إدارات وأصحاب محطات الوقود الأهلية المخالفة للتعليمات.
وقبل أسبوعين أغلقت محطات لتعبئة الوقود في مناطق مختلفة ببغداد ومدن أخرى أبوابها أمام المواطنين لعدة أيام، وطالبت بإعادة الإجراءات السابقة، وهو ما تسبب في طوابير طويلة أمام تلك المحطات، في ظل ارتفاع درجات الحرارة.
وذكرت رابطة المحطات الأهلية في بيان، إنها "تمثل نحو 70% من محطات التعبئة في عموم البلاد، وأسهمت محطاتنا بتوفير الوقود للمواطنين طيلة هذه السنوات في انسيابية كبيرة رغم قلة دعم وزارة النفط مقارنة بحجم تكلفة المشروع، وصنعنا فارقًا كبيرًا بين سعر المنتج في محافظات الوسط والجنوب وسعره في إقليم كردستان".
توفير النقود من خلال الوقود
وأضافت الرابطة: "صُدمنا بقرار وزارة النفط الجائر بإلغاء الدعم عن المشتقات النفطية المجهزة إلينا، ما يؤثر سلبًا على أرزاقنا، وأرزاق أصحاب العوائل التي تعمل في محطاتنا".
مواطنون يدعون لإنهاء الأزمة
وطالب عراقيون، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، الحكومة بتدخل عاجل، لإنهاء الأزمة، قبل استفحالها، ووصولها إلى مستويات يصعب التعاطي معها.
وقال إحسان موسى، معاون مدير شركة توزيع المنتجات النفطية، إن "لجان التفتيش سترصد المحطات المخالفة للتعليمات في بغداد والمحافظات، وستتخذ إجراءات قانونية، بحق أصحاب المحطات المخالفة، فضلًا عن إلغاء الوكالة وإيقاف التجهيز وتحميلهم جميع الأضرار المترتبة على تلك المخالفات".
وأضاف موسى، في تصريح لموقع «اقتصاد سكاي»، أنَّ المحطات الحكومية ستبدأ العمل على مدار اليوم لتجهيز المواطنين بالوقود، لافتًا إلى أن الأزمة الحالية مفتعلة بسبب عدم التزام الشركاء أو المحطات الأهلية، بتعليمات وزارة النفط، فهم يبتغون الثراء على حساب المواطن.
وبدت أجواء القلق والاضطراب على المواطنين في العاصمة بغداد، وبعض المدن الأخرى، مثل محافظة الديوانية، إذ أبدى سائقو سيارات الأجرة، ارتيابهم من تلك الأزمة، في ظل الارتفاع العالمي لأسعار الوقود، وانخفاض مستوى الأعمال بشكل عام، فضلًا عن تعاظم الزحامات في أحياء بغداد.
وقال علي محمد صاحب سيارة أجرة إن "أزمة الوقود ضربت سريعًا قطاع الأعمال، فنحن نحتاج إلى وقت للحصول على مادة البنزين، فضلًا عن وجود ارتفاع في الأسعار لدى المحطات الأهلية، ما يعني ضرورة انتظار المحطات الحكومية».
وأضاف في تعليق لموقع «اقتصاد سكاي»، أنَّ "تلك الأزمة تسببت أيضًا برفع تكلفة النقل، وهو ما ولّد استياء لدى الزبائن، خاصة أن هناك أزمة مالية في البلاد، جرّاء عدم إقرار الموازنة العامة للبلاد".
أسباب الأزمة الراهنة
وحسب خبراء اقتصاديين فإن اللتر الواحد من البنزين المحسن يكلف الحكومة نحو 1500 دينار، ما يعادل 1.03 دولارات، في حين يتم بيعه بـ650 دينارًا فقط، دعمًا للمواطنين، إذ يطغى البنزين على المشتقات النفطية المستوردة بنسبة 77 في المائة في ظل عجز المصافي الحكومية عن سد حاجة السوق من هذا المنتج، واكتفائها بتصنيع البنزين العادي الذي يباع اللتر الواحد منه بـ450 دينارًا فقط.
ومن جهته، يرى الخبير الاقتصادي مصطفى أكرم، سببًا آخر، للأزمة الحالية، وهو عمليات التهريب نحو إقليم كردستان، الذي يبيع اللتر بأكثر من ألف دينار، إذ إن فرق السعر العالي يحفز المحطات الأهلية لجعل التهريب هدفًا لها، ما خلق أزمة واضحة.
ويقترح أكرم في تصريح لموقع اقتصاد سكاي، اتخاذ عدة إجراءات لمواجهة الأزمة، دون رفع الدعم، مثل الانضمام إلى عقود شراكة مع بلدان المنطقة، والتفاوض مع منظمة "أوبك" لرفع سقف الإنتاج، فهنالك نحو 600 ألف برميل عراقي يمكن إضافتها للحصة يوميًّا، وهذه من شأنها أن توجه إيراداتها للدعم وتقليص هامش الأزمة.
دعوات برلمانية لحل الأزمة
بدورها، دعت النائبة في البرلمان عالية نصيف، رئيس الوزراء ووزير النفط، إلى وضع حلول لمشكلة محطات الوقود الأهلية وعدم تضييق الخناق على أصحابها.
وقالت نصيف في بيان إن "هذه المحطات كانت تعمل بشكل طبيعي منذ 12 سنة وتوفر الوقود للمواطنين بشكل انسيابي، إلى حين صدور القرارات المجحفة والإجراءات التعسفية من قبل وزارة النفط، سواء في ما يخص حصصها من الوقود أو تحديد نوع الوقود المستلم - البنزين المحسن والعادي والكاز".
وخلال الفترة الأخيرة، تحدّثت وزارة النفط مرات عدة عن خسائر كبيرة تتحملها موازنة الدولة، بسبب دعم الوقود، مؤكدة أن الموازنة تخسر مبالغ عالية جراء عدم تصدير جميع الكميات المنتجة من زيت الوقود أو النفط الأسود أو بيعه وفقًا لأسعار النشرة العالمية، فضلًا عن تخصيص جزء منه لتجهيز التجار وأصحاب المعامل بسعر مدعوم.