شهران على حرب أوكرانيا.. ما مستقبل الصراع الذي أرهق العالم؟
07:44 - 25 أبريل 2022دخلت الحرب في أوكرانيا شهرها الثالث بداية من اليوم الأحد، في خضم تصاعد الأحداث بين موسكو وكييف في أكبر هجوم من نوعه على دولة أوروبية منذ الحرب العالمية الثانية، وفشل المفاوضات في التوصل لتهدئة مستدامة للصراع الذي تفاقمت تداعياته لتطال الجميع حول العالم بلا استثناء.
ولا يزال الجيش الروسي يسعى إلى تحقيق انتصارات عسكرية على الأراضي الأوكرانية، في الوقت الذي عدّل من خططه مؤخرًا وسحب قواته من مناطق الشمال، للتركيز على "تحرير" إقليم دونباس.
كان الجيش الروسي قد بدأ يوم 24 فبراير الماضي، عملية عسكرية "خاصة" استهدفت البنية التحتية العسكرية في جميع أنحاء أوكرانيا، بالإضافة إلى عدة مطارات ومنشآت رئيسية أخرى.
ارتفاع أسعار الأغذية: تخزين للسلع أم نتيجة للحرب؟
ووفقًا لبعض التقديرات الغربية، لا يبدو أن نهاية الحرب في أوكرانيا قريبة أو تلوح في الأفق، وربما تستمر لأشهر أو سنوات، متوافقة في ذلك فيما قاله الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، بأنه لا يعرف متى ستنتهي الحرب.
وهذا ما ألمح إليه رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، بأنه من المحتمل ألا تنتهي هذه الحرب قبل نهاية عام 2023، أي بعد أكثر من عام ونصف العام من الآن.
استراتيجية روسية
من جانبها، ترى الخبيرة الأميركية المختصة في الشؤون الاستراتيجية والقضايا الجيوسياسية، إيرينا تسوكرمان، أنه بعد شهرين، لم يعد النزاع أقرب إلى الحل مما كان عليه في البداية، ومع ذلك، فرغم استمرار كييف في تلقي أسلحة متطورة بشكل متزايد من الدول الغربية، فإنها لم تحصل بعد على الدعم الدفاعي الكافي الضروري للتغلب على روسيا، التي تعثرت قوتها الجوية.
وأوضحت تسوكرمان، في حديث خاص لـ"سكاي نيوز عربية"، أن الاستراتيجية الحالية لروسيا تركز على مسألتين استراتيجيتين؛ الأولى السيطرة على مدينة ماريوبول، التي لم تسقط بالكامل على الرغم من الإعلان الروسي السابق لأوانه عن السيطرة عليها، وربطها بشبه جزيرة القرم من خلال جسر بري يتيح دعمًا لوجستيا سلسا.
كما تستهدف روسيا السيطرة على منطقة دونباس التي ستمنح روسيا سيطرة إقليمية متجاورة تسمح لها بالوصول إلى "مولدوفا" حيث تسيطر بالفعل على بعض الأراضي، ومن هناك تفتح الأبواب أمام رومانيا، بحسب الخبيرة الأميركية.
كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتن أمر قواته، بنهاية الأسبوع الماضي، بعدم اقتحام آخر معقل أوكراني متبق في مدينة ماريوبول المحاصرة وإغلاقها "بحيث لا تمر حتى ذبابة من خلالها".
وبعد مرور 60 يوما على اندلاع القتال لم تسيطر القوات الروسية سوى على مدينتين كبيرتين هما ماريوبول وخيرسون.
وأوضحت "تسوكرمان" أنَّ روسيا تركز حاليًا على تدمير أكبر قدر ممكن من البنية التحتية في الشرق، من أجل إضعاف معنويات السكان ودعم مزاعم النصر، ومع ذلك، لا يزال الضعف اللوجستي نفسه الذي ابتليت به روسيا في بداية الصراع قائمًا، كما أنها تواجه أيضًا تعثرًا محتملًا في 4 مايو، مما سيجعل من الصعب الحصول على دعم للمجهود الحربي.
وترى تقارير إعلامية أن روسيا تتجه نحو التخلف عن سداد ديونها الخارجية، لأول مرة منذ الثورة البلشفية قبل أكثر من قرن، نتيجة العقوبات التي جمدت نحو نصف احتياطياتها من العملات الأجنبية البالغة 640 مليار دولار، في حين ستكون فترة السماح على مدفوعات السندات بالعملات الأجنبية في 4 مايو المقبل.
صمود أوكراني
وتشير الخبيرة الأميركية إلى أن استراتيجية أوكرانيا تتمثل في الصمود قدر الإمكان حتى يتمكنوا من الحصول على دعم جوي، وكلما طالت مدة صمودهم، زادت احتمالية حدوث ذلك.
وشددت على أن دعم أوكرانيا بات أولوية لدى الدول الأوروبية لأنه إذا سقطت كييف فإن باقي دول القارة ستكون مُهددة إذ لن يكون لدى روسيا خطط للتوقف، وإذا لم يتم إيقاف روسيا في أوكرانيا، فيمكن توقع الاستيلاء المستمر على الأراضي التي يصعب الدفاع عنها وجعل الاتحاد الأوروبي أكثر عرضة للأسلحة النووية والوجود الروسي الآخر.
وفي الوقت الحالي، تواجه روسيا صعوبة لوجستية إضافية مع بدء تركيا في فرض حظرها على النقل الجوي الروسي للقوات من سوريا، الأمر الذي سيزيد من إجهاد الجهود الروسية في كل من سوريا وأوكرانيا.
وأضافت تسوكرمان: "في نهاية المطاف، لا يمكن أن تأتي النهاية الحاسمة للصراع إلا عندما تُظهر أوكرانيا استخدامًا كافيًا للقوة لإجبار القوات الروسية على التراجع، والسبب في ذلك بسيط، فلا يستطيع بوتن الاعتراف بالهزيمة وسيبحث حتى عن انتصارات باهظة الثمن ورمزية لتبرير مسار العمل الروسي".
تكتيك روسي تقليدي
من جانبه، قال مدير الاستراتيجيات والتسليح بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية ومقره لندن، المسؤول السابق في حلف شمال الأطلسي، وليام ألبيركي، إن موسكو حولت اهتمامها إلى سحق القوات الأوكرانية في شرق أوكرانيا، أي في دونباس.
وأضاف، في تصريحات لسكاي نيوز عربية: "بدأت القوات الروسية سلسلة من الهجمات في شمال دونباس وفي الوسط ومن الجنوب، في محاولة لتطويق القوات الأوكرانية وتدميرها، إذ عادت روسيا إلى طريقتها التقليدية في القتال بضربات جوية حاشدة وضربات صاروخية وقصف مدفعي، تليها وحدات مدرعة ثقيلة تتحرك بسرعة".
وأوضح أنه "بالنسبة إلى أوكرانيا ستكون معركة يائسة للاحتفاظ بما هو ممكن من الأراضي على أمل أن يتمكنوا من إرهاق الروس، وتحديد نقاط الضعف وقطع القوات الممتدة، ودفعهم إلى الوراء إن أمكن".
وعلى صعيد الخسائر البشرية، تتفاوت الأرقام بين تلك التي أعلنتها الأمم المتحدة والسلطات الأوكرانية.
وقالت الأمم المتحدة في بيان لها يوم 20 أبريل، إن 2224 مدنيا أوكرانيا قتلوا في الهجوم الروسي، فضلا عن إصابة نحو 3 آلاف، لكن أوكرانيا تقول إن الرقم أكبر بكثير، فعلى سبيل المثال سقط نحو 20 ألف قتيل في معارك مدينة ماريوبول الساحلية المحاصرة.