طفرة الغاز والصناعة تقلل فاتورة الاستيراد في مصر
13:25 - 23 أبريل 2022دفعت المشروعات القومية الزراعية، وزيادة الإنتاج المصري من محاصيل استراتيجية مثل القمح والذرة وفول الصويا، العجز في الميزان التجاري للتراجع بنسبة بلغت 32.3 بالمئة في يناير الماضي، في وقتٍ لعبت الصادرات المصرية وتطور الصناعة دوراً ملحوظاً في هذا التراجع.
أظهرت النشرة الشهرية لبيانات التجارة الخارجية يناير 2022 الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري، هبوط قيمة العجز في الميزان التجاري 2.44 مليار دولار خلال شهر يناير 2022 مقابل 3.60 مليار دولار لنفس الشهر من العام السابق بنسبة انخفاض قدره 32.3%، مدعوماً بارتفاع الصادرات، وتراجع الواردات خاصة الزراعية.
يُبشر الأمر الذي يأتي سابقاً لتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية بنحو شهر، بتطور في هيكل الصناعات المصرية وصادراتها، وكثافة إنتاجية من المحاصيل الزراعية الاستراتيجية، بحسب خبراء وزراعيين تحدثوا لـ"افتصاد سكاي" بأن مشروعات زراعية مثل المليون ونصف المليون فدان وتوشكى والدلتا الجديدة ساهمت في زيادة حصيلة إنتاج القمح والذرة وفول الصويا، وقلصت من الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك وخففت من فاتورة الاستيراد، ومعها الطلب على العُملة اللازمة له.
فوائض زراعية بـ5.5 ملايين طن
وجدي المشد، نائب رئيس غرفة صناعة الحبوب باتحاد الصناعات المصرية، قال في تصريحات لـ"اقتصاد سكاي" إن الصادرات المصرية شهدت تطوراً كبيراً، خاصة الزراعية منها، وصولاً إلى تحقيق فوائض عن حاجة السوق المحلية واستهلاكها بنحو 5.5 ملايين طن تقريباً في 2021، بالإضافة إلى صناعات وطنية أخرى حققت مصر فيها تطوراً ملحوظاً خلال السنوات الماضية، وعززت صادراتها غير البترولية من حصيلة الصادرات التي بلغت إجمالاً 42 مليار دولار.
وفي يناير الماضي، أعلنت وزيرة التجارة والصناعة المصرية، نيفين جامع، خلال اجتماع بمجلس الوزراء المصري، بلوغ قيمة الصادرات المصرية غير البترولية قرابة 32 مليار دولار في عام 2021، بمعدل نمو 26.3 بالمئة، ليُعلن وزير البترول والثروة المعدنية المصري طارق الملا، ارتفاع الصادرات البترولية خلال العام الماضي إلى أكثر من 10 مليارات دولار، وبذلك يتجاوز إجمالي الصادرات المصرية لأول مرة حاجز 42 مليار دولار.
مضاعفة القدرات التخزينية لمصر
وأضاف نائب رئيس غرفة صناعة الحبوب باتحاد الصناعات المصرية، أن مشروعات صوامع الغلال ضاعفت تقريباً خلال السنوات السبع الماضية من قدرات الدولة التخزينية، وبالتالي صارت أكثر قدرةً على توفير غطاء غذائي وتأمين السوق المحلية بما تحتاجه لمدة تصل إلى 5 أشهر تقريباً، وهو ما جعل الدولة في غنى عن الاستيراد لبعض الوقت، والمفاضلة بين أكثر من عرض وصولاً إلى أفضل العروض السعرية لتوريد سلع مثل القمح، وبالتالي تعزيز قدرة الدولة على مواجهة التأرجحات السعرية العالمية، في ظل ارتفاع الإنتاج المصري من تلك المحاصيل.
وبحسب تقرير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري، تراجعت قيمة الواردات بنسبة 2.2% بالغة بذلك 6.43 مليار دولار خلال يناير الماضي مقابل 6.57 مليار دولار للشهر المثيل من العام الماضي، مدعومة بانخفاض قيمة واردات بعض السلع وأهمها: القمح (42%)، الذرة (37.1%)، وفول الصويا بنسبة 16.4%.
اكتشافات بترولية زادت الصادرات
أما أستاذ الاقتصاد بجامعة المنوفية، الدكتور محمد البنا، فزاد على ما ذهب إليه نائب رئيس غرفة صناعة الحبوب باتحاد الصناعات المصرية، خلال حديثه لـ"اقتصاد سكاي" أن هناك إلى جانب النمو المشهود في الناتج الزراعي، الطفرة البترولية التي شهدتها مصر أيضاً خلال السنوات الأخيرة وتحديداً من الغاز الطبيعي، بفضل الاكتشافات الجديدة، حيث إن هذه الاكتشافات وما أفضت إليه من زيادة في الإنتاج المصري من البترول الخام والغاز، أسهمت في زيادة الصادرات البترولية المصرية من جهة لتصل إلى 10 مليارات دولار، وخفضت في المقابل من وارداتها.
ويلفت تقرير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري، إلى تراجع قيمة واردات البترول الخام 0.6% خلال يناير 2022 مقارنة بالشهر المثيل من العام الماضي، مقابل ارتفاع في قيمة صادرات البترول الخام المصري 66.5% ومنتجاته المُكررة بنسبة بلغت 107%، علاوة على ارتفاع حصيلة الصادرات المصرية من الملابس الجاهزة بنسبة 46.8%، واللدائن بأشكالها الأولية بنسبة 76.3%.
ضغوط تضخمية عالمية بسبب الجائحة والحرب
ويذهب الخبير الاقتصادي المصري، إلى أنه لا يمكن لأحد أن ينكر الضغوط العالمية التضخمية سواء منذ ظهور جائحة كورونا في ربيع عام 2020 أو حتى تلك التي خلفتها الحرب بين روسيا وأوكرانيا منذ 24 فبراير الماضي، وهي الضغوط التي تركت آثاراً على العديد من القطاعات سواء في مصر أو في دول العالم بنسب متفاوتة، بالنظر إلى أن الدولتين المتحاربتين تشكلان معاً 30 بالمئة تقريبًا من إمدادات القمح عالمياً و80 بالمئة من وارداته لمصر.
وأوضح أن تعطل موانئ التصدير وتضررها أدى إلى توقف الشحن عالمياً، وارتفاع الأسعار، وهو ما يسلط الضوء على وعي السلطات المصرية المبكر بأهمية التوسع الزراعي وزيادة الإنتاج المحلي من الحبوب، والسعي نحو تحقيق كفاية إنتاجية في العديد من الزراعات ومنها الأرز الذي أوقفت مصر استيراده تماماً.
وفي مارس الماضي، قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إن مصر تعتزم زيادة المساحة المزروعة من القمح بنحو مليون فدان خلال العامين المقبلين، وأن الاحتياطي المخزون يكفي لعدة أشهر بفضل مشروعات صوامع الغلال التي باتت لديها القدرة على تخزين كميات تتراوح من 15% إلى 20% تقريباً، مطمئناً المواطنين بشأن وفرة السلع الأساسية في مصر.