الشهادات البنكية.. ملاذ المصريين الآمن في أوقات الأزمات
14:39 - 20 أبريل 2022استطاعت شهادات الإيداع البنكية التي أصدرها أكبر بنكيين حكوميين في مصر بعائد يبلغ 18% جمع حصيلة قياسية تجاوزت 550 مليار جنيه (30 مليار دولار) بعد مرور أقل من شهر على إطلاقها.
ويرى خبراء ومصرفيون في مصر أن الحصيلة الضخمة التي جمعتها هذه الشهادات تزامنا مع انخفاض قيمة الجنيه تؤكد الدور الهام الذي تلعبه الشهادات ذات العوائد المرتفعة سيما في أوقات الأزمات، فقد أصدر البنك الأهلي المصري وبنك مصر شهادات الـ 18% ضمن حزمة من القرارات التي اتخذتها مصر لمواجهة تأثيرات الأزمة الأوكرانية على الاقتصاد، وتضمنت رفع سعر الفائدة 100 نقطة أساس والسماح بانخفاض سعر الصرف بأكثر من 16% وبدء المشاورات مع صندق النقد الدولي حول برنامج تمويلي جديد.
ويؤكد عضو مجلس إدارة البنك المصري الخليجي محمد عبد العال في تصريحات لموقع اقتصاد سكاي نيوز عربية أن هذه الشهادات تحقق عدة أهداف خلال الفترة الحالية من بينها امتصاص جزء من السيولة الفائضة في السوق والتي يمكن للمواطنين الاستغناء عنها لمدة عام واحد هو مدة الشهادة، كما أنها تساعد القطاع العائلي والذي تمثل ودائعه نحو ثلثي حجم الودائع في القطاع المصرفي في الحفاظ على مدخراتهم من التآكل بسبب ارتفاع معدلات التضخم.
وقفز التضخم في المدن المصرية إلى 10.5% خلال مارس الماضي مقارنة مع 8.8% في فبراير مسجلا أعلى مستوى منذ نحو 34 شهرا، بحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
رفع الفائدة
ويتوقع عبد العال أن يواصل البنك المركزي المصري سياسة رفع أسعار الفائدة خلال اجتماعه الشهر القادم حيث يتوقع رفع الفائدة بنسبة تتراوح بين 100 إلى 200 نقطة أساس، مع الاعتماد على تحفيز النمو في عدد من القطاعات الاقتصادية المستهدفة عبر الاستمرار في طرح مبادرات بأسعار فائدة مخفضة لدعم هذه القطاعات.
كانت البنوك الحكومية قد طرحت شهادت ادخار بعوائد مرتفعة على مدى السنوات الماضية، حيث طرح البنك الأهلي وبنك مصر شهادات بعائد بلغ 20% لمدة عام ونصف وأخرى بعائد بلغ 16% لمدة 3 أعوام تزامنا مع قرار تحرير سعر صرف الجنيه في نوفمبر 2016، وذلك بهدف سحب السيولة من السوق وتشجيع حائزي الدولار على التنازل عنه لشراء هذه الشهادات.
ولكن عبد العال يؤكد من جهة أخرى أن استمرار طرح شهادات بعوائد مرتفعة في البنوك الحكومية قد يحدث خللا في توزيع الودائع لدى القطاع المصرفي، حيث يسحب بعض العملاء ودائعهم من البنوك الأخرى لشراء هذه الشهادات من البنك الأهلي وبنك مصر بهدف الاستفادة من أسعار الفائدة المرتفعة.
بدائل استثمارية
أما الخبير المصرفي هاني أبو الفتوح فيؤكد لموقع اقتصاد سكاي نيوز عربية أن الإقبال غير المسبوق على شراء شهادات الـ 18% يدل على عدم وجود بدائل استثمارية أخرى مناسبة ومشجعة للأفراد وللقطاع العائلي الذي يبحث عن عائد ثابت مرتفع لمواجهة التضخم، وهو ما يجعل شراء هذه الشهادات سواء عبر ضخ أموال جديدة أو من خلال ودائع قائمة في القطاع المصرفي هو الخيار الأمثل لكثير من المصريين خلال هذه الفترة.
كما توقع أبو الفتوح أن يواصل المركزي رفع أسعار الفائدة خلال العام الجاري لمواجهة التضخم والحفاظ على جاذبية أدوات الدين الحكومية لاستثمارات المتعاملين الأجانب والتي شهدت نزوحا من الأسواق الناشئة بشكل عام ومن بينها مصر منذ بدء الأزمة الأوكرانية.
ولكن نائب وزير المالية المصري أحمد كوجك توقع في مقابلة سابقة مع سكاي نيوز عربية أن تعود استثمارات المتعاملين الأجانب في السندات وأذون الخزانة الحكومية خلال الفترة المقبلة بفضل برنامج الإصلاح الاقتصادي الشامل الذي تنفذه مصر، مؤكدا أن جزءا كبيرا من هذه الاستثمارات خرجت بعد تفشي وباء كورونا قبل عامين ثم عادت سريعا مرة أخرى.
وكانت احتياطيات مصر من النقد الأجنبي قد تراجعت بنهاية مارس الماضي بنحو 3.9 مليار دولار للمرة الأولى منذ أكثر من 20 شهرا حيث وصلت إلى 37 مليار دولار، وهو ما عزاه البنك المركزي إلى استخدم جزء من هذه الاحتياطيات لتغطية احتياجات السوق المصرية من النقد الأجنبي وتغطية تخارج استثمارات الأجانب والمحافظ الدولية إضافة لضمان استيراد السلع الاستراتيجية وسداد الالتزامات الخارجية للدولة.