عقارات بغداد ترتفع بشكلٍ مهول.. ما السر؟
01:26 - 21 أبريل 2022ترتفع أسعار العقارات في العاصمة العراقية بغداد، بشكل لافت، يتجاوز قدرة الطبقة المتوسطة أو الموظفين على شراء منزل أو قطعة أرض في أغلب مناطقها، بينما رأى مختصون أن استدارة المسؤولين نحو الداخل، شكّلت جزءًا كبيرًا من هذا الارتفاع.
وعلى الرغم من آثار الأزمة الاقتصادية في البلاد، الناجمة عن المشاكل التي تسببت بها جائحة "كورونا" والهجوم العسكري الروسي على أوكرانيا وارتفاع أسعار المواد الغذائية وتراجع الاستثمار في قطاعات السياحة والصناعة، فإن سوق العقارات بعيدة عن تلك التطورات.
وتشهد أسعار العقارات في أغلب مناطق بغداد ارتفاعًا كبيرًا، وصل أحيانًا إلى الضِّعف، في بعض المناطق، مقارنة بالسنوات الماضية، وهو ما ألحق ضررًا بقطاعات واسعة، خاصّةً في ظل الأززمة السكنية التي تعصف بالبلاد.
وإذا كانت الأسباب التي تفسّر هذا الارتفاع متعددة، فإنّ العقوبات الأميركية التي استهدفت عددًا مِن الشخصيات العراقيّة والمسؤولين المحليين، بتُهم مختلفة، ساعدت على هذا الارتفاع، لجهة عدم إمكانية خروج أموال تلك الفئة إلى بلدان أخرى، كما يحصل سابقًا.
وخلال السنوات الماضية، فرضت الولايات المتحدة عقوبات مالية على مسؤولين، ونواب في البرلمان، لأسباب مختلفة، مثل انتهاك حقوق الإنسان، أو التورط في تمويل الحرس الثوري الإيراني، وغير ذلك، وهو ما جعل غالبية هؤلاء المسؤولين يتخوّفون من الاستثمار في الخارج، أو شراء العقارات في دول أخرى، حيث يمكن للولايات المتحدة السيطرة عليها أو احتجازها.
الاستثمار في الداخل
يرى المحلل الاقتصادي سرمد الشمري، أن "أغلب هؤلاء المسؤولين والنواب، اتجهوا إلى الاستثمار في الداخل، وتحديدًا سوق العقارات، مثل الوحدات السكنية داخل الشقق أو الفلل، الواقعة على شواطئ دجلة، فضلًا عن قطاع البنوك، وشركات الصيرفة"، مشيرًا إلى أن "هذا التوجه وإن كان في سياقه الطبيعي، حالة صحية، لكنه في العراق، عاد بالضرر وأسهم في ارتفاع أسعار العقارات والأراضي".
ويرى الشمري، في تصريح لـ"اقتصاد سكاي"، أن "الوضع الأمني المستتب نسبيًّا، ودخول شركات العقارات بقوة، في ظل الأزمة السكنية، جعل الاستثمار أو الاحتفاظ بالأموال داخليًّا، خيارًا مطروحًا بالنسبة إلى الكثير من المسؤولين المحللين، والراغبين بغسيل أموالهم، فضلًا عن أن التوترات العالمية المقلقة، وتردي الأوضاع الاقتصادية في لبنان، الذي كان الوجهة المفضلة للكثير من العراقيين، أسهم بالفعل في إبقاء تلك الأموال داخل البلاد".
وبتحسّن الوضع الأمني نسبيًّا في العراق، شهدت العاصمة بغداد، موجة تجريف واسعة للبساتين الزراعية، لتحويلها إلى أراضٍ سكنية، ضمن مساعي الأفراد لمواجهة الطلب الحاصل على الدور، وهو ما دفع مسؤولين كثيرين، إلى شراء آلاف الدونمات الزراعية، وتحويلها إلى قطع سكينة، تُباع بأسعار مقبولة نسبيًّا، إلى المواطنين.
وعلى ضفاف نهر دجلة، في مدينة الدورة، جنوبي العاصمة بغداد، فإن أسعار العقارات هناك تمثّل ضربًا من الخيال، بالنسبة إلى غالبية أبناء الشعب العراقي، لكنّها كانت فرصة مناسبة للعديد من المسؤولين والنواب، الذين حجزوا قطع أراضيهم، وعقارات مطلة على النهر، بينما بلغ سعر المتر هناك نحو 5 ملايين دينار، (نحو 3500 دولار).
3 ملايين وحدة سكنية
مِن جهته، يرى حسين علي، وهو صاحب مكتب عقار في بغداد، أن "لجوء السياسيين إلى الدّاخل تسبب بطفرة كبيرة في أسعار العقارات، فضلًا عن اتفاقهم مع أصحاب المشاريع الاستثمارية، لشراء عدد كبير من الشقق قبل إنجازها، ومِن ثمّ التصرف فيها، وعرضها بأسعار أغلى وأكبر من السعر الطبيعي، بهدف الربح".
يُضيف علي، في تعليق لـ"اقتصاد سكاي"، أن "تصاعد الطلب على العقارات هو السبب الرئيسي في هذا الارتفاع، فضلًا عن العوامل الأخرى، وهو ما يستدعي تدخلًا حكوميًّا واضحًا، حتى في مسألة تحديد الأسعار، وضخّ المزيد من القروض المسيرة، لمواجهة تلك الموجة".
وحسب خبراء اقتصاديين، فإن العراق يحتاج إلى نحو أكثر من 3 ملايين وحدة سكنية، في ظل ارتفاع مؤشر السكان، وتجمع الأسباب المؤدية إلى رفع أسعار العقارات؛ مثل الأزمة السكانية وتوجه المسؤولين المحليين نحو الداخل وانخفاض نسب الهجرة بفعل عدة عوامل، وتحسن الوضع الأمني نسبيًّا.
وتحتل العاصمة بغداد، المركز الأول بالمنازل العشوائية، بواقع 522 ألف وحدة سكنية، فضلًا عن 700 وحدة في محافظة البصرة، وتُعدّ محافظة كربلاء الأقل من ناحية انتشار العشوائيات بواقع 98 عشوائية.
والعشوائية، تعني المنطقة السكنية التي تحتوي المئات من المنازل المبنية غالبًا من الصفيح أو الطين، وبعضها بالطابوق، لكنها غير نظامية، وتشكّل غالبًا ضغطًا على خدمات البنى التحتية، للمناطق النظامية، فضلًا عن افتقارها للخدمات البلدية، بداعي عدم تثبيتها بشكل رسمي.