سد النهضة وليبيا.. ما دلالات زيارة البرهان إلى القاهرة؟
20:23 - 30 مارس 2022استقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الأربعاء في القاهرة، رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان، حيث عقدا جلسة مباحثات منفردة أعقبتها جلسة موسعة ضمت وفدي البلدين.
وبحسب بيان مصري سوداني مشترك، فقد استعرض الجانبان مجمل العلاقات الثنائية بين البلدين، حيث تم الإعراب عن الارتياح لمستوى التنسيق القائم بين الجانبين، مع تأكيد أهمية تعزيز العلاقات الاقتصادية وزيادة التبادل التجاري بما يرقى إلى مستوى الزخم القائم في العلاقات، فضلاً عن تعظيم جهود تحقيق التكامل الزراعي والربط السككي والكهربائي بين البلدين، إلى جانب تعميق التعاون المشترك على الصعيدين الأمني والعسكري.
وأكدت مصر إدراكها الكامل للظرف الدقيق الذي يمر به السودان حالياً، وضرورة العمل المشترك على ألا تؤثر التطورات الجارية على الساحة الدولية على جهود دعم السودان لتحقيق الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي في البلاد.
وشددت على استمرار إرسـال حزم المساعدات والدعم اللوجستي والإنساني للسودان، إلى جانب تقديم الدعم الفني للكوادر السودانية وتفعيل كافة برامج التعاون الثنائي.
وأعرب السودان عن تعويله على الاستفادة من نقل التجربة المصرية في الإصلاح الاقتصادي وتدريب الكوادر السودانية والمساعدة على مواجهة التحديات، بما يعكس عمق العلاقات بين البلدين.
أمن قومي
يرى نائب وزير الخارجية المصري السابق للشؤون الإفريقية، السفير علي الحفني، أن أهمية الزيارة تكمن في خصوصية العلاقات المصرية السودانية، بحكم أنهما دولتا جوار وتتشاركان في أمور كثيرة منها التاريخ والجغرافيا ومستقبل حياة الشعبين، بجانب امتداد الأمن القومي المصري للسودان والعكس.
وأكد الحفني، في تصريحات خاصة لـ"سكاي نيوز عربية"، أن مصر تدعم عملية الاستقرار الداخلي في السودان، ومستعدة بشكل دائم لتقديم يد العون للسودان لتحقيق كامل الاستقرار على كامل التراب السوداني.
وأوضح الدبلوماسي المصري أن هناك الكثير من القضايا الإقليمية سواء على المستوى العربي أو الإفريقي، التي تستدعي مثل هذه الزيارات أو اللقاءات، لضمان التشاور الدائم وتنسيق مستمر بين القيادتين في كل من مصر والسودان، مضيفًا أن "كل ما يصب في مصلحة السودان يصب في مصلحة مصر والعكس".
وبشأن دلالات زيارة البرهان، شدد الحفني على أن هناك تفاهما عميقا وحرصا متبادلا على الدفع بعلاقات التعاون بين الدولتين وتحقيق مزيد من التكامل المصري السوداني في كافة المجالات، خاصة التعاون الاقتصادي والتعاون الفني وبمجال الطاقة، مضيفا "تأتي هذه الزيارة بمثابة خطوة على مسار العلاقات الثنائية بما يصب في مصلحة الشعبين".
سد النهضة
وجاء ملف سد النهضة كقضية أساسية على مائدة المباحثات بين السيسي والبرهان، إذ جرى التوافق بشأن استمرار التشاور المكثف والتنسيق المتبادل في هذا السياق خلال الفترة المقبلة، مع التأكيد على الأهمية القصوى لقضية المياه بالنسبة للشعبين المصري والسوداني باعتبارها مسألة أمن قومي، ومن ثم تمسك البلدين بالتوصل إلى اتفاق قانوني عادل ومنصف وملزم لعملية ملء وتشغيل السد، بما يحقق المصالح المشتركة لجميع الأطراف.
وتعليقًا على ذلك، قال نائب وزير الخارجية المصري السابق للشؤون الإفريقية إن هناك تناغمًا في الموقف المصري والسوداني بمواقف واضحة في تلك القضية، سواءً على مستوى الاتحاد الإفريقي أو في جولات المفاوضات السابقة، وكذلك على مستوى مجلس الأمن الدولي، لكن الأمر يتوقف على مدى توافر إرادة سياسية لدى الجانب الإثيوبي، بحيث تستأنف المفاوضات من حيث انتهت مع إبداء مرونة تُمكن الأطراف كافة من التوقيع على اتفاق متوازن وعادل ويراعي مصالح كافة الأطراف.
سد النهضة.. لماذا تصر إثيوبيا على بنائه؟
وهذا ما أشار إليه الخبير المتخصص في العلاقات الدولية، الدكتور أيمن سمير، في تصريحات لـ"سكاي نيوز عربية"، إذ قال إن هذا اللقاء سيعزز وجهة النظر المصرية مشتركة حيال ملف سد النهضة، وأن القاهرة والخرطوم تتخذان نفس الموقف بضرورة التوصل لاتفاق قانوني وعادل وملزم للأطراف الثلاثة في قضية ملء وتشغيل سد النهضة، وأنهما لم يتراجعا قيد أنملة واحدة عن هذا الأمر.
وأوضح أن الزيارة تأتي في وقت يشهد متغيرات في المنطقة العربية والشرق الأوسط، بما يقتضي التنسيق والتشاور بين البلدين.
وأضاف: "في تقديري فأهم دولة استراتيجية بالنسبة للأمن القومي المصري هي السودان، وهي العمق الاستراتيجي الحقيقي للأمن القومي المصري، وبالتالي فهذه المتغيرات سواءً الدولية أو الإقليمية وانعكاساتها تؤثر على الوضع في المنطقة العربية، وبالتالي كان ذلك الوجبة الرئيسية على مائدة التفاوض المصري السوداني".
وأكد سمير أن مصر تمد يدها للسودان من أجل تحقيق السلام والاستقرار، وأن يجني الشعب السوداني ثمار ما حدث في ديسمبر 2020 وأن تصل السودان إلى مرحلة الاستقرار النهائي، وتتجاوز المرحلة الانتقالية الحالية في أقل قدر من الخسائر وأن تكون هناك لحمة وطنية سودانية خلف المشروع الوطني السوداني الذي يهدف في النهاية إلى تحقيق السلام والاستقرار وتدعمه مصر بالكامل.
ليبيا والأمن الغذائي
وفي الشأن الليبي، شددت مصر والسودان على ضرورة الحفاظ على استقرار ليبيا ووحدة وسلامة أراضيها، وأكدا علي دعم كافة الجهود الرامية للتوصل إلى حل سياسي (ليبي ليبي)، وأن تتفق جميع الأطراف الليبية مع بعضها البعض على الانطلاق نحو المستقبل بما يحقق مصلحة ليبيا وشعبها دون أي إملاءات أو تدخلات خارجية، فضلاً عن أهمية دعم دور مؤسسات الدولة الليبية واضطلاعها بمسؤولياتها.
كما أكد الجانبان على ضرورة خروج القوات الأجنبية والمرتزقة والمقاتلين الأجانب في مدى زمني محدد تنفيذاً للقرارات الأممية والدولية والإقليمية ذات الصلة، بالإضافة إلى ضرورة استمرار لجنة 5+5 العسكرية المشتركة في عملها والتزام كافة الأطراف بوقف الأعمال العسكرية حفاظاً على أمن واستقرار ليبيا ومقدرات شعبها.
وعاد خبير العلاقات الدولية للقول إن أمن الطاقة والأمن الغذائي أصبحت قضية عالمية ويعاني منها السودان بشكل كبير للغاية، وهناك رؤية مشتركة لكيفية تجاوز البلدين لهذا التحدي على جميع دول العالم بما فيها الدول العربية وفي المقدمة منها مصر والسودان.