بعد مغادرة أوكرانيا ....مصير مجهول لطلبة مغاربة ظلوا بأوروبا
15:29 - 03 مارس 2022بينما تجمعت عشرات الأسر المغربية، مساء الأربعاء، أمام مطار مدينة الدار البيضاء في انتظار وصول أبنائها الذين فروا من جحيم الحرب في أوكرانيا، تمسك أم أربعينية بهاتفها المحمول في انتظار مكالمة من ابنها الذي استقل القطار المتجه إلى برلين انطلاقا من وارسو التي وصلها الأحد الماضي، بعد عبور الحدود الأوكرانية البولندية.
وتتخوف السيدة المغربية من المصير "المجهول" الذي اختاره ابنها البكر، بعدما قرر التوجه إلى ألمانيا، بدل العودة إلى وطنه على متن الرحلات الجوية الخاصة التي يسيرها المغرب لإجلاء رعاياه.
وأعلنت الجامعات الأوكرانية توقف الدراسة إلى حين عودة الهدوء وهو ما أضفى ضبابية على مستقبل 8000 طالب مغربي يشكلون ثاني أكبر جالية طلابية في أوكرانيا.
وتظهر آخر الأرقام الصادرة، مساء الأربعاء، عن وزارة الخارجية المغربية، أن أكثر من 5300 مغربي غادروا أوكرانيا عبر المراكز الحدودية، حيث عبروا منها إلى سلوفاكيا وبولونيا ورومانيا وهنغاريا.
وفي البلدان الأربعة، تتواجد على الميدان فرق من السفارات المغربية من أجل استقبال الطلاب، وتسهيل عودتهم إلى المغرب. لكن بعض هؤلاء فضل البحث عن طريق آخر، والطالب سعد واحد منهم.
من طالب طب إلى طالب "لجوء"
بمجرد حصوله على شهادة الباكالوريا بدرجة لم تؤهله لدخول كلية الطب في المغرب، قصد هذا الشاب المغربي، سنة 2020، مدينة دنيبرو الأوكرانية لتحقيق حلمه بدراسة طب الأسنان، قبل أن يجبره الغزو الروسي، رفقة آلاف من زملائه، على المغادرة.
وبعد أن التقط أنفاسه، عقب رحلة "شاقة وطويلة" قادته إلى بولندا، قرر سعد أن يغادر وارسو في اتجاه برلين، مستغلا الوضع الحالي الذي يمنحه حق التنقل في أوربا رغم عدم حصوله على تأشيرة لدخول منطقة "شينغن".
ومن حديقة قرب محطة القطار في واروسو، حيث تجمع رفقة عدد من الطلاب المغاربة ومن جنسيات عربية وإفريقية أخرى، أكد الطالب المغربي لموقع "سكاي نيوز عربية" أنه فهم من المتواجدين في إحدى مخيمات العبور ببولندا أن كل الفارين من الحرب الأوكرانية سيتمتعون بحق الاقامة في بلدان الاتحاد الأوربي لمدة قد تصل إلى ثلاث سنوات.
وتابع سعد قائلا "أنا أيضا من الفارين من الحرب، وسأحاول طلب المساعدة عند وصولي إلى ألمانيا، من أجل إتمام دراستي هناك أو الحصول على حق اللجوء".
ويستبعد الشاب، بصفة شبه نهائية إمكانية عودته مجددا، إلى جامعته في أوكرانيا. ويعلل قراره بما وصفه بالجحيم الذي تعرض له في طريقه من مدينة لفيف نحو الحدود البولندية، حيث كان "ضحية للعنصرية" شأنه شأن العديد من الطلاب العرب والأفارقة.
ولدى سؤاله حول العودة إلى المغرب، أكد طالب طب الأسنان أن الأمر يتوقف على مدى المعاملة التي سيتلقاها في ألمانيا.
خطوة سلبية
وفي وقت يحمل الطالب سعد أحلاما بحياة جديدة في برلين، فضلت مريم وهي طالبة في الطب العام، قضاء بعض الأيام في سلوفاكيا التي وصلتها قادمة من أوديسا.
وفي تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية"، تؤكد الطالبة الشابة أنها أعجبت كثيرا بالعاصمة براتيسلافا وقررت أن تقضي بها عطلة سياحية، لنسيان "صدمة الحرب" قبل أن تقرر بشأن مستقبلها.
وكشف مريم أنها لم تقدم على شراء تذكرة العودة، التي توفرها الخطوط الجوية المغربية بأسعار استثنائية، لأنها لم تحدد، بعد مدة إقامتها بسلوفاكيا.
من جانبه، أكد إلياس بنفضيل، مدير مكتب الطلاب المغاربة بأوكرانيا أنه بالفعل، يوجد عدد كبير من الطلاب المغاربة الذيم ينوون البقاء بعدد من بلدان الاتحاد الأوربي، حتى ولو كان ذلك بطريقة غير قانونية.
وفي تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية" يؤكد المسؤول الطلابي الذي يعمل على مساعدة العديد من الطلاب على مغادرة أوكرانيا، أنه يحاول رفقة زملائه في المكتب، توعية الطلاب بالتأثير السلبي للخطوة التي ينوون القيام بها.
في المقابل، يؤكد بنفضيل أن الجزء الأكبر من الطلبة؛ خاصة الذين يدرسون في السنوات الأخيرة بجامعات الطب والهندسة، ينوون العودة إلى المغرب والانتظار إلى حين أن تهدأ الأمور في أوكرانيا، فيما يحاول بعضهم إيجاد طريقة لتحويل ملفهم الدراسي من الجامعات الأوكرانية إلى جامعات في بلدان أخرى بما فيها المغرب.
أحلام يقظة
خفف الاتحاد الأوربي قواعد اللجوء، قائلا إن دوله ال27 سترحب بالفارين من الغزو الروسي، وحسب ما أوردته سابقا وكالة "رويترز"، فإن بروكسيل تستعد للسماح للفارين من الحرب بالعمل والإقامة في دول الاتحاد لمدة تصل إلى ثلاث سنوات، فيما تعد ألمانيا الوجهة الأولى للفارين، فهل الطلاب المغاربة والأجانب معنيون بهذا القرار؟
في إجابته على هذا التساؤل، يستبعد إسماعيل عزام، وهو صحفي مقيم في برلين، أن يستفيد الطلاب المغاربة القادمون من أوكرانيا من حق اللجوء في ألمانيا، ويعلل موقفه بالتأكيد على أن شروط منح اللجوء كما تحددها المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، لا تنطبق على الطلاب المغاربة.
وفي تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية" يستبعد عزام أيضا، إمكانية فتح الجامعات الألمانية أمام هؤلاء الطلاب وذلك لمجموعة من الأسباب أهمها عائق اللغة، حيث تعد اللغة الألمانية السائدة في مختلف الجامعات تقريبا.
ومن جهة ثانية، يقول الصحفي المغربي إن الرأي العام الألماني لم يعد متحمسا لقبول اللاجئين، خاصة من الشرق الأوسط كما كان الحال في 2015، حيث فتحت ألمانيا بقيادة المستشارة السابقة أنجيلا ميركل البلاد أمام اللاجئين من الشرق الأوسط خاصة من سوريا.
وقد تعرضت ميركل لانتقادات واسعة بعدما ظهرت مشاكل الإندماج، وفشل المخطط الذي ارتكز على استفادة ألمانيا من المهاجرين.
ويخلص إسماعيل عزام بالقول إن الوضع هذه المرة مختلف، حيث يؤمن الأوربيون أن استقبال الفارين من الحرب سيكون مؤقتا لأن الجميع سيعود إلى الديار الأوكرانية، بعد إنتهاء الغزو الروسي.