أسواق العالم تترقب أزمة أوكرانيا.. التداعيات ترعب الجميع
17:06 - 22 فبراير 2022لا تزال المخاوف مُسيطرة على الأسواق العالمية جراء تصاعد الأزمة الروسية الأوكرانية، خاصة بعد أن أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتن، قواته بدخول إقليمين انفصاليين بشرق أوكرانيا، عقب الاعتراف بهما رسمياً، مما يزيد احتمال وقوع غزو مترقب.
وتباينت البورصات العالمية بين صعود وهبوط، فسرعان ما ارتفعت أسعار الطاقة خلال الساعات الماضية، حيث قاد الغاز الطبيعي الأوروبي المكاسب ليقفز بنسبة 13 بالمئة.
وصعدت أسعار النفط، مع ارتفاع الخام الأميركية بنسبة 2.9 بالمئة، في الوقت الذي أصبح سعر خام برنت قاب قوسين أو أدنى من الوصول لمستوى 100 دولار للبرميل، حيث سجل 98.2 دولار للبرميل حتى الآن.
وارتفع خام تكساس بأكثر من 3.8 بالمئة ليتداول قرب مستويات 95 دولارا للبرميل.
تطمين روسي
وتتخوف الدول الكبرى من تأثر إمدادات الغاز الروسي بالتصعيد الروسي الأخير، قبل أن يحاول وزير الطاقة الروسي نيكولاي شولجينوف تهدئة تلك المخاوف بالقول إن بلاده تعتزم مواصلة تصدير الغاز الطبيعي دون أي انقطاع.
وشدد الوزير الروسي في مؤتمر مصدري الغاز، الثلاثاء، على أن موسكو تسعى لتحقيق التوازن في الأسواق العالمية للغاز.
ويأتي هذا التعليق قبل أن تتخذ الحكومة الألمانية قرارا بتعليق مشروع "نورد ستريم 2" ردا على الاعتراف الروسي بدونيتسك ولوغانسك الانفصاليتين.
ومشروع "نورد ستريم" الذي سينقل الغاز من روسيا إلى ألمانيا عبر بحر البلطيق، تم الانتهاء منه منذ أسابيع وكان ينتظر القرار بشأن التشغيل.
وتعد روسيا ثاني أكبر منتج للنفط والغاز الطبيعي سويا في العالم، وتأتي تلك الأزمة في وقت يكافح فيه سوق الطاقة العالمي مواكبة الطلب.
طبول الحرب
بدوره، يرى وزير البترول المصري الأسبق أسامة كمال، في تصريحات خاصة لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن العالم يشهد تداعيات كبيرة نتيجة الأزمة الروسية الأوكرانية، بعد أن دقت طبول الحرب بين الشرق والغرب بصفة عامة.
ووصف ما يحدث بأنه "صراع تكسير عظام"، حيث يختبر فيه الأطراف المختلفة مدة قوة الطرف الآخر وصلابته وقدرته على التحمل.
وأوضح كمال أن النفط على رأس الجوانب التي ستتأثر جراء تلك الأزمة، حيث يستخدم كل طرف الأسلحة التي معه للضغط على الطرف الآخر، وتعول موسكو على سلاح الغاز للضغط على أوروبا و"هذا سلاح قاتل بالنسبة لهم".
وبشأن تصاعد أسعار النفط، قال الوزير المصري السابق إن الأسواق العالمية في حالة ترقب، ولا يستطيع أحد التيقن بمستوى الأسعار قبل نهاية الأسبوع الجاري؛ انتظارا للخطوة التالية بين روسيا من ناحية، والولايات المتحدة وأوروبا من ناحية أخرى بعد قرار بوتن بنشر قواته في إقليمين انفصاليين بشرق أوكرانيا
وقال كمال: "هل سيحدث غزو بالفعل أم نعود للمربع صفر؟.. لو حدث الغزو أو طبُقت عقوبات اقتصادية على روسيا ستتصاعد الأسعار بالفعل".
وفي هذا الإطار، حذر بنك "جي بي مورغان" من أن أي تعطيل لتدفقات النفط الروسي سيؤدي إلى زيادة سعر النفط "بسهولة" إلى 120 دولارا للبرميل.
دراسة أوروبية
بسبب تلك التوترات، يعتزم الاتحاد الأوروبي دراسة فرض مستويات محددة لمخزونات الغاز، إذ قالت مفوضة الطاقة بالاتحاد الأوروبي كادري سيمسون إن الاتحاد يدرس إمكانية إلزام الدول الأعضاء بملء خزاناتها من الغاز الطبيعي إلى مستويات معينة، لتحقيق أمن الطاقة وسط المخاوف الراهنة.
وتبلغ مخزونات الغاز الأوروبية حاليا 32 بالمئة من الطاقة الاستيعابية مقارنة مع حوالي 40 بالمئة قبل عام.
وتوقع كمال ألا تطول الأزمة الراهنة، وستسعى القوى العالمية لإخماد الصراع ومنع تمدده "لأنها أمر صعب على العالم كله ولا يستطيع أحد تحمل تبعاتها".
وبحسب "رويترز"، فإنه من المتوقع انخفاض صادرات الغاز الطبيعي من روسيا إلى أوروبا الغربية بشكل كبير عبر كل من أوكرانيا وبيلاروسيا في حال فرض عقوبات على موسكو.
كما ستتأثر أسواق النفط أيضا من خلال القيود أو الاضطراب، فأوكرانيا تنقل النفط الروسي إلى سلوفاكيا والمجر وجمهورية التشيك.
المشكلة الكبيرة
بدوره، يقول الخبير الاقتصادي رئيس منتدى الدراسات السياسية والاستراتيجية، رشاد عبده، في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن هناك مشكلة كبيرة ستحدث في أسواق النفط حال وقوع الغزو الروسي لأوكرانيا وفرض الغرب عقوبات على موسكو، إذ إن روسيا تتحكم فيما يقرب من 38 بالمئة من إمدادات الغاز للاتحاد الأوروبي.
ولفت عبده إلى أن ارتفاع أسعار الغاز والنفط، ستكبد الدول الصناعية الكبرى خسائر فادحة، إذ سترتفع تكلفة منتجاتها بما يهدد وجودها في سوق المنافسة العالمي أمام الصين واليابان.
وأكد أن قمة الدول المصدرة للغاز ستدعو لخفض التوترات السياسية لضمان إمدادات الغاز بشكل طبيعي.
وعلى وقع الأزمة الأوكرانية، عقدت اليوم قمة الدول المصدرة للغاز، أكدت فيها أنه لا توجد دولة واحدة يمكنها أن تحل محل إمدادات الغاز الروسية إلى أوروبا.
هبوط.. وصعود
وفي خضم الأزمة، تراجعت الأسهم العالمية بشكل حاد في التعاملات المبكرة الثلاثاء، حيث انخفض مؤشر "نيكاي 225" في طوكيو بنسبة 2.2 بالمئة، بينما هبط مؤشر "هانغ سنغ" في هونغ كونغ بنسبة 3.2 بالمئة، كما هبط المؤشر الأوروبي "ستوكس 600" بنسبة 1.7 بالمئة متراجعا للجلسة الرابعة على التوالي.
وصعد الذهب في تداولات اليوم فوق مستويات 1900 دولارا للأونصة ليتداول عند أعلى مستوياته منذ شهر يونيو الماضي، في الوقت الذي لجأ المستثمرون إلى الأصول الآمنة نسبيا مثل الذهب والسندات الحكومية.
ويقول رشاد عبده إن ما يحدث في الأسواق العالمية سيأخذ شكلا مؤقتا، ثم يعود الاستقرار بعد التوصل لاتفاق سياسي، مثلما حدث في أزمة القرم.
وأكد أن "تداعيات استمرار الأزمة ستطال العالم كله، فلا أحد في مأمن".