في أحضان الصحراء.. جنوب الجزائر يغني لإفريقيا "بإيقاع واحد"
20:33 - 20 فبراير 2022يجتمع هذا الأسبوع أكثر من 25 فنانا إفريقيا في جنوب الجزائر، ضمن برنامج ثقافي وموسيقي هو الأول من نوعه خلال جائحة كورونا، تحتضنه مدينة تاغيت بمحافظة بشار لمدة أسبوعين.
وتسعى التظاهرة الثقافية لتجسيد وتعزيز قيم التآخي والمحبة والتعايش المشترك بين جميع شعوب المنطقة، وتكريس ثقافة الانفتاح على الآخر، من خلال إظهار التواصل الثقافي والاجتماعي الإفريقي مع باقي سكان العالم.
ولإبراز تلك النقاط، سيتم التركيز على التمازج الثقافي الموسيقي بين القارة السمراء والولايات المتحدة، من خلال تسليط الضوء على الإسهامات الفنية للأفارقة الأوائل الذين هاجروا إلى أميركا، بطرق مختلفة، منذ القرن السابع عشر إلى يومنا هذا.
ولهذا الغرض دعت الجزائر مجموعة من الفنانين الذين يحملون جنسية الدول التي تجمعها حدود مشتركة مع الجزائر، على غرار المغرب وتونس ومالي وليبيا وموريتانيا والنيجر، بالإضافة إلى جنوب إفريقيا والولايات المتحدة، التي ستكون حاضرة بفنانين يؤدون أغاني الجاز والهيب هوب.
واحة التعايش والمحبة
وجاء اختيار واحة تاغيت، لما تشكله من جزء مهم من الصحراء الكبرى الإفريقية، التي تبلغ مساحتها 9 مليون كيلومتر مربع وتمتد من المغرب إلى مصر، وتشمل دول شمال إفريقيا.
وتتمتع تاغيت بأكثر من 60 تعبيرا فنيا وفلكلوريا والعديد من الطبوع الموسيقية الممتدة عبر مليوني سنة من الوجود، على غرار موسيقى الديوان والماية والحوبى والحيدوس والفوندو.
وتشير الأبحاث التاريخية إلى أن الواحة كانت محورا للتبادل الثقافي الإفريقي عبر التاريخ، وصنفت من قبل منظمة اليونسكو عام 1982 كموقع للتراث العالمي، لما تتمتع به من إمكانات سياحية متميزة، حيث تحتوي على العديد من المنحوتات الصخرية.
وتشتهر المنطقة بالنقوش الحجرية التي تعود إلى 8 آلاف سنة قبل الميلاد، وتؤرخ لفترة العصر الحجري وتطور حياة الإنسان البدائي الأول.
الموشحات الجزائرية
وأكدت الفنانة الجزائرية الشابة هند بوكلة، التي تشارك في هذا الحدث الفني، أن الهدف منه هو "إبراز الروابط التاريخية الموسيقية والثقافية التي تجمع البشرية، وتذكير العالم بأهمية الموسيقي في الحفاظ على روابط التسامح والعيش معا".
وقالت بوكلة لموقع "سكاي نيوز عربية": "لقد قدمت إفريقيا الكثير من الإبداع الموسيقي والفني للعالم عبر التاريخ".
إعادة إنعاش السياحة
وبالإضافة لإبراز الأثر الإيجابي لتلك القيم، وتثمين التنوع الثقافي وإظهار البعد التاريخي وأشكال التعبيرات الثقافية التي تزخر بها المنطقة، فإن التظاهرة تحمل أيضا أهدافا أخرى ذات طابع سياحي.
وأكد رئيس الفدرالية الوطنية للسياحة في الجزائر سعيد بوخليفة، أن "تنظيم مثل هذه التظاهرات الفنية من شأنه دعم قطاع السياحة وتحفيز النشاط في الجنوب، بعد أكثر من عامين من حالة تشبه الركود التام للقطاع السياحي في المنطقة بسبب كورونا".
واستطرد لموقع "سكاي نيوز عربية": "أدت الجائحة لانخفاض النشاط السياحي بشكل ملحوظ، وتاغيت تعد أحد أهم الواحات التي يحب السائح المحلي والأجنبي قضاء الوقت فيها، خاصة في فصل الشتاء، وهذه فرصة مهمة للجميع".
وسيمتد الحدث الفني والثقافي لمدة أسبوعين، وتحديدا حتى 13 مارس 2022، وهي الفترة التي ستشهد تنظيم ورشات عمل وكتابة العديد من الأغاني التي تعتبر بمثابة العقد، الذي يجمع بين الموسيقى الأميركية وأصولها السمراء.
مبادرة بمشاركة 370 فنانا
وبدوره، أكد المدير الفني للتظاهرة الفنان الجزائري شكيب بوزيدي، أن هذا الحدث الثقافي ينظم من جانب السفارة الأميركية بالجزائر، بالتعاون مع وزارة الثقافة والفنون.
وأضاف لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن هناك "تقاطعات كبيرة بين موسيقى شمال إفريقيا وموسقى الجاز والهيب هوب الأميركية، التي نشأت على يد الأفارقة الذين هاجروا بطرق مختلفة إلى الولايات المتحدة قبل نحو 400 عام".
ويعتبر الموعد الفني، امتدادا لبرنامج ثقافي عالمي انطلق لأول مرة عام 2012، بعنوان "وان بيت"، وقد جمع حتى الآن أكثر من 370 موسيقيا من 50 بلدا.