نازحو دارفور.. أحلام العودة تصطدم بواقع مرير
23:10 - 20 فبراير 2022يحلم النازح يحيى أبكر (55 عاما) بمغادرة مخيم زمزم للنازحين بولاية شمال دارفور، والعودة إلى قريته التي فر منها عام 2003 عقب اندلاع الحرب في الإقليم.
إلا أن آمال يحيى تصطدم بواقع مرير هو أن القرية التي فر منها لا تزال تفتقر لأدنى مقومات الحياة، حيث لا صحة ولا تعليم ولا مياه شرب نقية، فضلا عن الوضع الأمني الذي لا يزال هشا رغم التوقيع على اتفاق السلام.
مثل يحيى هناك آلاف النازحين ممن شردتهم الحرب التي قادها نظام الإنقاذ في إقليم دارفور غربي السودان عام 2003، يخططون للعودة للمناطق التي فروا منها، لبدء حياة جديدة بعد ما يقرب على العقدين قضوها في مخيمات الإيواء في ظل ظروف إنسانية بالغة السوء، بسبب نقص الغذاء وانعدام الخدمات.
ولا يزال كثيرون يشكون حالة الهشاشة الأمنية التي تعانيها مناطق متفرقة من الإقليم المضطرب، الأمر الذي فاقم مخاوف السكان من جراء تزايد حالات الاختطاف والقتل المتعمد.
ووفقا لمختصين في شأن الإقليم، فإنه في ظل الهشاشة التي باتت سمة الحياة في دارفور، يصعب عودة المواطنين لديارهم، لا سيما أن التحديات كثيرة.
ويقول الصحفي والمحلل السياسي محمد سليمان حامد إن عودة النازحين واللاجئين لمناطقهم الأصلية يصعب تحقيقها في الوقت الراهن، لاعتبارات كثيرة من بينها أن مئات القرى التي هجرها أهلها في حاجة إلى تأهيل، إلا أن ذلك يبدو غير ممكن في ظل الظروف الاقتصادية التي يعانيها السودان.
وأشار سليمان في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية"، إلى أن انتشار السلاح في أيدي السكان وعدم حصره في الأجهزة الأمنية والعسكرية، يجعل عودة النازحين لقراهم في الوقت الراهن صعبة إن لم تكن مستحيلة.
نقص الغذاء والدواء
ورغم مساعي إحلال السلام ووقف الحرب في المنطقة، ومن بينها التوقيع على اتفاقية جوبا عقب سقوط نظام البشير، فإن هناك مخاوف من استمرار التردي الأمني، مما يصعب عودة النازحين إلى قراهم التي لا يزال بعضها مهجورا.
ووفقا لإحصائيات رسمية أصدرتها الأمم المتحدة، هناك نحو مليون ونصف المليون نازح يقيمون في عدد من المخيمات بولايات دارفور الخمس، في وضع إنساني بالغ الصعوبة والتعقيد في ظل نقص حاد في المواد الغذائية، عقب توقف عمل عدد من المنظمات التي كانت توفر الغذاء.
لا تغادروا السودان!
شروط العودة
ويأمل كثير من النازحين أن يسهم اتفاق جوبا في عودتهم لقراهم ومناطقهم الأصلية بعد سنوات عاشوها في معسكرات للإيواء، لكن هذه العودة وفقا للناطق الرسمي باسم منسقية النازحين واللاجئين في إقليم دارفور آدم رجال، يصعب تحقيقها في الوقت الراهن.
ويشدد رجال في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية" على أن "تحقيق آمال وأحلام النازحين مربوط أولا بتحقيق الأمن ونزع السلاح، ومحاكمة الجناة الذين ارتكبوا جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، على رأسهم الرئيس المعزول عمر البشير ووزير دفاعه عبد الرحيم محمد حسين في المحكمة الجنائية الدولية، فضلا عن طرد الذين سيطروا على أراضيهم في سنوات الحرب، وإبعاد الجهات التي بدأت الآن التنقيب عن الذهب في قرى النازحين التي فروا منها".
وشدد المصدر على "ضرورة محاكمة المتورطين في تشريد اللاجئين، لكي يكونوا عظة وعبرة لكل من يحاول أن يرتكب جرائم مماثلة في المستقبل".
وأكد رجال على ضرورة تعويض اللاجئين "فرديا" عن أموالهم التي فقدوها عقب اندلاع الحرب، و"جماعيا" بتنمية مناطقهم وتشييد المدارس والمرافق الصحية.
ويوضح أن "الأوضاع في دارفور رغم التوقيع على اتفاق جوبا لا تزال آخذة في الانحدار"، مشيرا إلى استهداف النازحين في مخيمات ولاية غرب دارفور الأمر الذي أدى لموجة نزوح جديدة.