كيف يؤثر الانسحاب الفرنسي من مالي على ليبيا؟
13:51 - 19 فبراير 2022يضيف الانسحاب الفرنسي العسكري من دولة مالي عبئا جديدا على ليبيا، لا سيما وأن الانسحاب سيتم قبل تأهيل الجيش المالي بما يكفي لمواجهة الجماعات الإرهابية، ومنعها من الانتشار إلى دول شمال إفريقيا ومنطقة الساحل والصحراء.
ويرى خبراء تحدثوا لموقع "سكاي نيوز عربية" أن الجماعات الإرهابية، سواء في صحراء ليبيا التي وصفوها بأنها "الأكثر خطرا"، أو في مالي، تقف على أطراف أصابعها لاستغلال أي أزمة أو صراع أو فراغ ينشب لتزيد من انتشارها وتوسيع نفوذها.
وأعلنت فرنسا، الخميس، سحب قواتها من مالي وتركيز وجودها في دول مجاورة مثل النيجر، بعد تأزم خلافها مع باماكو الذي ظهر عقب الانقلاب العسكري في مالي مايو الماضي، واستمرار انتشار الإرهاب في البلاد رغم مرور 9 سنوات على الوجود الفرنسي هناك.
الصحراء الأكثر خطورة
ينبه المحلل السياسي الليبي إبراهيم الفيتوري إلى أن الجماعات الإرهابية ما زالت موجودة بشكل كبير في الصحراء الليبية جنوبا، وتتحفز لاستغلال أي أزمة تنشب في المنطقة لتتوسع وتربك الأوضاع.
وعلى الرغم من عدم وجود حدود مباشرة بين ليبيا ومالي، إلا أن الوجود العسكري الفرنسي في مالي كان يحد ولو قليلا من حركة هذه الجماعات والتنقل من بلد إلى بلد وصولا لليبيا، أو في اتجاه العكس، وفق الفيتوري.
وقلل من الفيتوري إمكانية "فاغنر" الروسية من تعويض غياب الجيش الفرنسي، خاصة أنها في النهاية شركة أمنية لا تملك قدرات الجيش.
ويستدعي المحلل العسكري الليبي طه البشير تجارب ودروس ما حصل من انسحابات مفاجئة في السابق، مثل انسحاب الجيش الأمريكي من أفغانستان وما أعقبه من قفز حركة طالبان على كرسي الحكم؛ وهو ما يمكن تكراره في مالي التي تعج مناطق فيها بحركات إرهابية تنتظر الفرصة.
صراع النفوذ الدولي
وفي تقدير البشير، فاللوجود العسكري الفرنسي سلبياته أيضا في أن جيوش دول الساحل والصحراء التي تمركز فيها أصابها الخمول؛ لاعتمادها بشكل كبير على القوة الفرنسية على مدى 9 سنين؛ وهو مؤشر خطر إضافي؛ لأنها فجأة ستجد نفسها في مواجهة مع جماعات إرهابية تحتاج خبرة وقدرات عالية.
ويلفت إلى أن عدة دول إقليمية وأوروبية حذرت من أنه تم رصد تحركات لجماعات إرهابية داخل ليبيا تستهدف خلق موجة جديدة من الإرهاب في شمال إفريقيا والساحل الإفريقي الغربي.
أمر آخر قد يزيد الأعباء على منطقة الساحل والصحراء، وهو الصراع على النفوذ بين الدول الأوروبية والولايات المتحدة من جانب، وروسيا من جانب آخر، وهو ما ظهر في تدهور العلاقات بين فرنسا ومالي، وكان احتمال استعانة الأخيرة بشركة "فاغنر" الروسية أحد أسبابه.
وفي هذا الاتجاه، يقول المحلل الليبي: إنه قد يحل محل حرب مكافحة الإرهاب صراع سياسي دولي في هذه البلاد، يعطي فرصة أكبر لانتعاش الجماعات الإرهابية للتوغل والسيطرة.
وحذر مرصد أمن البحر الأبيض المتوسط التابع لمؤسسة ثقافة الاستخبارات والتحليل الإستراتيجي (ICSA) من أن التغافل عن الجماعات الإرهابية وتحركاتها قد يساهم في مزيد من الفوضى و أن دول البحر المتوسط ليست بمأمن من هذا أيضا.
وقال ليوناردو تريكاريكو المدير المركزي لشرطة الوقاية بوزارة الداخلية الإيطالية في إفادة تضمنها التقرير إنه بين يناير 2018 ومايو 2019 نفذ تنظيم داعش عمليات إرهابية بشكل كبير في مناطق عدة بالرغم من أن هذا التوقيت هو أقل الأوقات نشاطا للتنظيم وهو الأمر الذي يشير إلى أن داعش قادر بالفعل على مهاجمة أهداف وهذه البيانات تدفع لعدم التخلي عن الحذر.
وصدرت تحذيرات من بريطانيا والصين وروسيا من أن تنظيم داعش قد يتخذ من ليبيا نقطة انطلاق للانتشار، خاصة وأن جنوب ليبيا يعاني من هشاشة أمنية لاتساع مساحته، وطبيعته الصحراوية، وحظر التسليح المستمر على الجيش الليبي، وضعف السيطرة على الحدود المشتركة مع تشاد والسودان والنيجر.
ويشن الجيش الوطني الليبي عمليات عسكرية وحملات أمنية مكثفة لفرض السيطرة هناك؛ حيث استطاع خلال العامين الماضيين القبض على عشرات الإرهابيين والقضاء على عدة بؤر إرهابية.