الحشد في أوكرانيا والانتقام في الشرق الأوسط.. ما القصة؟
05:33 - 10 فبراير 2022لا تبدو المسافات بين الدول بعيدة كما تبدو على الخريطة الجغرافية، فطلقة مدفع في بلد قد ترد عليها طلقة في بلد يبعد عنها آلاف الكيلومترات، وهو ما يُخشى حدوثه في ملف أزمة أوكرانيا وصداها في الشرق الأوسط بعد تصريحات جنرال أميركي بهذا الخصوص.
وفي جلسة استماع للجنة القوات المسلحة بالكونجرس بشأن ترشيحه لمنصب القائد العام للقيادة المركزية الأميركية، اعتبر الجنرال إريك كوريلا أن "غزو روسيا لأوكرانيا سيؤدي إلى عدم استقرار أوسع في الشرق الأوسط، بما في ذلك سوريا".
وعلى هذا، قال إنه في حين تضع واشنطن "المنافسة الاستراتيجية" مع بكين وموسكو أولوية قصوى، فإن ذلك يعني أيضا أن "نظل منخرطين في الشرق الأوسط ووسط وجنوب آسيا".
وأوضح كوريلا أن روسيا تمتلك قواعد عسكرية وقوات في سوريا، و"إذا غزت روسيا أوكرانيا، فلن تترد في لعب دور المفسد في سوريا أيضا".
عن الحرب والسلام
وفي تعليقه على هذه التحذيرات، يقول الباحث زياد سنكري، لموقع "سكاي نيوز عربية" إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتن يسعى لتصحيح تبعات انهيار الاتحاد السوفييتي، وأوكرانيا هي المدخل لتظهر بلاده مجددا كـ"قطب عالمي وإنهاء تهميشها"، وفي نفس الوقت تسعى واشنطن لتصحيح صورتها بعد الانسحاب الفوضوي من أفغانستان.
وتوقع السنكري بأنه في حال نفذت واشنطن تهديداتها بفرض عقوبات اقتصادية وعزل روسيا عن النظام المصرفي العالمي وعقوبات تطال الرئيس الروسي فلاديمير بوتن والنخبة الحاكمة فإن القوات الأميركية في سوريا قد تتعرض لمخاطر؛ لأن سوريا واقعة تحت الهيمنة العسكرية الروسية، ويطال التهديد أيضا الوجود الأميركي في العراق لوجود ميليشيات هناك تابعة لإيران، وقد يقوم "شبه تفاهم روسي إيراني لإلحاق الأذى بالأميركيين".
ولم يستبعد الباحث زياد سنكري أن تصل موجات هذا الاضطراب إلى ليبيا التي يوجد بها قوات "فاغنر" الروسية، وعلى مرمى حجر من السواحل الأوروبية، ويبقى التعويل بأن الحلول الدبلوماسية هي المخرج دون خاسر أو رابح.
رسالة تهديد لروسيا
ويرى الباحث في التاريخ الأميركي، كامل الزغول، أن تصريحات كوريلا تأتي من خبرته في الشرق الأوسط؛ حيث عمل كرئيس أركان القيادة الوسطى المركزية الأميركية خلال فترتي حكم باراك أوباما ودونالد ترامب.
وتقديرات كوريلا لها أسباب، حسبما يوضح الزغول في حديثه لـ"سكاي نيوز عربية"، ومنها "نقل بعض واجبات الأسطول السادس من أفغانستان إلى القيادة الوسطى في الشرق الأوسط".
والثاني، هو أن التماس مع الروس في أوكرانيا جزء من كل، حيث تنفذ واشنطن استراتيجيتها في كل العالم، بدليل أنها أعادت هيكلة قواتها في الشرق الأوسط وإفريقيا، والسبب الثالث، هو رسالة تهديد لروسيا في سوريا، الملف المؤجل، والذي بإمكان واشنطن أن "تقلب الأوراق" في سوريا، وتكبد موسكو خسائر فادحة.
ويخلص الزغول إلى أن واشنطن بدأت تعتمد على جنرالات لديهم فكر شامل يربط بين المسائل الجيوسياسية بين الأقاليم، ولذلك تم ترشيح كوريلا الذي وصفه قائد القيادة المركزية السابق جوزيف فوتيل بأنه "مفكر استراتيجي له رؤية تمكنه من رؤية الصورة بكل تفاصيلها".
يأتي هذا فيما تستمر الجهود الدبلوماسية لحل أزمة أوكرانيا، حيث قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعد لقائه فلاديمير بوتن في روسيا إنه يرى حلولا "ملموسة"، وقد تلقى تأكيدات من بوتن بأنه لن يكون هناك مزيد من التصعيد.
وحشدت روسيا 100 ألف جندي على الحدود مع أوكرانيا، وهو ما أثار اتهامات من الولايات المتحدة ودول أوروبية بأنها تستعد لغزوها، وهو ما تنفيه موسكو.