استبعاد زيباري.. منصب رئيس العراق بمعركة "تكسير العظام"
10:54 - 07 فبراير 2022قررت المحكمة الاتحادية العراقية، الأحد، إيقاف إجراءات انتخاب هوشيار زيباري، المرشح عن الحزب الديمقراطي الكردستاني، لمنصب الرئيس العراقي مؤقتاً.
وصدر القرار بالأغلبية، وقالت المحكمة الاتحادية في حيثياته، إنها "قررت إيقاف إجراءات انتخاب هوشیار محمود محمد زيباري، لمنصب رئيس الجمهورية مؤقتًا لحين حسم الدعوی 17 اتحادية/ 2022".
وبالقرار الجديد دخلت معركة اختيار رئيس جمهورية العراق مرحلة تكسير العظام، بعد الدعاوى القضائية التي طالبت باستبعاد زيباري، من السباق الرئاسي، بتهمة "إهدار المال العام والفساد واستغلال منصبه الوظيفي".
وجاء قرار المحكمة قبل يوم واحد على عقد البرلمان العراقي جلسته لاختيار الرئيس العراقي الجديد.
اتهامات من "المالية" لـ"الرئاسة"
والدعاوى القضائية ضد ترشح زيباري قدمها 5 نواب بالبرلمان العراقي، بينهم النائبة عن حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، ديلان غفور، والنائب عن قوى الإطار التنسيقي الشيعي، علي تركي، الخميس.
كما قدم القاضي المتقاعد والمرشح الرئاسي حسين أحمد هاشم الصافي، الخميس، دعوى قضائية أخرى طالبت بإصدار قرار قضائي باستبعاد هوشيار زيباري، والمرشح والرئيس العراقي الحاليبرهم صالح.
ووثيقة الدعوى، التي تداولتها وسائل إعلام عراقية، أكدت أن زيباري "لا تتوفر فيه الشروط الدستورية للترشح للمنصب؛ نتيجة إقالته من وزارة المالية عام 2016 للاشتباه بتورطه في ملفات تتعلق بالنزاهة".
وقالت الوثيقة إن "القضاء يحقق في اتهامه بصرف أكثر من 3 مليارات و771 مليون دينار كإيجارات لعدد من منتسبي وزارة الخارجية أبان توليه منصب وزير المالية، 2014 – 2016- وقبل حقيبة الخارجية- رغم اعتراض الجهات الإدارية".
وأكدت: "المرشح صادر بحقه أمر استدعاء وفق أحكام المادة 340 من قانون العقوبات، بتلك القضية، لكنه لم يحضر حتى الآن".
الصدر وزيباري
والمنافسة على المنصب تنحصر بين الرئيس العراقي الحالي برهم صالح مرشح الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة بافل طالباني، وهوشيار زيباري مرشح الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني، مع موجود 24 مرشحا آخر، لكن حظوظهم بالفوز تبدو قليلة.
وأعلنت الكتلة الصدرية، مقاطعة جلسة الاثنين، المخصصة لانتخاب الرئيس، فيما أثار زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، جدلا عندما حثّ نواب كتلته على عدم التصويت لهوشيار زيباري، إذا لم يكن مستوفيًا للشروط.
وقال الصدر في تغريدة على "تويتر": "إذا لم يكن مرشح الحزب الديمقراطي الحليف لرئاسة الجمهورية مستوفيًا للشروط، فأدعو نواب الاصلاح لعدم التصويت له"، مضيفًا: "نحن دعاة إصلاح، لا دعاة سلطة وحكم".
تكسير العظام
ووصلت المنافسة بين القوى الكردية على منصب الرئيس إلى مرحلة "تكسير العظام". ففيما يصر حزب الاتحاد الوطني الكردستاني على التجديد للرئيس الحالي برهم صالح، قدم الحزب الديمقراطي الكردستاني مرشحه زيباري.
أما قوى الإطار التنسيقي المظلة السياسية للمليشيات المسلحة، فوجدت نفسها بين مرشحين، لا ترغب بتنصيبهما.
ويقول المحلل السياسي العراقي، علي الصاحب، إن "مرحلة اختيار الرئيس دخلت معركة تكسير العظام بين القوى الكردية"، لافتا إلى أن "المليشيات المسلحة ترفض كلا المرشحين، لكن الاتفاق الثلاثي المبرم بين الصدر والحلبوسي وبارزاني، أفضى لهذه النتيجة، ولهؤلاء المرشحين، ويجبرها على القبول".
وتوقّع الصاحب في تصريحات خاصة لموقع "سكاي نيوز عربية" عقب قرار المحكمة الاتحادية العليا، أن "تشهد المرحلة المقبلة طعونا قضائية متبادلة ستؤجل حسم المنصب، وستخلق فراغًا دستوريًا في البلاد؛ لتجاوز المدة القانونية المنصوص عليها في الدستور حول آليات اختيار رئيس الجمهورية".
ويتابع: "العراق يمر بمرحلة انسداد سياسي والتعويل الحالي سيكون على المفاوضات للتوصل إلى حلول توافقية أو انفراجة تنهي هذا الانسداد".
لا مانع للترشح
وأقال البرلمان العراقي بأغلبية الأصوات، زيباري، من منصبه عام 2016 بسبب اتهامات بالفساد، فيما يقول الحزب الديمقراطي إن "تلك الإقالة كانت بدوافع سياسية".
ومعلقا يقول الخبير القانوني العراقي حيدر الصوفي، إنه "لا توجد مادة قانونية تمنع ترشيح زيباري للرئاسة؛ لأنه اتُّهِم بقضايا فساد ولم يُحكم عليه، وأن النص الدستوري يقول إن المتهم بريء حتى تثبت إدانته".
ويضيف لموقع "سكاي نيوز عربية" أن المسؤولية تقع على عاتق أعضاء البرلمان العراقي؛ لأنهم المسؤولون في التصويت على الأشخاص، ويجب ألا يصوتوا لأي شخصية متهمة بالفساد".
زيباري يرد
وعن الدعاوى القضائية واتهامات الفساد، ردّ زيباري بأن "مسألة سحب الثقة مني كوزير للمالية كانت مسيّسة، ولم تصدر أي إدانة ضدي من القضاء".
وقال المرشح العراقي: "ترشحي للرئاسة قطعي وماضون به إلى النهاية"، مضيفا، في تصريحات لقناة "العراقية" الرسمية الجمعة، أن "مبادرة بارزاني جاءت بعد العلاقة الجيدة للديمقراطي مع تحالف السيادة والتيار الصدري"، مؤكدًا أنه "لا يوجد أي طرح عن دور لتفتيت البيت الشيعي".
ويضيف: "ليس من مصلحتنا أن يكون هناك فراغ حكومي أو دستوري"، وفقًا لزيباري، الذي لفت إلى أنه "نعمل على الإسراع بتشكيل حكومة بمشاركة واسعة للقوى الوطنية".
وبشأن سلاح مليشيات الحشد الشعبي، يؤكد: "هناك رؤية لدمج الفصائل المسلحة وتقوية سلطة الدولة، ولا توجد أي محاولة للمساس بالحشد الشعبي".
وأكد أن ترشحه للمنصب "قطعي وأن التصويت يحتاج إلى ثلثي أعداد أعضاء البرلمان، ولدينا تحشيد للحصول على العدد الكافي".
وبشأن منافسة الاتحاد الوطني وترشيح برهم صالح، يقول: "الاتحاد أخذ فرصته لرئاسة الجمهورية لـ17 عاماً"، مبينًا: "نحن والاتحاد شركاء، وهناك تهويل ومبالغة لبعض المواقف".
خلافات عميقة
ونشبت خلافات بين القوى الكردية الممثلة في حزبي الاتحاد الوطني الكردستاني والديمقراطي الكردستاني، حول أحقية تسمية رئيس العراق المقبل.
ومعلقا يقول عضو الاتحاد الوطني الكردستاني كاروان أنور: "تمسك الحزب الديمقراطي الكردستاني بترشيح زيباري، ليس من مصلحة جميع العراقيين، لاسيما جماهير إقليم كردستان التي ترفضه رفضا قاطعا".
ويضيف: "لم يحدث في تاريخ أي دولة أن يتم اختيار شخص أحيل للجنة النزاهة، وتم سحب الثقة منه؛ بسبب قضايا فساد، ويتم تنصيبه رئيسًا للجمهورية، هي أكبر مهزلة أو نكتة سياسية"، بحسب قوله.
أما عضو الاتحاد الوطني الكردستاني طارق جوهر، فيقول: "إن العراق يعيش حالياً مرحلة انسداد سياسي لن تحل إلا بالمفاوضات، بعد قرار المحكمة الاتحادية بشأن جلسة انتخاب رئيس الجمهورية وإعلان الكتلة الصدرية عدم المشاركة فيها، مستبعداً تحقق النصاب القانوني لعقد جلسة البرلمان لاختيار الرئيس"
جوهر يضيف: "هناك خلافات عميقة سواء بالبيت الشيعي أو الكردي، والاتحاد الوطني متمسك بمرشحه برهم صالح والاعتراضات على مرشح الحزب الديمقراطي هوشيار زيباري عبرت عنه قوى سياسية كثيرة، ونعتقد أن حظوظ صالح ما زالت قائمة، وسيفوز في الجولة الثانية لا الأولى".