بوثيقة من 31 بندا.. بوتن يناكف الغرب من "أولمبياد بكين"
10:59 - 05 فبراير 2022تحالف جديد بين روسيا والصين على وقع أزمة أوكرانيا يشي بدخول العلاقات بين القوى الدولية لـ"عصر جديد"، قد يزيد التوتر بين واشنطن وموسكو، ويجعل كييف أول ساحة للحرب الباردة الجديدة، بحسب محللين.
هذا التحالف تبلورت لبنته الأولى، في توقيع الرئيسين فلاديمير بوتن ونظيره الصيني شي جينبينغ، الجمعة، خلال قمة على هامش افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الشتوية الـ24 في بكين، وثيقة مشتركة تحت شعار دخول العلاقات الدولية لعصر جديد وباسم "الإعلان المشترك بخصوص دخول العلاقات الدولية عهدا جديدا والتنمية المستدامة".
وثيقة من 31 بندا
والوثيقة المكونة من 31 بندا أكدت تأييد البلدين تشكيل نوع جديد من العلاقات بين القوى العالمية على أساس الاحترام والتعايش السلمي، والتمسك بحزم بحُرمة نتائج الحرب العالمية الثانية والنظام العالمي القائم بعد الحرب.
وقالت الوثيقة في شقها الأمني إن الدولتين تصران على ضرورة إزالة الولايات المتحدة السريع لمخزوناتها من الأسلحة الكيماوية، ووقف "التدخلات السلبية" الأميركية في منطقة المحيطين الهادئ والهندي.
وعبّرا عن قلقهما من خطط واشنطن تطوير نظام الدفاع الصاروخي العالمي ونشر صواريخ متوسطة وقصيرة المدى في منطقة آسيا والمحيط الهادئ وأوروبا، معربا عن قلق موسكو وبكين حيال تحالف "أوكوس" كونه يزيد من خطر سباق التسلح بالمنطقة ويخلق مخاطر انتشار الأسلحة النووية.
وأعربت روسيا والصين، خلال الوثيقة، عن معارضتهما لاستمرار تمدد حلف الناتو، وحثتا دول الحلف على "التخلي عن المناهج الإيديولوجية التي تعود إلى حقبة الحرب الباردة، واحترام سيادة وأمن ومصالح دول أخرى".
كما دعا الإعلان المشترك كافة القوى النووية إلى "التخلي عن عقلية الحرب الباردة" وتقليص الاعتماد على ترسانتها النووية في سياساتها الأمنية وسحب كافة أسلحتها النووية المنتشرة خارج حدودها.
ومعلقا يقول الخبير في الشأن الروسي نبيل رشوان، في تصريحات خاصة لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن "الغرب يصاعد الأزمة بين موسكو وكييف، وفي الوقت نفسه يؤكد عدم نيته التدخل في حرب قد تنشب بين روسيا وأوكرانيا، وهى دعوة خبيثة لتوريط موسكو، لكن روسيا صعب جرها لتلك المغامرة".
ويرى أن ما يحدث من مناوشات غربية مع روسيا هو "محاولة لجر الروس للتدخل العسكري في أوكرانيا واستنزافه مثل سيناريو أفغانستان".
تقاليد قديمة وصداقة
وتحسنت العلاقات بين الصين وروسيا بشكل كبير بعد تفكك الاتحاد السوفييتي وتأسيس الاتحاد الروسي عام 1991.
وبدأ التقارب الفعلي عام 1992، حيث أعلنا أنهما يسعيان إلى شراكة بناءة، وفي عام 1996، تقدما نحو "شراكة استراتيجية؛ حتى عام 2001، وقعا معاهدة "صداقة وتعاون".
والبلدان يشتركان بحدود برية طويلة حُددت عام 1991، ووقّعا على معاهدة حسن الجوار والتعاون الودي 2001.
وفيما يتمتع البلدان بشراكة عسكريًا، اقتصاديًا، وسياسيًا، يتقاسمان نفس الموقف ويدعم كل منهما الآخر في عدة قضايا عالمية، كما يعارضان السياسة الخارجية للولايات المتحدة.
وخلال أول لقاء مباشر منذ بداية جائحة كورونا مع نظيره الصيني، قال بوتن إن العلاقات بين روسيا والصين اكتسبت طابعا غير مسبوق، يدعم كل منهما تنمية وتطور الآخر، مضيفا أن "البلدين جاران تجمعهما تقاليد قديمة من الصداقة والثقة".
وأضاف الرئيس الروسي أن العلاقات بين روسيا والصين هي مثال جيد لبناء علاقات ثنائية جديرة بالاهتمام، وتتطور بشكل تدريجي بروح الصداقة والشراكة الاستراتيجية.
من جهته، رد جينبينغ بأن الصين وروسيا تدعمان بقوة الجهود المبذولة لحماية مصالحهما الرئيسية في العالم.
وأضاف أن الثقة المتبادلة السياسية والاستراتيجية بين بكين وموسكو مستمرة في النمو والتطور، وأن البلدان يعملان معا لتطبيق تعددية حقيقية وتكون بمثابة دعامة لتوحيد العالم في التغلب على أزماته.
رد على الغرب
ويأتي التقارب الروسي الصيني كرد على الإجراءات الغربية ومحاولات التدخل في الشؤون الداخلية لروسيا والصين، ما أدى إلى تعميق أواصر التعاون بين البلدين، بحسب محللين.
وبحسب الخبراء فإن سياسة الولايات المتحدة وحلفاءها دفعت البلدين الجارين لهذا التقارب، إذ يجريان منذ 2012 مناورات عسكرية مشتركة فضلا عن التقارب الاقتصادي وتنسيق المواقف السياسية حيال مختلف القضايا الدولية.
وخلال الفترة من يناير 2021 إلى نوفمبر 2021، زادت نسبة التبادل التجاري بين البلدين بمقدار 31% لتصل إلى 123 مليار دولار، ويهدف البلدين لرفعها إلى 200 مليار دولار، بحسب الكرملين.
وهنا يقول الخبير في الشأن الروسي نيكولاي ميزيفيتش، إن اهتمام الصين بتطوير العلاقات الاقتصادية مع روسيا، سببه في المقام الأول عمليات تدفق موارد الطاقة الروسية.
ويضيف: "يجري بالفعل تنفيذ العديد من مشاريع البنية التحتية بين الجارتين، بما في ذلك خط أنابيب "قوة سيبيريا" عبر منغوليا وإنشاء هذا الخط سيمكن من حل عدد من المشاكل السياسية"، وفق وكالة سبوتنيك الروسية.
حرب باردة جديدة
والتقارب الروسي الصيني، يشي- بحسب خبراء- بعودة الحرب الباردة من جديد ويعد فصلا جديدا من الصراع الممتد بين الأقطاب العالمية في ظل مناوشات غربية مع روسيا حول أوكرانيا.
وهنا يقول محمد حامد، رئيس منتدى الشرق الأوسط للدراسات، إن "ما يحدث من تقارب روسي صيني يؤكد عودة الحرب الباردة من جديد وهي ستستمر طويلا".
ويضيف في تصريحات خاصة لموقع "سكاي نيوز عربية": "أوروبا تشعر بأنها باتت مهددة بعدما حشد بوتن آلاف الجنود على حدود أوكرانيا، وهناك مخاوف حقيقية من اجتياح صيني لتايوان، وهو أمر يثير مخاوف قوى آسيوية عدة مثل اليابان وكوريا الجنوبيّة وغربية مثل أميركا وحلف الناتو".
حامد يرى أن "الساحة الأوكرانية باتت ساحة اختبار حقيقية للطرف الروسي، كما هي ساحة اختبار أهم للطرف الغربي".
تحذير أميركي للصين
وفي أول رد فعل على الوثيقة الروسية -الصينية، حذرت واشنطن، بكين من أن اندلاع نزاع مزعزع للاستقرار في أوروبا "سيضر مصالح الصين في العالم أجمع".
وقالت جين ساكي، المتحدثة باسم البيت الأبيض، الجمعة، تعليقا على لقاء بوتن وجين بينغ: "لدينا علاقات خاصة مع الصين وفقا لرؤية الرئيس بايدن".
وتابعت أن وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، تحدث مع نظيره الصيني، وانغ يي، وأكد له "المخاطر العالمية للأمن والاقتصاد التي يثيرها أي عدوان روسي ضد أوكرانيا".
كما أشار بلينكن لنظيره الصيني إلى أن "خفض التصعيد والدبلوماسية يمثلان طريقا مسؤولا إلى الأمام"، بحسب ساكي.
وأردفت: " بكل تأكيد على الصين أن تفهم ذلك، ولا شك نقيم علاقات خاصة بنا مع الصين ونتواصل بشكل مباشر على مستوى عال للغاية، وفي الوقت الحالي نسعى لتوحيد الجهود للرد بشكل حاسم على روسيا حال غزو أوكرانيا".