يوم "الأخوة الإنسانية".. قصة بطلها قديس وملك قديم بمصر
15:03 - 04 فبراير 2022يحتفل العالم في 4 فبراير باليوم العالمي للإخوة الإنسانية، الذي يراه قادة عالميون تتويجا لرحلة بدأت منذ 800 عام لإطلاق الحوار بين المسلمين والمسيحيّين وتيسير الطريق أمام الإرساليات الدينية.
وأقرت اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة الاحتفال في 2020، تخليدا لتوقيع اتفاقية "الإخوة الإنسانية" بين شيخ الأزهر أحمد الطيب وبابا الفاتيكان فرنسيس في 4 فبراير 2019 برعاية الإمارات.
والوصول إلى هذا الاحتفال لم يكُن يسيرا، وبدأت أولى المحاولات منذ 800 عام حين التقى القديس فرنسيس الأسيزي، الملك الكامل ثاني الملوك الأيوبيّين في مصر.
وحضر الأسيزي لمصر 24 يونيو 1219، والتقى السلطان الكامل الأيوبي، وأكرم السلطان وفادته، مصرّحا له ولأبنائه بالبقاء في مصر وفلسطين، خاصة أنه معروف عن الأسيزي معارضته للحملات الصليبية.
مَن هو فرنسيس الأسيزي؟
وُلد في مدينة أسيزي بمقاطعة أومبريا بإيطاليا 1181، وكان فتى مُدللًا يحلم بأن يكون فارسا، وليس تاجر قماش مثل والده.
اشترك في الحرب بين أسيزي ومدينة بيروجيا المنافسة، وأُسر لمدة سنة، ثم عاد إلى أسيزي بصحة معلولة؛ فلازم البيت زمنا مفكرا، ولما تعافى زار الكنائس في ريف أسيزي، ليقضي فيها ساعات يتأمل آلام العالم.
وفي العشرينيات من عمره تخلّى عن حياته الدنيوية الفخمة وانشغل بإصلاح الكنائس.
اختبار الملك
وعن سبب رحلة الأسيزي لمصر، يقول رئيس دير الآباء الفرنسيسكان، الأب ممدوح شهاب، إنه حصل على إذن من البابا لمرافقة إحدى الحملات الصليبية بنية زيارة بيت المقدس، ولم يأتِ حاملا للسلاح، بل رافق الحملة لتحقيق هدفه، وعندما وصل إلى دمياط بمصر ترك الحملة، وطلب لقاء الملك الكامل.
وأضاف شهاب أنه بناءً على ما أورده الأب الفرنسيسكاني، جوني بستي ساني، عن اللقاء، فإن الكامل اختبر الأسيزي ليتأكد من نيّته باختبار اسمه "الأوردرية"، وهو أن يمشي الشخص على جمر نار فإن كانت نيّته صادقة لن يتضرر، وإن كانت خبيثة تحرقه النار، وعبر الأسيزي الاختبار.
وفي تقدير شهاب فهذا أول لقاء يجمع بين ممثل عن المسلمين وممثل عن المسيحيين للحديث عن مشتركات الأديان، وهذا أعاد نفسه بعد 800 سنة في لقاء البابا فرنسيس مع الشيخ أحمد الطيب لتوقيع وثيقة الإخوة الإنسانية.
نتائج اللقاء
الأب منصور المستريح، من الآباء الفرنسيسكان، يقول إنه بعد نجاح لقاء القديس فرنسيس والملك الكامل توافد الآباء الفرنسيسكان على الأماكن المقدّسة في مصر والقدس بحرية تامة.
وأضاف المستريح لموقع "سكاي نيوز عربية"، أنه في 1632 أُنشئت أول كنيسة كاثوليكية في مصر، عن طريق دون جيوفاني سفير البندقية في القاهرة الذي أتى برهبان من القدس لخدمة الجالية التابعة لهم، وجاؤوا على أنهم أطباء خوفا من تضييق السلطات العثمانية، ومن وقتها بدأت الإرساليات الكاثوليكية.
وزاد عدد الكاثوليك كثيرا في حكم محمد علي باشا (1805- 1848) بسبب انفتاحه على الغرب؛ وهو ما تسبّب في قدوم عدد كبير من الأجانب من إيطاليا ومالطا وفرنسا، وكانوا من رعايا الكنيسة الكاثوليكية، حسب المستريح.
وفي 2019، احتفلت الفاتيكان بمرور 800 عامٍ على لقاء الأسيزي والكامل، ووجّه البابا فرنسيس رسالة ذكَّر فيها بجهود القدّيس الراحل في نشر السلام والحوار، قائلا: "لقد فهم القديس فرنسيس في قلبه أن جميع الأمور قد خلقها خالق واحد، الخالق الوحيد والصالح وأن جميع البشر يملكون أبا مشتَركا".