هل تنتهي معضلة "الدواعش الأجانب" بعد مجزرة الحسكة؟
12:04 - 01 فبراير 2022جدَّدت الولايات المتحدة مطالبتها للدول الأوروبية خاصةً حلفائها بـ"استعادة عاجلة" لرعاياها الموقوفين في سوريا بتهمة الانضمام لتنظيم "داعش" الإرهابي، وهو ما عدَّه محللون خطوة مهمّة بعد مجزرة سجن غويران في الحسكة ومخاطر الأزمة على المنطقة.
ويوم الأحد، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، ذات الغالبية الكردية، انتهاء عمليات التمشيط في سجن غويران على أثر معارك عنيفة استمرّت أيامًا وأوقعت 373 قتيلًا بينهم 268 داعشيًّا، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي أشار إلى أنّ السّجن يضم نحو 3500 سجينٍ من عناصر وقيادات التنظيم.
حين يبدأ التطرف من الأسرة
وتؤكّد السلطات الكرديّة أن أكثر مِن 50 جنسية تدير السّجون، ودائمًا ما تؤكّد أنّها لا تملك الوسائل لحراسة معتقلي التنظيم أو محاكمتهم، لكن غالبية الدول المعنية ترفض استعادة رعاياها وتفضّل إبقاءهم في عهدة السلطات الكردية.
نتائج ضعيفة
جاسم محمد، رئيس المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والتطرّف (مقرّه ألمانيا)، قال إنّ الضغوط الأميركية مستمرّة منذ عهد إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب لكن دول أوروبا ما زالت تتحجج بأنّها غير قادرةٍ على استعادة المُقاتلين أو عائلاتهم وأطفالهم، وتُشير إلى أنّها تقوم بدراسة كُلّ حالة على حدة.
وأضاف جاسم محمد، في حديث مع "سكاي نيوز عربية"، أن "أوروبا تتحجّج بعدم وجود نتائج حول الفحوصات الجنائية والتحريات للتأكّد من نسب الأطفال وعائلاتهم وأيضًا ضرورة توفّر المعلومات حول المقاتلين الأجانب قبل استعادتهم".
وأوضح أنّ الضّغوط الأميركية يُمكن أن تأتي بنتائج لكن أتوقّع أن تكون "ضعيفة جدًّا" باستعادة بعض الأطفال ربما أو بعض النّسوة ليس أكثر، مشيرًا إلى أنّ عام 2021 لم يشهد إلا عودة بضع نساء إلى بلجيكا وألمانيا وفرنسا.
وأكّد على أن هذا الملف يدور في محلّه دون إحراز أي تقدّم، وبدون شكّ عدم استعادة هؤلاء المقاتلين وعائلاتهم وأطفالهم يزيد مِن حدة التوتر والتطرف والإرهاب في المنطقة، وعلى أوروبا الاستجابة إلى مطالب المجتمع الدولي وأميركا باستعادة مقاتليهم.
ضغوط إيجابية
الأكاديمي المُتخصّص في الشؤون الدولية، سمير الكاشف، قال إنّ عودة الدواعش معضلة كبيرة لأوروبا خاصّة أن أحد أسباب هروبهم من بلدانهم هو افتقارهم للإحساس بالهوية والانتماء، وهو ما تخشى الدول انعكاساته عليها حال عودتهم بأن يكونوا قنابل موقوتة قد تنفجر بوجهها بأي وقتٍ خاصّة فرنسا التي ذاقت الأمرين من ذئاب "داعش" المنفردة.
وأضاف الكاشف، في تصريحات لـ"سكاي نيوز عربية"، أن المخاوف الأوروبية لا تقتصر على الأفراد في حدّ ذاتهم بل مِن تهديدات أمنية؛ تتمثّل في نشر التطرّف وتسريع وتيرة الاستقطاب والتجنيد بهدف تنظيم هجمات إرهابية.
وأشار إلى أن الضغوط الأميركية إيجابية حتى لو كانت نتائجها غير أكيدةٍ خاصّة أنّه في حال كان قد تمكّن عناصر "داعش" من الفرار من سجن غويران وهم بالمئات، فكانت بمثابة عودة قوية للتنظيم وكارثة للمنطقة التي ما زالت تأنّ تحت ضربات فردية للتنظيم بين الحين والآخر.
"داعش" لا يزال يمثّل تهديدًا
والإثنين، قال الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس، في بيان، إن واشنطن تشيد بقوات سوريا الديمقراطية وبـ"ردّهم البطولي والفاعل" على الهجوم الذي قال إن المعارك التي دارت خلاله "قتل فيها مسؤولون كبار في داعش أو قبض عليهم".
والهجوم هو الأوسع نطاقًا لـ"داعش" السّاعي إلى تحرير مناصرين له، منذ هزيمته في سوريا عام 2019 في مواجهة قوّات كردية.
وأضاف برايس أنّ "التكتيكات العنيفة واليائسة للدولة ضد داعش تذكّر العالم بأن التنظيم الإرهابي ما زال يشكّل تهديدًا يمكن ويجب إلحاق الهزيمة به"، مشدّدًا على أن "هذه المعركة تذكّر بأن الهزيمة الدائمة لـ"داعش" تستوجب دعمًا من المجتمع الدولي".
ودعت الولايات المتحدة شركاءها في التحالف لمكافحة الإرهابيين إلى "تحسين" ظروف اعتقال مقاتلي التنظيم والحرص على أن تكون "آمنة وإنسانية" وعلى "الاستعادة العاجلة لرعاياهم ولغيرهم من الموقوفين في شمال شرق سوريا".
وفي 2020، لجأت أميركا إلى حق النقض في مجلس الأمن الدولي ضد مشروع قانون يخصّ مصير المقاتلين الأجانب، اعتراضًا على عدم تضمّنه فقرة تطالب بإعادتهم إلى بلدانهم.
وحسب بيانات مجلس الشؤون الخارجية التابع للاتحاد الأوروبي، انضمّ نحو 42 ألف شخص لتنظيم "داعش" الإرهابي، بين عامي 2011 و2016، بينهم أكثر من 5 آلاف شخص جاؤوا من دول أوروبية بينهم 4 آلاف شخص مِن دول أوروبا الغربية، وقد عاد ثلثهم إلى دولهم الأصلية، بينما تباين مصير البقية بين قتيل ومُختفٍ وسجين في العراق أو شمالي سوريا.
ولا يزال بين 500 و550 أوروبيًّا، بين رجل وسيدة، في كنف "داعش" في الجارتين سوريا والعراق، وفق أحدث بيانات "ذا إجمونت"، المعهد الملكي للعلاقات الدولية، ومقره بروكسل، علاوةً على ذلك، لا يزال يوجد بين 700 و750 طفلًا محتجزين في المعسكرات.
وتتصدّر فرنسا الدول الأوروبية التي غادرها أشخاص من أجل الانضمام لـ"داعش"، في شمالي سوريا والعراق، إذ بلغ عدد الفرنسيين في التنظيم الإرهابي نحو 130 شخصًا بالغًا، وأكثر من 300 طفل، بعدها تأتي ألمانيا بـ124 بالغًا و138 طفلًا، ثم كلّ من بلجيكا وهولندا والسويد، على الترتيب.