شركات "شيك على بياض".. ماذا تستفيد مصر من طرحها؟
20:20 - 25 يناير 2022أعلنت مصر رسميا إنشاء أول شركة "شيك على بياض" والمعروفة أيضا بـ"شركات ذات غرض الاستحواذ" أو "سباك" (Spac)، مع نهاية يناير الجاري، أو مطلع فبراير المقبل.
وكانت بداية شركات ذات غرض الاستحواذ أو "Spac" في الولايات المتحدّة الأميركية، والتي شهدت نشاطا كبيرا في الآونة الأخيرة مع بداية ظهور كورونا.
وبحسب موقع "سباك أنالاتيكس" فإنّه في عام 2003 كانت شركة واحدة، وارتفعت في عام 2014 لـ12 شركة، ثم شهدت طفرة غير مسبوقة مع بداية ظهور كورونا في عام 2020 ووصلت لـ248 شركة، ثم تجاوزت 600 شركة في 2021.
تفاصيل القرار المصري
وصدر قرار هيئة الرقابة المالية المصرية بتأسيس شركات ذات غرض الاستحواذ في نوفمبر 2021، والتي تنظم قواعد وضوابط تأسيسها.
وبحسب القرار رقم 171 لسنة 2021، فإنَّ الشركات ذات غرض الاستحواذ هي شركة يتم تأسيسها والترخيص لها كشركة رأس مال مخاطر وفقًا للأحكام المعمول بها في هذا الإطار، من مستثمرين مؤهلين متخصصين، وتكون ذات غرض وحيد هو الاستحواذ على شركة أو أكثر كشركات مستهدفة.
ووفقًا للقرار، فإنّ هذه الشركة تقوم بتوفير التمويل اللازم لذلك من خلال طرح زيادة رأس مالها في اكتتاب عام أو طرح خاص ويُشار إليها بـ"الشركة".
ويجب ألا يقل رأس مال الشركة عند التأسيس عن 10 ملايين جنيه مصري، وعن 100 مليون جنيه مصري بعد زيادة رأس مالها.
التأسيس
ويعلّق الخبير الاقتصادي في أسواق البورصة، أحمد معطي، بالقول إنَّ فكرة تلك الشركات منتشرة في جميع أنحاء العالم، ومثل أي شيء آخر لها مميزات وعيوب؛ إلا أنَّ مصر "استطاعت وضع قانون يتغلّب على تلك العيوب، ويحمي أموال المكتتبين في تلك الشركات"، على حد تعبيره.
ويشرح معطي فكرة تلك الشركات، في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية"، قائلًا: "الفكرة تتمحور حول وجود شركة ليس هدفها الإنتاج أو المشروعات، ولكن الاستحواذ على شركات أخرى، وتُصدر في البورصة".
ويتابع: "بعد ذلك يُطلب اكتتاب عام من المصريين، وتوضع هذه الأموال في حساب بنكي تحت رقابة هيئة الرقابة المالية، مع عدم القدرة على سحب تلك الأموال لأنّها أموال المكتتبين وليس أموال الشركة".
ويستطرد: "بعد ذلك يبدأ الرعاة (المؤسسون للشركة ذات غرض الاستحواذ) في البحث عن شركات ناشئة جديدة من خلال رؤيتهم على قدرة هذه الشركات على التطوُّر والنجاح"، مشيرًا إلى أنَّ أغلب "الشركات التي يتم الاستحواذ عليها هي شركات تعمل بالقطاع التكنولوجي".
مميزات أكثر
وعن وجه الاستفادة للبورصة المصرية والمصريين على حدٍ سواء من خلال طرح هذه الشركات والاستثمار بها، قال معطي: "أولًا تستفيد البورصة من خلال دخول شركات جديدة، ويستفيد المواطن من خلال استثمار الأموال الموجودة لديهم".
وعلى الجانب الآخر تستفيد مشروعات الشباب الناشئة والصغيرة، لعدم استطاعتها توفير تمويل، فأصبح استحواذ تلك الشركات عليها تمويلًا سريعًا؛ بالإضافة إلى تشجيع الشباب بالاستثمار في مشروعاتهم، على حد تعبير الخبير الاقتصادي، مؤكدًا أنّ "في النهاية ستصبّ تلك الشركات في الناتج المحلي الإجمالي للدولة المصرية".
لكن على الجانب الآخر؛ وعلى الرغم من أنَّ الفكرة الخاصّة بتلك الشركات "ممتازة"، إلا أنّها واجهت بعض المشاكل، وتم التحايل عليها في أميركا وأوروبا، وهو ما دفع دول عديدة لوضع بنود وقوانين جديدة لتقنينها.
تخطّي العقبات
وعن تلك المشاكل، ويوضح معطي أنَّ بعض الدول وجدت أنّ هناك علاقات ومواءمات كثيرة تحدث بين الرعاة وأصحاب الشركات الناشئة، من خلال اتفاق الأخير مع الأول على إنشاء شركة، وإقناع المكتتبين بالاستثمار في تلك الشركة على الرغم من عدم وجود خطّة واضحة لنجاحها.
وعن كيفية تغلُّب مصر على تلك الأزمة، أوضح أنَّ "هيئة الرقابة المالية من خلال قرارها بإجبار الشركات ذات غرض الاستحواذ بإخبار المكتتبين بنية شراء شركة معيّنة، وإقرار 60 بالمئة من المكتتبين بالموافقة على الأمر".
ويشير معطي لأهمية هذه الخطوة التي تجعل القرار جماعيًّا وليس من أصحاب شركات ذات الاستحواذ فقط.
وأردف: "أيضًا من ضمن القواعد والقوانين الهامّة هو أنّه خلال عامين إذا لم تستطع شركات الاستحواذ على أيّة شركة سيتم إجبار الرعاة بإرجاع الأموال للمكتتبين".
ومن ضمن عيوب تلك الشركات هو أنَّ الدول الأوروبية وجدتْ عمليات غسيل أموال كثيرة من خلال تلك الشركات "لكن مصر تخطّت تلك العقبة بوضع الشركة تحت أعين هيئة الرقابة المالية المصرية، مع البحث عن وجود صلة بين أصحاب الشركات الناشئة والرعاة من عدمه".
ووصف خبير أسواق المال ودراسات الجدوى الاقتصادية، حسام الغايش، القرار بـ"المهم" لفتح المجال لرفع رأس المال للسوق للشركات المُقيّدة بالبورصة.
وفسّر حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية" بقوله: "تسهيل أصول المستثمرين وخاصة الشركات الصغيرة والمتوسطة للتمويل، وهو ما يؤدي لإتاحة الفرصة للشركات الناشئة والواعدة للحصول على تمويل خاصة في مجالات التكنولوجيا والتقنية الرقمية".
ضبط الأداء
وأوضح أن "مصر وضعت بعض الإجراءات والضوابط التي تساعدها في السيطرة على هذه الشركات خاصّة فيما يتعلّق بعيوبها سواء كان غسيل الأموال والعلاقات بين الرعاة وأصحاب الشركات الناشئة".
وأوضح أنَّ إحدى تلك الإجراءات هي ألا تقل نسبة المحتفظين الرئيسيين في هذه الشركات عن 51 بالمئة من الأسهم المملوكة لها، وألا تقل نسبة صافي الأرباح في آخر سنة مالية سابقة بالقيد عن 5 بالمئة من رأس المال.
وشدد على أنَّ هيئة الرقابة المالية المصرية اضطرت إلى "إعفاء هذه الشركات من شرط مرور سنتين ماليتين نظرًا لأنّ معظمها شركات وليدة".
وكشف أنَّه فيما يخصّ عمليات الطرح أو الاكتتاب سواء كان عاما أو خاصا، فقد وضعت هيئة الرقابة المالية شرطًا للأسهم بأنّ تكون لها قيمة عادلة وفقًا لما يقرره أحد المستشارين الماليين المعتمدين من الرقابة.