بعد توحيد الصفوف.. ما مستقبل الدور السني في العراق؟
14:20 - 21 يناير 2022فيما يسود الانقسام السياسي في الوسطين السياسيين بالعراق، الشيعي حول موضوعة الكتلة البرلمانية الأكبر ومن الأحق بتشكيل الحكومة، والكردي على خلفية الخلاف حول منصب رئاسة الجمهورية.
يرى المراقبون أن السنة العرب نجحوا في تقديم نموذج مغاير تماما يقوم على التكامل وترجيح كفة المصلحة العامة على حساب المصالح الضيقة لكل طرف سياسي.
وجاء هذا النجاح والتكامل عبر الاتفاق الذي حصل بين القوتين الرئيستين، تحالفي تقدم بزعامة محمد الحلبوسي وعزم بزعامة خميس الخنجر، واندماجهما برلمانيا في كتلة موحدة ضمت مختلف التيارات السنية تحت قبة البرلمان العراقي الجديد، والتي فاق عددها 65 نائبا.
واعتبر متابعون أن هذا التوحد السني برلمانيا وسياسيا سينعكس إيجابا على تفعيل دور السنة العرب في المعادلة الوطنية في العراق، وسيعزز تاليا من حضورهم وتأثيرهم.
وللحديث عن انعكاسات ذلك على مستقبل الدور السني في العراق، وإسهامه في تحقيق التوازن الوطني والاستقرار السياسي في بلاد الرافدين، يقول، إحسان الشمري، مدير مركز التفكير السياسي، في حوار مع "سكاي نيوز عربية": "القوى السنية بدت أكثر نضجا سياسيا مقارنة بالقوى السياسية الشيعية، التي انقسمت فيما بينها ووصل الأمر بها لحد التلويح بالسلاح ضد بعضها البعض، وبلغ الصراع والتدافع السياسي بين القوى والأحزاب الشيعية منحنيات خطرة جدا".
وأضاف: "السنة منذ العام 2003 بعد تجربة الإقصاء والتهميش، وخصوصا بعد تجربة العام 2018 وما نجم عنها من تداعيات كارثية على وحدة الصف السني في العراق.. يبدو أنهم وصلوا أخيرا لمرحلة توحيد صفوفهم ورؤيتهم وبرنامجهم السياسي، وبما يمكنهم من حصد مكاسب أكبر على الصعيد الوطني العراقي العام، وتعزيز دورهم ومكانتهم كمكون محوري".
ويمضي الأكاديمي العراقي والأستاذ في جامعة بغداد، شارحا: "نموذج العام 2018 وانقسام القوى السنية بين الأطراف الشيعية، نجم عنه ارتدادات سلبية جدا لجهة نظرة الجمهور السني لقياداته السياسية، ولذلك هي الآن تتجاوز حالة الانقسام والتنافس، وهذا قد يعطي مؤشرا على أن السنة خلال الدورات الانتخابية القادمة، سينصهرون سياسيا ضمن مشروع واحد، وهنا لا نتحدث عن مشروع طائفي فئوي بل عن المشروع السياسي، وهذا مهم جدا على اعتبار أن تشكل هكذا كيان سياسي موحد ووازن، أفضل بما لا يقاس من وجود عدة كيانات سنية متضادة تدفع نحو المزيد من التشظي بين السنة العرب العراقيين".
أما رائد العزاوي، رئيس مركز الأمصار للدراسات الاستراتيجية، فيقول في حوار مع "سكاي نيوز عربية": "التحالف الأخير بين القطبين السنيين الرئيسيين، يشكل نقطة تحول كبيرة في عقلية إدارة وتشكيل التحالفات السنية المشاركة في العملية السياسية منذ العام 2003، حيث ساهم تشظي السنةوتفتيتهم في انحسار دورهم وتراجعه على مدى نحو عقدين".
ويضيف العزاوي: "الآن مع وجود قوتين أساسيتين تمكنتا من تجاوز خلافاتهما الماضية، والتي وإن بدت في إطارها العام قد تم تجاوزها في سياق سعي السنة لإثبات أنفسهم كطرف فاعل وشريك حقيقي في العملية السياسية والبرلمانية، لكن ما تزال ثمة حاجة لفترة زمنية أطول كي يتمكن الطرفان من ثبيت وترسيخ تحالفهما هذا، كقوة سياسية واحدة قادرة على التحرك بما يلبي رغبة جماهيرها".
ويردف العزاوي، وهو أيضا أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة الأميركية بالقاهرة: "ما زال ثمة العديد من التحديات الكبرى أمام هذا التحالف السني، منها قضية المغيبين من المواطنين السنة، والمدن السنية المهدمة وإعادة إعمارها وإعادة النازحين لها، وإيجاد توازن في التعيينات والمناصب في الدولة بما ينصف المكون السني".
ولهذا، أمام هذا التحالف جملة ملفات وتحديات جسام، تفرض نفسها، كما يرى رئيس مركز الأمصار للدراسات الاستراتيجية، الذي يضيف: "نجاحه في معالجتها والتصدي لها هو السبيل لإرضاء الشارع السني الذي وإن بدا عامة وأنه قد أعطى فرصة منح صوته وثقته لتحالفي تقدم وعزم، لكنه في النهاية يبقى ينظر بعين المراقب لأدائهما وما سينجزانه، وهو الأقسى في ممارسة العقوبة لسياسييه قياسا بالشارعين الشيعي والكردي، ولهذا فإن أخفق هذا التحالف في تحقيق مطالب ناخبيه السنة، فستتم معاقبته خلال الانتخابات العامة القادمة، كون الشارع السني ينتظر الكثير ممن أنتخبهم".