بوتن يرمي كرة اللهب خارج كازاخستان.. رسالة عن "المؤامرة"
19:01 - 10 يناير 2022خلال قمة افتراضية لمجلس منظمة معاهدة الأمن الجماعي، الاثنين، بشأن أزمة كازاخستان، وجه الرئيس الروسي فلاديمير بوتن، رسالة للغرب عن وجود "قوى داخلية وخارجية مدمرة" استغلت تظاهرات كازاخستان، الدولة السابقة في الاتحاد السوفيتي.
بوتن الذي ندد بـ"الإرهاب العالمي" وتدخله بكازاخستان، ألقى "كرة اللهب" خارج ملعب حديقة موسكو الخلفية (كازاخستان)، كاشفا عن أن قوات "حفظ السلام" بقيادة موسكو، والتابعة للمنظمة، ستنسحب بعد إنتهاء مهمتها، وأن تواجدها "كان بطلب القيادة الكازاخية".
الرئيس الروسي قال إن الأحداث في كازاخستان "ليست الأولى ولا الأخيرة، في ظل محاولة التدخل الخارجي في المنطقة".
كما أن رسالة بوتن للغرب، أماطت اللثام عن أسباب التدخل الروسي ومدة بقاء تلك القوات وتخوفات موسكو من التظاهرات، وترافقت مع غضب غربي ودولي، قال عنه مراقبين، إنه يستطيع تحريك ماوصفوه بـ"قطع الشطرنج السياسية" بين التكل الشرقي وبقلبه روسيا والصين، والمعسكر الغربي بقيادة أميركا.
"شرعية" التدخل الروسي
ولم يكتف بوتن بالتمليح عن وجود مؤامرة وراء الاحتاجات، بل زاد من اتهاماته، قائلا:"الإرهاب العالمي استهدف كازاخستان".
وفي هذا المنحى، يعلق المتخصص في الشؤون الروسية، الدكتور نبيل رشوان، بأن روسيا بتدخلها عبر منظمة معاهدة الأمن الجماعي، "تريد حماية مصالحها الاستراتيجية مع جارتها كازاخستان، الدولة الحبيسة عن البحار، حيث النفط والغاز اللذين تشريهما موسكو وتعيد تصديرهما للعالم".
ووصف رشوان في تصريحاته لموقع "سكاي نيوز عربية"، التدخل الروسي بـ" الشرعي والقانوني"، مفسرا ذلك لأنه "بدعوة من رئيس كازاخستان، وطبقا لاتفاقية منظمة معاهدة الأمن الجماعي بين الدول السابقة في الاتحاد السوفيتي، وبالتالي فهو ليس تدخلا عسكريا مباشرا".
وأكد أيضا أن "موسكو قلقة إزاء تطورات الأوضاع في جارتها كازاخستان، ثاني أكبر دولة في الاتحاد السوفيتي، مرجعا ذلك لارتباطهما بحدود تقدر بنح 7 آلاف كليومتر، وهي أكبر حدود مشتركة بين دولتين".
منطقة روسية فدرالية
كما لروسيا في كازاخستان قاعدة بايكونور الفضائية، التي تبلغ مساحتها نحو 111 كلم، وتعتبر منطقة فدرالية روسية- بحسب تعبير رشوان- حيث استأجرتها موسكو مقابل 7 مليارات روبل روسي سنويا حتى عام 2050، وتعد منطقة خاصة من الأراضي الروسية داخل كازاخستان.
وتابع: "أما الهدف الروسي، فهو "حماية مصالح موسكو وتأمين خطوط النفط والغاز، فضلا عن تخوفاتها من تمدد الفوضى وتسلل متطرفين لدول سابقة في الاتحاد السوفيتي مجاورة لها، مثل قيرغيزستان وطاجيكستان وأوزبكستان وتركمانستان".
واستطرد: "لا تريد موسكو أيضا تأسيس نظام سياسي في جارتها كازاخستان يكون معاد لها، وتريد الحفاظ على حكم حليفها قاسم جومارت توكاييف".
تجربة أوكرانيا
مسارعة موسكو بإرسال قواتها لحفظ الهدوء في كازاخستان، جاء في إطار قلقها من تكرار تجربة أوكرانيا، بعد حكم حليفها الرئيس السابق فيكتور يانوكوفيتش، بالارتماء في أحضان الغرب وطلب الانضمام لحلف "الناتو".
ومن واشنطن، علق المتخصص في الشأن الأميركي والعلاقات الدولية، إيهاب عباس، لموقع "سكاي نيوز عربية"، بالقول إن روسيا "قلقت من وجود أياد غربية خفية تعبث بأمنها القومي والاستراتيجي، من داخل كازاخستان، من خلال الأحداث الأخيرة".
ويفسر ذلك بأن "موسكو تتخوف من إسقاط النظام الكازاخي الحاكم، وبالتالي سقوط نظام سياسي موال لبوتن، لأن حدوث ذلك يعني تحول ولاء النظام الجديد في هذا البلد تجاه الغرب وأميركا، مثل نموذج أوكرانيا ورئيسها الحالي فولوديمير زيلينسكي، الذي يريد ضم بلاده إلى حلف الناتو بقيادة أميركا، ويعادي موسكو".
عباس، بحسب تعبيره، فإن "كازاخستان هي الحديقة الخلفية لروسيا، ورئيسها السابق نور سلطان نزارباييف، ورئيسها الحالي، يمثلان الكرملين، وموالون لبوتن".
وتابع: "أحداث كازاخستان مؤرقة لروسيا بشكل كبير، وهي فرصة مواتية للغرب لتحريك قطع الشطرنج السياسية بين التكتل الشرقي وبقلبه روسيا والصين، والمعسكر الغربي بقيادة أميركا".
تطويق روسيا
وتساءل عباس قائلا: "هل ارتفاع الأسعار والمحروقات يكون الدافع وراء حرق مؤسسات كازاخستان وهذا الدمار؟"، قبل أن يسنطرد مجيبا: "هناك أمور خفية وراء أعمال الشغب، ربما تتضح في المستقبل القريب، قد يكون وراءها هدف تطويق روسيا بعد أزمتها مع أوكرانيا".
ومفسرا ذلك، أكد المتخصص في الشأن الأميركي والعلاقات الدولية، أن "احتجاجات كازاخستان فرصة لواشنطن لتطويق روسيا ونقل الفكر الأميركي إلى حدودها ولحلفائها في الاتحاد السوفيتي"، متوقعا أن "يتصاعد هذا الملف خلال الفترة المقبلة ويكون نواة جديدة تضاف لسجلات التوتر الروسي الأميركي".
وحديث الرئيس الروسي أكدته كلمة نظيره الكازاخي قاسم جومارت توكاييف، حين قال إن بلاده "نجت من محاولة انقلاب" دبرها ما سماها "مجموعة منفردة"، بعد أعنف اضطرابات منذ انهيار الاتحاد السوفيتي.
توكاييف، أكد، خلال كلمته بالقمة، استعادة النظام في البلاد، مشيرا إلى أن "عملية مهمة منظمة معاهدة الأمن الجماعي في بلاده ستنتهي قريبا، وأن قوات إرهابية منظمة تضم في صفوفها متشددين ومجرمين ومخربين، استغلت الحركة الاحتجاجية لمحاولة لقلب نظام الحكم".