بعد الإعلان عن موازنتها.. كيف تواجه تونس أزمتها الاقتصادية؟
08:11 - 29 ديسمبر 2021كشف خبراء اقتصاد تونسيون أبرز ملامح خطة عمل وأولويات الحكومة التونسية لتفادي تفاقم الأزمة الاقتصادية بعد الإعلان رسميا، الثلاثاء، عن عجز الموازنة المقررة لعام 2022 بنسبة 6.7 في المئة.
ويرى الخبير الاقتصادي التونسي حسن بالي، أن وزيرة المالية سهام بوغديري، قدمت الثلاثاء، قانون المالية لعام 2022، في سياق يتسم بالطموح لإيجاد اتفاقية جديدة مع صندوق النقد الدولي، مشيرا إلى أنه يعكس توازنا جيدا بين الدينامية الاقتصادية والحماية الاجتماعية.
وأوضح بالي في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية" أن الإصلاحات الهيكلية، التي شجعها صندوق النقد الدولي ستُعنى بشكل أساسي بثلاثة عناصر رئيسية هي: إصلاح رئيسي لصندوق التعويضات لتجنب التكاليف الإضافية التي يولدها، والتحكم بشكل أفضل في فاتورة أجور الأشخاص العاملين في الدولة التونسية، وكذلك المبلغ المخصص للمؤسسات العامة.
وبيّن أنه فيما يتعلق بالشركات الخاصة، ينص قانون المالية لعام 2022 بشكل خاص، على تخفيض معدل الفائدة على القروض المخصصة لشركات التمويل، وتشجيع الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، ولا سيما بالنسبة للمشاريع المتعلقة بالاقتصاد الأخضر والمستدام، وبذل جهد خاص بشأن الاقتصاد الرقمي، ومكافحة الاحتيال الضريبي ودمج الاقتصاد الأسود في القنوات الرسمية.
وأشار بالي إلى أن كل هذه الإجراءات من شأنها تحسين مناخ الأعمال، وبالتالي تشجيع المشاريع الاستثمارية الهادفة إلى إنعاش الاقتصاد التونسي.
وأكد الخبير التونسي أنه برغم الجهود المبذولة فإن الأزمة الاقتصادية الحالية الخانقة وصلت إلى حد الإعلان الرسمي عن عجز الميزانية، مشيرا إلى أنه وفي سبيل الحفاظ على سلم اجتماعي غير مضمون في ظل القتامة في المشهد الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، تجد الحكومة التونسية نفسها وحيدة لمواجهة كل التحديات.
وشدد بالي على أهمية دمج الاقتصاد الموازي الذي يمثل 60 في المئة من الاستثمارات والأموال المتداولة في الاقتصاد الرسمي، مشيرا إلى أنها أموال لا سلطة رسمية عليها، وأن دمج هذه الأموال المتداولة في الاقتصاد الرسمي يعطي جرعة مهمة جدا للموازنة ومداخيل الدولة.
واقترح بالي تشكيل لجنة من الخبراء الاقتصاديين مصحوبين بدبلوماسيين من ذوي الخبرة في هذا المجال، للقيام بجولات لدى أغلب بلدان العالم القادرة على تفهم الوضع، تقديم العون لتونس لتخطي هذا الوضع بمنطق الاحترام.
الإجراءات المنتظرة للحكومة التونسية
وعن قراءته للميزانية العامة، قال الخبير الاقتصادي التونسي قيس مقني، إن الأرقام المعلنة الثلاثاء، بشأن عجز الموازنة العامة في البلاد، تعكس تواصل معاناة الاقتصاد التونسي، وتحتم على رئيسة الحكومة نجلاء بودن اتخاذ إجراءات غير تقليدية لإنقاذ الموازنة العامة الذي سينعكس بالضرورة على المجتمع والمواطنين في حياتهم اليومية، وهم يتطلعون إلى الأفضل مع أول ميزانية بعد 25 يوليو، حيث يعتبرها الجميع ميزانية الرئيس قيس سعيّد، وهو الذي سيتحمل الفشل والنجاح فيها.
وفي تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية"، أكد مقني أن هذه المهمة الصعبة تعد آخر فرصة لتونس بعد (عشرية الخراب)، سنوات حكم الإخوان وفق ما يصفها أغلب التونسيين، وهو ما يقتضي إجراءات حاسمة، وقد تكون موجعة للحكومة وللشعب، لكن الجميع في تونس متفقون على أن الفشل ممنوع هذه المرة.
ومن بين الإجراءات التي اقترحها مقني، المضي قدما في الصلح الجزائي مع رجال الأعمال، والذي أعلن عنه الرئيس سعيّد، وهو ما سيمنح عددا من الجهات الفقيرة والمهمشة فرصة في الاستثمار والتشغيل من خلال المشاريع التي يتعين على المتمتعين بهذا الصلح الجزائي القيام بها.
أما ثاني الإجراءات، وفقا للخبير التونسي، فتتمثل بدمج الأموال الخارجة عن الاقتصاد المنظم بدعوة مالكيها لإيداعها في البنوك ومراكز البريد عبر إجراءات مبسطة، وهذا ما سيمكّن من إنعاش الخزينة العامة بملايين الدنانير.
ويبقى الإجراء الأكثر إيلاما بالنسبة للتونسيين بحسب مقني زيادة الأسعار ورفع الدعم، وهو ما حذر منه الاتحاد التونسي للشغل.