"فاغنر" في مالي.. الحكومة تنفي والغرب يشكك
14:19 - 26 ديسمبر 2021خرجت الحكومة المالية لترد على أنباء انتشار عناصر من مجموعة "فاغنر" الروسية على أراضيها، لتؤكد في بيان رسمي عدم صحة هذه الأنباء.
وجاء تعليق مالي الرسمي، ردّا على إعلان 15 دولة عن تمركز قوات "فاغنر" الروسية في مالي.
وقالت حكومة باماكو في بيانها، إنها تقدم نفيا رسميا لهذه المزاعم بشأن انتشار مزعوم لعناصر من شركة أمنية خاصة في مالي.
وكانت 15 دولة غربية تشارك في محاربة الإرهاب في الساحل الإفريقي، أدانت في بيان مشترك، بدء انتشار عناصر "فاغنر" الروسية في مالي، وذلك بعد أيام من فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على المجموعة.
جاء ذلك في الوقت الذي تجري فيه فرنسا منذ يونيو الماضي، عملية إعادة تموضع لقواتها العسكرية عبر مغادرة ثلاث قواعد في شمال مالي، والتركيز على غاو وميناكا قرب النيجر وبوركينا فاسو، وذلك 9 سنوات قضتها القوات الفرنسية في منطقة الساحل.
وتعتبر باريس وجود عناصر "فاغنر" في مالي "غير منسجم" مع استمرار انتشار الجنود الفرنسيين.
وقال مصدر حكومي فرنسي: "نلاحظ اليوم على الأرض عمليات مناوبة جوية متكررة بواسطة طائرات نقل عسكرية تعود إلى الجيش الروسي، ومنشآت في مطار باماكو تتيح استقبال عدد كبير من عناصر "فاغنر".
وأضاف المصدر أنه يلاحظ أيضا "زيارات منتظمة يقوم بها كوادر من "فاغنر" لباماكو وأنشطة لعلماء جيولوجيا روس معروفين بقربهم من المجموعة".
ويقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة بماكو في مالي مادي كانتي في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية": إن اتجاه السلطات الحاكمة في مالي للاستعانة بعناصر "فاغنر"، يرجع لقرار فرنسا بتخفيض عدد قواتها في الساحل الإفريقي وإخلاء القواعد العسكرية الثلاثة في شمال مالي "تيساليت وكيدال وتمبكتو".
وأضاف كانتي أن من بين الأسباب التي أدت إلى الاستعانة بعناصر "فاغنر"، هي أن المجلس العسكري في مالي بقيادة الرئيس الانتقالي أسيمي غويتا، وصل مع قادة المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا "إيكواس"، لطريق مسدود بشأن تحديد موعد لنهاية الفترة الانتقالية، ووضع جدول زمني لإجراء الانتخابات الرئاسية.
وتأتي هذه الخطوة في الوقت الذي تدهورت فيه العلاقات بين فرنسا وشريكتها التاريخية مالي إثر انقلابين عسكريين شهدتهما باماكو خلال شهور.
وكانت باريس تعهدت في يونيو بإعادة تنظيم وجودها العسكري في منطقة الساحل، لا سيما من خلال إخلاء قواعدها الثلاث في أقصى شمال مالي لتركيز قواتها قرب الحدود مع كل من النيجر وبوركينا فاسو.
وتنص خطة فرنسا على خفض عدد قواتها من خمسة آلاف عسكري حالياً إلى نحو 2500 إلى 3000 بحلول عام 2023.
من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي من مالي، عبد الله ميغا، في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن إعلان باريس انتهاء عملية "برخان" لا يعني نهاية الوجود الفرنسي في منطقة الساحل بصفة عامة أو في مالي بصفة خاصة، ولكن هو إعادة تشكيل لاستراتيجية القوات الفرنسية المنتشرة في المنطقة.
ونشر مركز "فاروس" للاستشارات والدراسات الاستراتيجية، دراسة عن الوضع في أفريقيا بعد مرور 20 عاما على الحرب على الإرهاب في إفريقيا، أوضحت أن عام 2021 شهد ترتيبات جديدة من القوى الدولية للانسحاب العسكري من القارة الإفريقية، وبالفعل بدأت القوات الفرنسية الممثلة في قوة "برخان" في الانسحاب من مواقعها في شمال مالي.
وأشارت الدراسة إلى إعلان الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، في يونيو 2021 إعادة انتشار وتخفيض قوات "برخان" في الساحل الإفريقي، كما أوقف التعاون العسكري مع الجيش المالي ردا على الانقلاب العسكري الذي شهدته البلاد في مايو 2021.
وعلى الرغم من تراجع شعبية فرنسا في منطقة الساحل والخسائر الفادحة التي كبدتها التنظيمات الإرهابية لقواتها والتي تضمنت خسائر كبيرة في الأرواح منذ نهاية عام 2019، إلا أن الجيوش الوطنية في الساحل، وخاصة الجيش المالي، لا تستطيع مواجهة التنظيمات الإرهابية المنتشرة في المنطقة.
ودفع هذا الاتجاه الجيش المالي إلى الاتفاق مع شركة "فاغنر" الروسية للقيام بمساندة الجيش المالي، وأوضحت الدراسة أن هذا التحرك أثار حفيظة فرنسا والتي يتصاعد العداء ضدها في منطقة الساحل، خاصة حكومة مالي.
وكانت حدة التوتر بين فرنسا ومالي زادت مع خطاب رئيس وزراء الأخيرة شوغل كوكالا مايغا، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، والذي اتهم فيه فرنسا بالتخلي عن بلاده في منتصف الطريق بقرارها سحب قوة "برخان"، مبرراً بذلك بحث بلاده عن "شركاء آخرين"، من بينهم "فاغنر" الروسية.
وأوضح رئيس الوزراء المالي أن الوضع الجديد الذي نشأ بسبب انتهاء "برخان"، وضع مالي أمام أمر واقع ويُعرضها لما يشبه التخلي في منتصف الطريق، ويقود إلى استكشاف السبل والوسائل لكي نضمن على نحو أفضل الأمن مع شركاء آخرين، لملء الفراغ الذي سينشأ حتما عن إغلاق بعض مواقع "برخان" في شمال مالي.
وانتقد قلة تشاور باريس وإعلانا أحاديا صادرا من دون تنسيق ثلاثي مع الأمم المتحدة وحكومة باماكو.