"أستانا 17" تحذر من داعش في سوريا.. ومقترح ثلاثي لمواجهته
06:39 - 25 ديسمبر 2021رغم انتهاء الجولة رقم 17 من مفاوضات أستانا لتسوية الأزمة السورية من دون تقدم ملموس بين الأطراف المشاركة، بشأن مسار العملية السياسية والنقاط الخلافية بين وفدي الحكومة والمعارضة في اللجنة الدستورية، كان ملف التنظيمات الإرهابية حاضرا بقوة في محادثات وفود الدول الضامنة (روسيا وإيران وتركيا)، التي طرحت مقترحا للتعاون في مواجهة خطر المتطرفين.
وأشار المبعوث الروسي ونائب المبعوث الدولي إلى سوريا في جولة المفاوضات، التي انطلقت على مدار يومين بعاصمة كازاخستان نور سلطان، إلى تنامي خطورة التنظيمات الإرهابية وفي مقدمتها "داعش" في أنحاء سوريا، على مدار الأشهر الماضية.
واعتبر مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف، أن نشاط الجماعات الإرهابية ليس فقط في الشمال السوري، بل امتد عمليا إلى جميع أنحاء البلاد، مشيرا إلى أن ممثلي الهيئات الأمنية والسلطات الشرعية والمسلحين الذين سويت أوضاعهم، مستهدفون بشكل أساسي من تلك التنظيمات.
وخص المبعوث الروسي بالحديث إدلب شمال غربي سوريا، مؤكدا على ضرورة إنهاء وجود الإرهابيين فيها، ولفت إلى جهود القوات الجوية الروسية ضد داعش وأحرار الشام في المدينة، واتفاقه مع الدول الضامنة لمحادثات أستانا بتعزيز مكافحة التطرف والإرهاب في سوريا.
وفي الوقت نفسه، اتفقت وجهة النظر الروسية مع الرؤية الأميركية بشأن التنظيمات الإرهابية، رغم تباعد موقف الدولتين في الأزمة السورية على مدار أكثر من 10 سنوات.
وأكد تقرير المفتش العام لوزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون)، الصادر نهاية نوفمبر الماضي، توطيد داعش وجوده في الصحراء السورية وعلى حدودها المشتركة مع العراق، استعدادا لزيادة النشاط عبر التمركز في مخيم الهول لتجنيد عناصر جديدة.
إثبات وجود
في شهر نوفمبر الماضي، أعلن داعش عن وجوده في الصحراء بهجوم عنيف ضد كمين لقوات الحكومة السورية، مما أدى إلى مقتل 13 عسكريا وإصابة آخرين.
ويرى مراقبون أن خطورة هذا الهجوم ترتبط بوقوعه في الصحراء التي تغطي نحو 60 بالمئة من مساحة سوريا واستهدافه لقوات وكمائن أمنية، مشيرين إلى استراتيجية داعش لتأسيس نقاط تمركز في الصحراء الوسطى التي تقع تحت سيطرة قوات الحكومة، مما يتطلب فتح مناقشات بين الأطراف الإقليمية والدولية لمكافحة الإرهاب.
ووفقا لتقارير استخباراتية، وصلت هجمات داعش على سوريا حتى سبتمبر الماضي إلى نحو 500 هجوم، أسفرت عن مقتل المئات من قوات الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية، إضافة إلى المدنيين.
وتنتشر خلايا داعش في مناطق صحراء البادية وحوض نهر الفرات الشمالي، وخط التماس بين قوات سوريا الديمقراطية والجيش السوري على طول الفرات، ومدينتي رأس العين وتل أبيض، وأطراف القرى والمدن ذات التضاريس الوعرة.
وفي إدلب، إحدى مناطق خفض التصعيد، التي تقع تحت سيطرة جبهة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا)، لم يكفّ المسلحون عن شن الهجمات وارتكاب انتهاكات على مدار عامي 2020 و2021 رغم تطبيق قرار وقف إطلاق النيران منذ مطلع العام الماضي، مما أدى لسقوط ضحايا وفرار أكثر من نصف سكان المدينة، ما بين النزوح داخل الأراضي السورية واللجوء خارج البلاد.
ورصد المركز الروسي للمصالحة في سوريا خلال نوفمبر الماضي، 5 هجمات للجماعات الإرهابية في منطقة خفض التصعيد بإدلب، واستهدافهم لمحافظات حلب وإدلب واللاذقية.
تهديد للتسوية
ويرى مدير المركز العربي للدراسات السياسية محمد صادق إسماعيل، أن وجود داعش عطل الكثير من المفاوضات في سوريا بشكل عام وإدلب بشكل خاص، نظرا لأن "التنظيم كأي جماعة إرهابية لا تريد أي نوع من الاستقرار السياسي الذي يؤدي إلى استقرار أمني يشكل خطورة عليها".
ويوضح إسماعيل في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "داعش ورقة تعرقل تسوية الأزمة السورية، وتمثل تهديدا مباشرا للأمن القومي السوري، رغم ضعف التنظيم وباقي التنظيمات المنشقة عنه في إدلب وباقي المدن السورية بعد توالي الضربات الموجهة له على الحدود السورية العراقية، وتضييق الخناق على مصادر تمويله وتحركاته في بعض دول أوروبا".
و"في المرحلة المقبلة، يصبح مستقبل داعش في سوريا مختلفا تماما عما قبل 2019، حيث سيتلقى هزائم متعددة في إدلب وطرق تدمر دير الزور والبادية السورية، على أيدي قوات الجيش والداعمين لها"، بحسب إسماعيل.
وتمكنت قوات سوريا الديمقراطية بدعم من التحالف، من هزيمة داعش في مارس 2019، بعد تحرير مدينة الباغوز الواقعة على الحدود السورية العراقية، آخر معاقل التنظيم، بعد حرب دامت أشهر عدة.
توافق ثلاثي
وعن إمكانية الاتفاق بين روسيا وتركيا وإيران بشأن أوضاع الإرهابيين في إدلب، يرى إسماعيل تفاوتا في مواقف الدول للتغلب على داعش وباقي التنظيمات في إدلب والشمال السوري.
ويشير الباحث إلى أن "الرغبة التركية في التخلص من جيوب داعش هي التي تحدد جدية اتفاق مفاوضات أستانا حول القضاء على الإرهابيين، لا سيما أن أنقرة تمتلك نفوذا واسعا في الشمال السوري، وفي المقابل تعمل إيران وروسيا على دعم الحكومة السورية لدحر خلايا داعش في المناطق التي بسط سيطرته عليها من جديد".
وشهدت الأسابيع الماضية تحركات أمنية لمجابهة خطر الإرهاب، حيث عثر الجيش السوري خلال عمليات التمشيط الواسعة في مناطق البادية جنوبي الرقة وشمال بلدة السخنة، على مخابئ تابعة لداعش لتخزين الأسلحة والمعدات وبعض العملات الأجنبية والذهب.
ونفذت 6 طائرات حربية روسية قصفا لمواقع داعش في جبل البشري بريف دير الزور والرصانة ببادية الرقة، تزامنا مع ضربات للجيش السوري ضد معسكرات مسلحين في ريف الرقة وحماة.