"صحوة داعش".. مخاوف عراقية في ذكرى "النصر"
13:16 - 11 ديسمبر 2021في مثل هذا اليوم قبل 4 سنوات، أعلن العراق هزيمة تنظيم "داعش" وانتهاء الحرب رسميا، إلا أن السنوات التالية لهذا الإعلان كانت حبلى بهجمات دموية للتنظيم أودت بحياة العشرات من العسكريين والمدنيين.
وشهدت الأيام القليلة الماضية "صحوة داعشية" عبر هجمات متتالية شمالي البلاد، إضافة إلى سيطرة مؤقتة لأول مرة منذ 2017 على قرية بمدينة كركوك، مما عزز المخاوف من إمكانية عودة التنظيم الإرهابي، خاصة مع إعلان بغداد انتهاء مهام التحالف الدولي وانسحابه.
وفي 10 ديسمبر 2017، أعلن رئيس الوزراء العراقي آنذاك حيدر العبادي، سيطرة قوات الجيش "بشكل كامل" على الحدود السورية العراقية، مؤكدا "انتهاء الحرب" ضد "داعش".
وبمناسبة مرور 4 سنوات على هزيمة التنظيم، وجّه رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، التحية لقوات الجيش "التي حررت الأرض وأنجزت النصر".
وقال الكاظمي في تغريدة على حسابه في "تويتر": "نهنئ أبناء شعبنا وقواتنا الأمنية البطلة بالذكرى الرابعة لإعلان النصر على عصابات داعش الإرهابية".
وأضاف: "سلاما للدماء الزكية التي حررت الأرض ووحدت العراقيين وأنجزت النصر، لن نتساهل مع من يحاول زعزعة أمن مواطنينا واختطاف كرامتهم وسنواصل زخم الانتصار على هذا التنظيم الظلامي واقتلاع جذوره".
الواقع مختلف
لكن وفق تقرير للأمم المتحدة في فبراير الماضي، فإن تنظيم "داعش" يحافظ على وجود سري كبير في العراق وسوريا، ويشكل خطرا مستمرا على جانبي الحدود بين البلدين، مع امتداد فلوله على الأراضي التي كان يسيطر عليها سابقا.
وقدّر التقرير بأن تنظيم "داعش" لا يزال يحتفظ بما مجموعه 10 آلاف مقاتل "نشط" في البلدين الجارين.
وشنت فلول "داعش" مئات الهجمات وسط البلاد وشمالها، بلغت أحيانا قلب بغداد، حيث عاد التنظيم إلى أسلوبه القديم في التخفي وشن الهجمات الخاطفة على طريقة حرب العصابات.
ولمواجهة فلول "داعش"، شنت الحكومة، ولا تزال، عشرات الحملات الأمنية والعسكرية بإسناد ودعم دوي قدمته قوات التحالف الدولي، مما يعني أن العراق لا يزال بحاجة للعمل أكثر لتحقيق نصر نهائي.
وخلال الشهرين الماضيين، ركز التنظيم عملياته على 3 مناطق رئيسية، هي الحزام الشمالي الشرقي من بغداد، إلى جانب مناطق في محافظتي كركوك ونينوى، مستفيدا من الفراغ الأمني هناك، ومثيرا للحساسيات الطائفية والقومية في المنطقة.
هجمات دامية وسيطرة مؤقتة
والأسبوع الماضي، شن "داعش" 3 هجمات دامية على قوات البشمركة الكردية شمالي العراق كان أعنفها الجمعة في قضاء مخمور، جنوبي أربيل، وأسفر عن مقتل 13 شخصا من بينهم 10 جنود.
وفي أعقاب الهجوم، سيطر مسلحو داعش على قرية "لهيبان" بقضاء الدبس في محافظة كركوك، شمالي العراق لوقت مؤقت، قبل أن تتمكن قوات النخبة في الداخلية ومقاتلو البشمركة، في ساعة مبكرة من فجر الاثنين من استعادة السيطرة على القرية، رغم أن المسلحين فخخوا بعض المنازل بعبوات ناسفة.
وتقع لهيبان في منطقة نائية متنازع عليها بين الحكومة العراقية في بغداد وحكومة أربيل في إقليم كردستان العراق، الذي يتمتع بالحكم الذاتي.
والخميس، أعلن العراق رسميا انتهاء المهام القتالية لقوات التحالف وانسحابه من أراضيه، مما عزز مخاوف عراقية من أن يعزز ذلك قوة تنظيم "داعش".
وقال قاسم الأعرجي مستشار الأمن القومي العراقي، في تصريحات صحفية، إن "علاقة العراق مع التحالف الدولي ستستمر في مجال التدريب والاستشارة والتمكين".
وأكد رئيس خلية الإعلام الأمني العراقية اللواء سعد معن، أن "وجود التحالف الدولي سيكون وفق ما يحفظ سيادة البلاد".
داعش لم ينته
الأكاديمي العراقي مثني العبيدي، قال إن المعارك المباشرة مع "داعش" انتهت عام 2017، وتمثلت بمحاربته من قبل قوات الأمن والجيش في الأراضي التي سيطر عليها عناصر التنظيم عام 2014.
وأضاف العبيدي في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية": "لكن الحرب لم تنته ضده، فبعد مدة من تحرير آخر معاقل داعش في الموصل عادت بعض الأنشطة الإرهابية التي يقوم بها بقايا التنظيم في أماكن مختلفة من البلاد، وتزايدت مؤخرا".
وأوضح أنه "المعطيات الراهنة والأعمال الإرهابية التي يقوم بها عناصر التنظيم، تشير إلى أن داعش لم ينته فعليا، وأنه لاتزال هناك خلايا خطرة متبقية من التنظيم لم يُقض عليها بعد".
سيناريو أفغانستان
وحول انسحاب التحالف، قال الأكاديمي العراقي إن التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب الذي تشكل عام 2014، كان داعما رئيسيا لقوات العراقية التي خاضت الحرب ضد "داعش" على مدار السنوات السابقة، و"لا شك أن انسحاب التحالف سيترك أثرا غير إيجابي على مسار الحرب ضد الإرهاب".
لكن العبيدي استبعد تكرار سيناريو أفغانستان، عندما استعادت حركة طالبان نفوذها بشكل كامل في أعقاب انسحاب القوات الأميركية من البلاد.
وأكد على أن "الواقع العراقي يختلف بشكل كبير عن تجربة أفغانستان في مجال محاربة التنظيمات الإرهابية، كما أن متغيرات ومعطيات الساحة العراقية هي الأخرى تختلف عن نظيرتها في الساحة الأفغانية، مما يعني استبعاد تكرار سيناريو أفغانستان في العراق".