مصر وأميركا.. "قضايا ملتهبة" على طاولة الحوار الاستراتيجي
18:24 - 09 نوفمبر 2021توقع دبلوماسيون سابقون وخبراء أن تسفر جولة الحوار الاستراتيجي بين مصر والولايات المتحدة، المنعقد حاليا في واشنطن، عن تفاهمات وتنسيق الجهود المشتركة، للعمل على استقرار المنطقة، وإيجاد حلول للأزمات.
وقال هؤلاء في أحاديث منفصلة مع موقع "سكاي نيوز عربية" إن استئناف الحوار الاستراتيجي بين مصر والولايات المتحدة للمرة الأولى منذ عام 2015، يعيد الزخم للعلاقات بين البلدين، ويمثل أيضا خطوة هامة نحو تعميق العلاقات ومواجهة التحديات.
ولم يستبعد هؤلاء في الوقت ذاته، توصل الحوار الاستراتيجي إلى وضع "إطار مؤسسي" للحوار وتحديد دورية انعقاد، وتشكيل لجان سياسية واقتصادية وعسكرية تنبثق عنه لمتابعة القضايا المختلفة بين الجانبين.
وناقش وزيرا الخارجية المصري سامح شكري ونظيره الأميركي أنتوني بلينكن، الاثنين، سبل تعزيز العلاقات، والعديد من القضايا التي تهم الطرفين من السودان لليبيا وصولا إلى سد النهضة.
وافتتح شكري وبلينكن فعاليات الحوار الاستراتيجي التي تستمر على مدار يومين لبحث دفع ملفات التعاون الثنائي بما يتناسب مع عمق ومتانة العلاقات الاستراتيجية بين البلدين.
وقال المُتحدث باسم وزارة الخارجية السفير أحمد حافظ إن الوزير شكري أشاد بما تشهده العلاقات الثنائية من تنام على كافة المستويات، مؤكدا أهمية مواصلة تكثيف التشاور السياسي والتنسيق بين البلدين إزاء ملفات العلاقات الثنائية والقضايا محل الاهتمام.
وأعرب عن تطلعه بأن يخرج الحوار الاستراتيجي بنتائج تعكس تميز وخصوصية العلاقات بين القاهرة وواشنطن.
إطار مؤسسي للحوار
السفيرة هاجر الإسلامبولي مساعدة وزير الخارجية الأسبق للشؤون الأميركية، توقعت في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية" اتفاق الجانبين على وضع إطار مؤسسي محدد لاجتماعات دورية بمواعيد محددة.
وقالت إن جولة الحوار، التي جاءت بدعوة من واشنطن "ستؤدي على الأرجح إلى وضع إطار مؤسسي للحوار من حيث دورية انعقاده وتوقيته والمشاركين فيه".
وأشارت إلى إمكانية أن ينبثق عن هذا الإطار المؤسسي، لجان نوعية محددة للجوانب المختلفة للعلاقات سواء السياسية أو العسكرية أو الاقتصادية، مع استمرار الاتصالات الثنائية القائمة بشكل دائم.
ونوهت الإسلامبولي، وهي أيضا عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، إلى أن العلاقات بين الجانبين استراتيجية وممتدة على مدى 40 عاما؛ لتحقيق الاستقرار في المنطقة وهذه هي الركيزة الأساسية للعلاقات.
محيط إقليمي ملتهب
إزاء ذلك، بينت الإسلامبولي، إلى أن توقيت الحوار هام جدا نتيجة للأوضاع التي تشهدها المنطقة فـ"المحيط الإقليمي ملتهب للغاية ويحتاج إلى تهدئة للتوتر القائم، والعمل على تحقيق الاستقرار اللازم في المنطقة".
وترى الدبلوماسية المصرية السابقة أن الحوار الاستراتيجي بين الدولتين سيتعرض إلى قضايا المنطقة المختلفة، مثل مستقبل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وقضايا ليبيا والسودان وسد النهضة الإثيوبي وجميعها قضايا ملتهبة في المنطقة من الناحية السياسية.
كما أنه على صعيد العلاقات الثنائية فإن العلاقات المصرية الأميركية لها جوانب مختلفة ومجالات بينها الجانب الأمني والعسكري والاقتصادي والثقافي بين البلدين.
نقطة التجاذب
وحول نقاط التجاذب بين الجانبين، قالت: "الحزب الديمقراطي الأميركي يعتبر حقوق الإنسان جزءا أساسيا من سياسته الخارجية تجاه العالم كله وليس تجاه مصر فقط".
وأضافت: "بالنسبة لمصر فإن قضية حقوق الإنسان تشمل جوانب الإنسان كلها، فيما أطلقت القاهرة مؤخرا الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، علاوة على إعلان رئيس الجمهورية إلغاء حالة الطوارئ في البلاد.
وشددت على أن العلاقات بين الدولتين لا تقتصر فقط على جانب واحد، بل يرتبطان بعلاقات استراتيجية قوية ومتشعبة على المستوى الأمني والعسكري والاقتصادي والثقافي.
إعادة الزخم للعلاقات
بدوره، قال بشير عبد الفتاح الخبير السياسي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية في حديث خاص لموقع "سكاي نيوز عربية" إن الحوار بين مصر والولايات المتحدة سيساعد في إعادة الزخم للعلاقات بين القاهرة وواشنطن على كافة المستويات.
وقال عبد الفتاح إن الولايات المتحدة أدركت مدى ثقل مصر الإقليمي، وقدرتها على القيام بدور بارز في تحقيق الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، بسبب دورها كوسيط مهم في كافة التفاعالات الاقليمية، وضمن الدول الأكثر استقرارا في اقليم مضطرب.
ورأى أن جولة الحوار ستعمل على تقليص الجفاء بين القاهرة وواشنطن في ظل إدارة جو بايدن، حيث ستساعد على التحليق بهذه العلاقات إلى آفاق أرحب خلال الفترة المقبلة.
ويكتسب الحوار أهمية كبيرة من الناحية السياسية والاستراتيجية وسط محيط إقليمي ملبد بالغيوم، بحسب عبد الفتاح الذي قال: "هناك أزمات حقيقية في السودان واليمن وليبيا وشرق المتوسط علاوة على النووي الإيراني".
ويضيف:"طرح كل هذه الملفات على طاولة الحوار مع مصر، يعكس حرص أميركا على التقارب مع القاهرة والاستفادة من إمكاناتها وقدراتها؛ سعيا إلى تجاوز العقبات التي تعطل الاستقرار بالمنطقة".
صيغ تفاهمية للخلافات
"تحاول واشنطن ترتيب علاقاتها مع القوى الفاعلة في المنطقة ومنها مصر التي بإمكانها التأثير في العديد من قضايا المنطقة"، هذا ما أكدته دلال محمود أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة،
وقالت في حديث خاص لموقع "سكاي نيوز عربية" إن إعادة الحوار بين البلدين يعكس عودة اهتمام واشنطن بقضايا الشرق الاوسط، ما دفعها إلى تنشيط شبكة من العلاقات والتحالفات التي تكفل لها الحفاظ على مصالحها، أو على الأقل ألا تتواجد دولة واحدة تهيمن على العلاقات في الإقليم.
وتعد العلاقات الأميركية المصرية، وفقا لـمحمود، استراتيجية وهامة للطرفين، وأضافت: "لا تزال واشنطن القوى العظمى التي تملك العديد من أوراق التأثير في المنطقة، ومازالت القاهرة لاعبا إقليميا مهما بالنسبة لواشنطن لاسيما من الناحية الأمنية بداية من مكافحة الارهاب الغابر للحدود إلى ضبط قضايا أمن الطاقة إلى أمن الممرات الملاحية وغيرها".
وقالت محمود التي تشغل أيضا مدير برنامج الأمن والدفاع بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية بالقاهرة: "سيخرج الحوار على الأرجح بإيجاد صيغة تفاهم حول القضايا الخلافية بين الدولتين؛ تمهيدا لتنسيق بعض المواقف المشتركة تجاه قضايا المنطقة".
وزادت: "يشهد الحوار تنسيقا في المواقف الأميركية المصرية في القضايا التي يكون دور القاهرة فيها محوريا مثل القضية الفلسطينية والليبية، أو قضية سد النهضة التي يمكن أن تؤثر في تطوراتها المحتملة على منطقة القرن الافريقي.
وقالت محمود أيضا إن واشنطن ترغب في استكشاف الاتجاهات المصرية في العلاقات المستقبلية مع العراق في ضوء مشروع الشام الجديد المشترك بين مصر والأردن والعراق.