"مخزون اليورانيوم" ورقة مساومة إيرانية تثير قلقا دوليا
03:10 - 06 نوفمبر 2021في استفزاز جديد للمجتمع الدولي، كشفت إيران النقاب عن مضاعفة مخزونها من اليورانيوم العالي التخصيب، في خطوها عدها البعض نوعا من المساومة قبيل مفاوضات فيينا نهاية الشهر الجاري.
وقال المتحدث باسم المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية، بهروز كمالوندي، في تصريحات نقلتها وكالة "إرنا" الرسمية، إن مخزون إيران من اليورانيوم المخصّب بنسبة 20 بالمئة أصبح 210 كيلوغرامات".
وأضاف كمالوندي: "كما تحتفظ إيران بـ25 كيلوغراما من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 بالمئة والذي ليس باستطاعة أي دولة إنتاجه سوى تلك المالكة للسلاح النووي".
وبموجب الاتفاق النووي التاريخي لعام 2015 بين إيران والقوى العالمية، لم يكن من المفترض أن تخصب إيران اليورانيوم بنسبة تزيد عن 3.67 بالمئة. ويمكن استخدام اليورانيوم المخصب بنسبة تزيد عن 90 بالمئة في صنع الأسلحة النووية.
زيادة كبيرة
وكانت التقديرات الأخيرة بشأن مخزون إيران من اليورانيوم المخصّب تعود إلى أوائل أكتوبر، حين أفاد رئيس منظمة الطاقة الذرية محمد إسلامي أن طهران تجاوزت عتبة 120 كيلوغرام من اليورانيوم المخصّب بنسبة 20 بالمئة.
وتفوق الكميات التي أشار إليها كمالوندي، بشكل كبير تلك التي قدّرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأن إيران تمتلكها، في تقريرها الأخير الصادر في السابع من سبتمبر.
وذكرت حينها الوكالة التي تتخذ من فيينا مقرا لها، أن لدى إيران 84.3 كيلوغراما من اليورانيوم المخصّب بنسبة 20 بالمئة، وعشرة كيلوغرامات من الـ60 بالمئة.
انتهاك الاتفاق النووي
على مدار الأشهر الماضية، انتهكت إيران مرارًا وتكرارًا الاتفاق النووي لعام 2015 مع القوى العالمية، من بينها تقليص عمل مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذري، مما قلل الوقت الذي ستحتاجه لإنتاج سلاح نووي.
في يناير الماضي، اتخذت إيران واحدة من أكبر خطواتها حتى الآن لخرق اتفاق 2015، معلنة أنها بدأت تخصيب اليورانيوم بنسبة نقاء 20 بالمئة، وتجاوز الخط الأحمر الذي حددته في السابق القوى الأوروبية التي لا تزال طرفًا في الاتفاقية.
في 10 فبراير، كشف تقرير سري للوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران بدأت في إنتاج معدن اليورانيوم، وهو مادة حيوية للأسلحة النووية، وهو ما أثار الكشف القلق بين المسؤولين الغربيين حول ما إذا كانت إيران تستعد لاستئناف العمل نحو سلاح نووي.
قلق دولي وخيارات مفتوحة
وأعربت دول غربية عدة عن قلقها من تسارع وتيرة البرنامج النووي الإيراني.
وعبّرت الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وبريطانيا، أواخر الشهر الماضي، عن "قلقها الكبير والمتنامي" حيال الأنشطة النووية الإيرانية، داعية طهران إلى "تغيير موقفها" لإنقاذ الاتفاق النووي.
وخلال اجتماع الرئيس الأميركي، جو بايدن، مع نظيره الفرنسي، إيمانويل ماكرون، على هامش قمة العشرين، اتفقا على ضرورة ضمان عدم حصول إيران على سلاح نووي.
والأحد الماضي، قال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، إن الوقت الذي تحتاجه إيران لإنتاج مواد انشطارية لصناعة سلاح نووي يتناقص.
وأضاف بلينكن في رده على إمكانية استخدام الخيار العسكري في التعامل مع إيران خلال مقابلة مع محطة cbs الأمريكية: "كل الخيارات مطروحة على الطاولة".
كما قال المبعوث الأميركي الخاص بشأن إيران روبرت مالي، إن فرصة العودة إلى المفاوضات النووية مع إيران لن تظل مفتوحة إلى الأبد.
وأوضح المبعوث الأميركي، في تصريحات صحفية، أنه في الوقت الذي تشعر فيه واشنطن بقلق متزايد بسبب استمرار طهران في المماطلة وتأخير المحادثات، فإنها تملك أيضا أدوات أخرى لمنع إيران من حيازة سلاح نووي، وستستخدمها إذا لزم الأمر.
ويعتقد مسؤولون ومحللون غربيون أن زيادة طهران لمستوى تخصيب اليورانيوم مع ترويها في العودة للمحادثات، التي تأجلت في يونيو عند انتخاب رئيس جديد للبلاد مناهض للغرب، يهدف إلى تعزيز مواقفها لانتزاع المزيد من التنازلات عند استئناف المفاوضات.
ضغط لمزيد من المكاسب
المحلل السياسي الإيراني، أحمد هاشمي، قال إن توقيت إعلان طهران عن مضاعفة مخزونها من اليورانيوم نوع من الضغط قبيل انطلاق جولة المفاوضات في فيينا.
وأضاف هاشمي، وهو مسؤول سابق بالخارجية الإيرانية، لـ"سكاي نيوز عربية"، أن التوقيت مهم لأن إدارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي الجديدة تكافح مع المشاكل الاقتصادية بطريقة غير مسبوقة.
وأوضح أن إيران تحتاج إلى أن تكون قادرة على تصدير نفطها والحفاظ على تدفق السيولة للنجاة من الانهيار الاقتصادي الكامل في البلاد. لذا، تريد إيران استمرار المحادثات النووية، ولكن لغرض تخفيف العقوبات فقط.
وأكد أن إيران تريد المزيد من المكاسب والمزيد من تخفيف العقوبات. لهذا السبب أكد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، قبل يومين، أن المفاوضات النووية يجب أن تبدأ من حيث انسحب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب من الاتفاق النووي الإيراني.
المفاوضات ستطول لأهداف إيرانية
وأشار إلى أن أبرز المطالب الإيرانية خلال المفاوضات ستكون إلغاء تجميد دولاراتها النفطية، حيث دعا وزير الخارجية الإيراني أمير عبد اللهيان، في أوائل أكتوبر، الولايات المتحدة إلى تسييل 10 مليارات دولار من أصول طهران المجمدة، لتمهيد الطريق أمام العودة إلى الاتفاق النووي مع القوى الكبرى.
وتوقع هاشمي إطالة أمد هذه الجولة من المفاوضات لأن "إيران لا تريد حلاً. إيران تريد سلاحا نوويا".
ولفت إلى أن استراتيجية إيران تتمثل في كسب الوقت وتخفيف العقوبات مع تعزيز قدراتها النووية، فبينما تؤكد أنها لا تزال تعتزم مواصلة المفاوضات، تسرع تخصيب اليورانيوم بالقرب من مستوى صنع الأسلحة.
وأكد على أن المحادثات النووية هي فقط لصالح إيران، لأن المفاوضات تتيح الوقت الذي تشتد الحاجة إليه لإيران للمضي قدمًا في مشروع أسلحتها النووية.