أجندة قمة غلاسكو.. محاولة لتدارك أخطاء الماضي
23:01 - 28 أكتوبر 2021من اللحظات المهمة في تاريخ "مؤتمر الأطراف" أو قمّة "تغيّر المناخ" التي قد يتذكرها البعض هي التوقيع على بروتوكول كيوتو عام 1997 وخطاب الناشطة الشبابية في مجال المناخ غريتا ثونبرغ لعام 2019 الذي انتقدت فيه قادة العالم لعدم اتخاذ أي إجراء نحو محاولة الحدّ من انبعاثات الكربون.
ويجتمع المفاوضون في قمة غلاسكو من جميع أنحاء العالم، وسط تحذيرات وأدّلة جديدة، تشير لتفاقم أزمة المناخ، مع عدم اتخاذ أية إجراءات جديّة من قِبل الدول الموقعة على اتفاق باريس 2015 للحد من الانبعاثات الكربونية.
أجندة باريسية
ستكون أجندة قمة باريس لتغيُّر المناخ في 2015 حاضرة في مؤتمر غلاسكو أيضًا؛ ومع التباطؤ في الوصول لحل مشكلات المناخ تتعقد الأمور يومًا بعد يوم.
ويستمر اجتماع قمة غلاسكو في استكلندا لمدة أسبوعين، وسيكون الهدف من الاجتماع في النهاية هو وضع اللمسات الأخيرة على القواعد القواعد والإجراءات الخاصة بتنفيذ اتفاقية باريس والتي كان من المفترض أن تكتمل بحلول عام 2018.
وبشكل عام، تحتوي قمة تغيُّر المناخ في غلاسكو على ثلاث أهداف رئيسية: حثّ الجميع على زيادة تعهداتهم بخفض الانبعاثات، وجعل وعد باريس بمنح 138 مليار دولار سنويًا لتمويل المناخ حقيقة واقعة، وتحسين التدابير للتكيف مع الآثار المدمرة لتغير المناخ.
لذلك؛ فإنَّ معظم المناقشات قبل الاجتماع كانت حول محاولة للحصول على تعهُّد جميع البلدان بهدف صافي الصفر بحلول عام 2050.
ويُعّد حياد الكربون، أو صفر كربون هو إحدى المشكلات الشائكة حاليًّا؛ وهو حالة يتم فيها تعويض انبعاثات بلد ما إما بامتصاص غازات الاحتباس الحراري، كما تفعل الأشجار والغابات، أو عن طريق الإزالة الفيزيائية لثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي باستخدام تقنيات مستقبلية.
صافي الصفر يُعّد موضوعًا مثيرًا للجدل أيضًا، خاصّة فيما يتعلّق بمن يتحمل مسؤوليته بين البلدان المتقدمة والنامية.
أسواق الكربون
سيكون من ضمن الاجتماعات الهامّة هي إنشاء أسواق كربون جديدة، وكان قد تم الاتفاق عليها في اتفاقية باريس 2015 لتغيُّر المناخ إلا أنّ الدول لم تفي بوعودها في هذا الأمر.
وتُعد أسواق الكربون أداة مهمة لتسهيل خفض الانبعاثات، وكانت جزءًا لا يتجزأ من بروتوكول كيوتو الذي أفسح المجال الآن لاتفاق باريس.
وبروتوكول كيوتو تم تخصيص أهدافه المحددة لخفض الانبعاثات لمجموعة من البلدان الغنية والصناعية، ومن الطرق غير المباشرة لتحقيق ذلك السماح للبلدان بشراء أرصدة الكربون من البلدان النامية.
وبحسب تقارير فإنَّ شراء البلدان المتقدمة لأرصدة الكربون من البلدان النامية؛ فإنّه يُعّد تحقيقًا لأهداف تغيُّر المناخ، وهو ما سيعود بالنفع أيضًا على البلدان النامية التي ستتلقى أموالًا لتمويل تحولها لتقنيات نظيفة.
إلا أنّ البلدان المتقدمة وجدت في بروتوكول كيوتو تقييدًا لها، وانسحب العديد منهم، وكانت النتيجة انخفاضًا كبيرًا في الطلب على أرصدة الكربون، وبالتالي انخفاض سعر الكربون.
لكن دولًا مثل الهند والصين والبرازيل استمرت في كسب أرصدة الكربون على أمل عودة الطلب بمجرد إبرام اتفاق يخلف بروتوكول كيوتو، وقد حدث ذلك مع اتفاقية باريس.
وخلال قمة المناخ الماضية في عام 2019 التي استضافتها مدريد، سعى المفاوضون على مدار يومين من المباحثات إلى التوصل إلى حل وسط حيال رفع الطموحات لكن محاولتهم باءت بالفشل إذ لم يتم التوصل إلى اتفاق بشأن أسواق الكربون.
قضية التمويل
وخلال قمة المناخ ستُعْقَد لقاءات ومحادثات بين زعماء العالم وعلماء ورجال أعمال وممثلين عن منظمات المجتمع المدني، إلا أنّ بعض من ممثلي البلدان النامية حذّروا من أنَّ قيود السفر ونقص لقاحات كورونا ستجعل من الصعب عليهم حضور القمة.
وسيكون على مائدة ممثلي الدول الـ 200 الذين يحضرون قمة غلاسكو قضية التمويل أيضًا، والتي ستحتاج لمناقشات عديدة، توفر تمويلًا شافيًّا وكافيًّا للتغلب على عجز الثقة.
ولكن بجانب قضية التمويل وحجمها إلا أنّ بعض التقارير تشير إلى أنَّ ليس فقط حجم التمويل هو الأزمة، بل القواعد التي يمكن من خلالها تحويل تلك الأموال والتحقق من وصولها للدول التي تستحقها.
تطوير التكنولوجيا ونقلها
طالما كان يُنظر إلى التكنولوجيا على أنّها ركيزة أساسية للعمل المناخي، وسط توقعات بأنَّ تلعب التقنيات الجديدة والمحسنة دورًا مهمًا في دعم إجراءات التخفيف والتكيف مع المناخ مما يجعلها فعالة من حيث التكلفة وفعالة.
ومعالجة مشكلة تغيُّر المناخ باستخدام التكنولوجيا تمثل تحديًا خاصًا للبلدان النامية، بسبب تعقيدات تسخير وإدارة التغيُّر التكنولوجي والموارد الشحيحة ما بين البشرية والتنظيمية والتقنية والمالية،علاوة على معالجة ضروراتها التنموية الملحة، مثل التنمية الاقتصادية، وتوفير الاحتياجات الأساسية، وخلق فرص عمل.
إلا أنّه مع كل هذا لابد من اندماج البلدان الناميّة في التكنولوجيا لمواجهة تحديات التخفيف والتكيّف في عملية إدارة التغير المناخي، والقيام بذلك في ظل ظروف معاكسة للقدرات المالية والتقنية والمؤسسية المحدودة، ومساعدة الدول المتقدمة على ذلك.
خشب الأشجار
تلعب الأشجار والغابات دورًا حيويًا في إزالة غازات الاحتباس الحراري من الغلاف الجوي وتعزيز التنوع البيولوجي، لذلك تُعّد أيضًا من الموضوعات المطروحة على الأجندة، وكيفية الاستفادة من الطبيعة ومن الأشجار للحد من انبعاثات الكربون.
ويشير تقرير لرويترز أنَّ هناك فرصة لاستخدام الثروة البيئية للبلدان والمجتمعات الفقيرة للتخفيف من حدة الانبعاثات كالأشجار، والأنظمة الإيكولوجية الطبيعية التي تمتص ثاني أكسيد الكربون.
ومن المتوقع أنّ يؤدي توسيع الأشجار والغابات في دورًا مهمًا في تحقيق طموح الحكومات لتحقيق صافي انبعاثات غازات الدفيئة إلى الصفر بحلول عام 2050.
نظرة عامّة
وبحسب جدول الأعمال المنشور على موقع الأمم المتحدة لقمة غلاسكو، فإنّه سيشتمل على 18 محورًا بالإضافة إلى حفل الافتتاح، وحفل الختام والتنظيم بشأن رئاسة الدورة والتسليم والتسلُّم.
وبحسب الجدول المنشور فإنَّ هذه الدورة ستناقش في المحور الثالث بعد حفل الافتتاح والتنظيم، تقريرا الهيئتين الفرعيتين: تقرير الهيئة الفرعية للمشورة العلمية، والتكنولوجية، وتقرير الهيئة الفرعية للتنفيذ، والمحور الرابع: المعلومات المقدّمة من الأطراف المدرجة في المرفق الأول للاتفاقية (اتفاقية باريس) واستعراض المعلومات.
أمَّا عن المحور الخامس سيكون عن المعلومات المقدّمة من الأطراف غير المدرجة في المرفق الأول للاتفاقية، والمحور السادس، تقرير لجنة التكيُّف عن الأعوام 2019، 2020، 2021.
بينما يتناول المحور السابع آلية وارسو الدولية المعنية بالخسائر والأضرار المرتبطة بتأثيرات تغيُّر المناخ، والمحور الثامن سيناقش المسائل المتعلّقة بالتمويل، والتاسع تطوير التكنولوجيا ونقلها، والعاشر بناء القدرات بموجب الاتفاقية، والـحادي عشر المسائل المتعلقة بالبلدان النامية.
ويتناول المحور الثاني عشر تقرير المنتدى المعني بتنفيذ تدابير التصدي، والثالث عشر قضايا الجنسانية وتغيُّر المناخ، والمحور الرابع عشر التخفيضات الحقيقية العادلة والمنصفة والطموحة والعاجلة في الانبعاثات، التي تتماشى الآن مع مسار خفض درجة الحرارة إلى أقل من 1.5 درجة مئوية.
ويناقش المحور الخامس عشر جميع مسائل التكيُّف، والسادس عشر المسائل الإدارية والمالية، والسابع عشر الجزء رفيع المستوى، والثامن عشر والأخير هو مناقشة مسائل أخرى، بحسب ما جاء في جدول الأعمال المنشور على موقع الأمم المتحدة.