مالي تتجه نحو المجهول.. طرد ممثل "غرب أفريقيا"
21:55 - 25 أكتوبر 2021في تطور سريع للأوضاع في مالي، استدعت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي في مالي الاثنين، الممثل الخاص للمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا "إيكواس" حميدو بولي سار، وإبلاغه قرار حكومة باماكو بأنه أصبح "شخصا غير مرغوب فيه" وعليه مغادرة البلاد خلال 72 ساعة.
وذكر التلفزيون الرسمي في مالي، في قرار الحكومة جاء بسبب القيام بـ"أفعال لا تتسق مع مهامه" بحسب ما ذكرت الخارجية في مالي، مؤكدة استعداد الحكومة لمواصلة الحوار مع المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا "إيكواس" والعمل معها من أجل نجاح المرحلة الانتقالية وتوحيد جهودنا لتعزيز التكامل الإقليمي الفرعي بروح من التضامن والتكامل والاحترام المتبادل والصدق.
وتأتي هذه الخطوة بعد ساعات من لقاء وفد مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة مع السلطات المؤقتة في مالي وإجراء محادثات حول موعد إجراء الانتخابات ما بعد الانقلاب، والتي أكد ممثل الوفد الأممي أنها ستكون بعد مشاورات الإصلاح الوطني المقرر إجراؤها في ديسمبر المقبل.
وحث وفد مجلس الأمن الدولي، السلطات في مالي على استعادة الحكم المدني بعد انقلابين في أقل من عام، في الوقت الذي قال فيه المجلس العسكري الحاكم إنه يحتاج إلى مزيد من الوقت للتحضير للمرحلة الانتقالية، وتتعرض مالي لضغوط من جيرانها الإقليميين لإجراء انتخابات رئاسية بحلول فبراير 2022.
وقال عبدو أباري، سفير النيجر لدى الأمم المتحدة، للصحفيين عقب زيارة استغرقت يومين إلى البلاد: "نريد انتقالا سريعا يتماشى مع الجدول الزمني الذي وضعته المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا وينتهي بانتخاب الماليين لقادة جدد"، حيث التقى وفد مجلس الأمن، بقيادة كينيا والنيجر وفرنسا وانضمت إليه السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس جرينفيلد، مع قادة المرحلة الانتقالية والجماعات المسلحة، الموقعين على اتفاق السلام لعام 2015.
أسباب طرد ممثل "ايكواس"
ويقول المحلل السياسي من مالي إبراهيم صالح - في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية"- ليست هذه المرة الأولى التي تبدي فيها حكومة مالي انزعاجها من سلوك ممثل مجموعة "ايكواس" وتدخلاته في الشأن الداخلي المالي، حيث تم استدعاؤه لوزارة الخارجية ثلاث مرات سابقة، وكانت بداية الأمر في عهدة الرئيس وان، حيث طلب منه أكثر من مرة الكف عن التدخل في الشئون الداخلية، ولكن يبدو أن الرجل لم يمتثل؛ الأمر الذي انتهى بالحكومة إلى وصفه بالشخص غير المرغوب فيه ومطالبته مغادرة البلاد.
وأضاف صالح رئيس تحرير موقع "أخبار الساحل" أن تدخلات ممثل الإكواس تتضمن تواصله مع الأحزاب السياسية، واقتراح سلوك سياسي معين عليها، خاصة الأحزاب المعارضة، حيث توصلت الحكومة المالية إلى أن الرجل كان يحرض تلك الأحزاب على اتخاذ قرارات معينة، وقبول أو رفض قرارات الحكومة، كما شمل الأمر التحريض على الخروج والتظاهر، الأمر الذي يعد خروجا عن العمل الدبلوماسي المنوط بالرجل.
وفيما يتعلق بعضوية مالي في "ايكواس"؛ قال صالح إن قرار طرد حميدو بولي سار لن يكون له أي تأثير على تلك العضوية، فهو قرار يختص بالموقف من شخص بولي، لا بعضوية مالي في المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا.
وكانت مالي قد انزلقت في اضطرابات سياسية العام الماضي، بلغت ذروتها مع انقلاب قاده الكولونيل أسيمي غويتا في أغسطس 2020 ضد الرئيس إبراهيم بوبكر كيتا، وتحت التهديد بفرض عقوبات، عيّن الجيش إثر ذلك حكومة مدنية مؤقتة مهمتها إعادة البلاد إلى الحكم الديموقراطي.
لكن غويتا أطاح بالحكومة المؤقتة في مايو في ما مثّل انقلابا ثانيا، ونُصب الكولونيل لاحقا رئيسا مؤقتا، ما أثار إدانات دولية، وتشدد كل من المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا التي تضم 15 دولة والأمم المتحدة على الإسراع في إجراء انتخابات للعودة إلى الحكم المدني، لكن الحكومة المؤقتة أعلنت أنها ستحدد موعد الانتخابات بعد عقد "مؤتمر وطني لإعادة التأسيس" في ديسمبر، في الوقت الذي تعاني فيه مالي من توغل الجماعات المسلحة في منطقة الساحل الأفريقي وارتفاع وتيرة العمليات الإرهابية.
وكانت دراسة نشرها مركز "فاروس" للاستشارات والدراسات الاستراتيجية، قالت إن التنظيمات الإرهابية استطاعت أن تستغل الهشاشة الجغرافية للمنطقة، التي تتأرجح بين المناطق الصحراوية الشاسعة، وبين المناطق الاستوائية التي يغلب عليها الطابع الغابي، وهو ما سمح لها بأن تجد بسهولة مهربا ومخبأ استراتيجيا، وهو ما يصعب مهمة ضبط التنظيمات ومحاربتها.
التفاوض مع القاعدة
وتقول مصادر لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن مالي تتجه نحو تبني توجه مناهض لإرادة فرنسا ورئيسها إيمانويل ماكرون وخططها في باماكو، ويقوم هذا التوجه على وقف التمرد المسلح في البلاد من أجل اكتساب شرعية سياسية وشعبية من خلال التفاوض مع الجماعات المسلحة ومن بينها جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" بقيادة إياد أغ غالي التابع لتنظيم القاعدة.
وأوضح الكاتب والمحلل السياسي من مالي عبدالله تراغي، أن الحكومة في مالي باتت في حاجة ملحة إلى دعم دول الجوار في مواجهة الكيانات المسلحة التي تروج أنها هزمت فرنسا وأجبرتها على الانسحاب من مالي ودول الساحل الأفريقي.
ويرى الكاتب أن لجوء حكومة باماكو الانتقالية إلى التفاوض مع الجماعات المسلحة يعد إخفاقا لفرنسا على العديد من المستويات، خاصة على مستوى إحداث فارق واختراق لملف التدخل الخارجي لتقويض الجماعات الإرهابية وإعادة بناء الجيوش وتأهيلها لمحاربة الإرهاب.