الانتخابات العراقية.. سيناريوهات التحالفات البرلمانية
08:30 - 16 أكتوبر 2021بعد تصدر التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر، المرتبة الأولى عراقيا وشيعيا، بحسب النتائج الأولية للانتخابات العراقية المبكرة التي جرت يوم الأحد المنصرم، وتراجع الأطراف الشيعية المنافسة له، وخاصة "كتلة الفتح"، التي هي بمثابة الجناح السياسي للحشد الشعبي.
ومع حلول ائتلاف دولة القانون، بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، ثانية بعد الكتلة الصدرية على صعيد ترتيب القوى الشيعية، تشير تصريحات من قبل قياديين في دولة القانون وفي الإطار التنسيقي الذي يضمها مع الفتح ومجموعة من القوى الشيعية الأصغر، إلى أنهم يعتزمون إبرام تحالف موسع، لتكوين الكتلة الأكبر داخل البرلمان الجديد، بما يخولها هي تشكيل الحكومة كما يقولون.
وللتعليق على مجمل التفاعلات والتحولات التي أحدثتها نتائج الانتخابات الأولية في خريطة القوى الشيعية العراقية، وطبيعة وشكل التحالفات والاصطفافات القادمة، يقول الباحث السياسي العراقي أحمد الأدهمي، في حوار مع موقع "سكاي نيوز عربية": "ما صرحت به القيادية في دولة القانون عالية نصيف عن تمكن ائتلافهم، من تشكيل تحالف جديد مكون من 85 نائبا، مع تحالف الفتح وكتل أخرى هو ليس مستغربا، فهذه لعبة سبق وأن لعبها زعيم دولة القانون نوري المالكي ونجح بها بإتقان أمام منافسه إياد علاوي، ولكن القصة مختلفة الآن".
فنتائج الانتخابات صحيح أنها أعادت المالكي إلى الواجهة من جديد، كما يشرح الأدهمي مضيفا: "لا بل جعلت تحالف الفتح بأكمله تحت رايته، لكن الصدريين لهم القدرة مثلا على التحالف مع الحزب الديمقراطي الكردستاني، والذي فاز بـ 34 مقعدا بحكم التقارب الملحوظ بين الطرفين في الفترة الأخيرة، مما يجعل ذلك كافيا لبقائهم كقوة نافذة في البرلمان، والمالكي هنا وبكسبه لأكثر من 85 نائبا، يحاول أيضا خلق حاجز في البرلمان لمنع أي مشروع أو قرار يهدف لدمج الحشد الشعبي بشكل كامل بالقوات الأمنية، لأن ذلك سيؤدي مباشرة لفقدان الحشد لجميع قياداته العقائدية، التي يعتمد عليها في تكوينه وولائه لإيران، وهذا ما قد يعني نهاية الحشد بشكل تام".
ويسهب الأدهمي في سرد خلفيات التحالف بين دولة القانون والفتح، بالقول: "هذا التحالف يقف أيضا ضد أي مشروع ممكن أن يضر بتمويل الحشد الشعبي بأي شكل من الأشكال، وذلك للحفاظ على المكاسب التي حققتها هذه الأطراف من خلال الحشد، وبالعودة لمشهد التفاوض لتشكيل الحكومة العراقية الجديدة، فحتى وإن كان تحالف سائرون الصدري هو الأقوى، لكنه يعلم أنه لن يتمكن من تشكيل الحكومة دون وجود اتفاق سياسي، كما حصل مع الحكومات السابقة، وهذا الاتفاق سيكون هو سيد الموقف خلال المرحلة القريبة المقبلة".
أما الرهان الأكبر والواضح لدولة القانون هو على ما سيتمخض عن الضغط العالي المعمول به الآن على مفوضية الانتخابات، كما يرى الباحث العراقي، قائلا: "فلو تمكنت من كسب عدد من المقاعد جراء هذا الضغط، قد تنقلب المعادلة على الصدر، ويصبح الصدر مضطرا للبحث عن أطراف أخرى تضاف إلى الديمقراطي الكردستاني، للإبقاء على حظوظه قوية في سعيه لأن تكون رئاسة الوزراء صدرية".
أما مدير مركز التفكير السياسي إحسان الشمري، فيشير لحدوث تحولات عميقة في مزاج الناخب الشيعي العراقي، بالقول: "هذا التراجع في عدد مقاعد كتلة الفتح الشيعية، يعني بوضوح أن الشيعة العراقيين كمكون وناخبين هم بالضد من ابتلاع العراق، من جانب قوى إقليمية معينة متحكمة بالقرار السياسي العراقي، خاصة وأننا نلاحظ الآن صعود ما يمكن تسميته الشيعة القوميين، كتيار قومي ووطني في الشارع الشيعي العراقي، بات يكتسح المشهد، ويضغط باتجاه ضمان استقلال العراق، وتحريره من الهيمنة الخارجية من وراء الحدود".
الفتح وحلفائه، لم يقدموا شيئا حين شكلوا الحكومة العراقية، بعد انتخابات العام 2018، كما يرى الشمري متابعا: "وأخفقوا بشكل ذريع مدخلين العراق في صراع محاور، وكاد العراق أن يكون ساحة تصفية حسابات إقليمية ودولية، فضلا عن أنهم لا يملكون برنامج عمل لإدارة الدولة وتسيير شؤونها، وبالتالي اعتمدوا على شعارات فارغة، وخطابهم خاصة في الآونة الأخيرة بات خطابا طائفيا محضا، وهذا الأمر ما عاد مقبولا حتى وسط الشيعة، أن يكون هناك حديث ذو نفس طائفي".
ويمضي الأكاديمي العراقي قائلا: "يبدو من السابق لأوانه التكهن الآن بمآلات الصراع المحتدم على الحصص البرلمانية، والتي بعد نفض غبار معاركها، وتحديد حجم الكتل وعدد مقاعدها بالضبط، سيمكن حينها تبين المشهد بدقة، لكن في الاجمال فإن حظوظ كتلة الفتح ومن لف لفها في الظفر بتشكيل الحكومة تبدو ضئيلة".