انتخابات العراق.. هل يكون صوت الشباب بيضة القبان؟
13:06 - 10 أكتوبر 2021في بلد نحو 70 في المئة من سكانه، هم دون سن 30 عاما، بحسب أحدث تقارير واحصاءات وزارة التخطيط العراقية، فإن من البديهي أن تشكل شريحة الشباب الكتلة الانتخابية الأكبر.
لكن الكثير من الأوساط الشبابية الحقوقية والمدنية في بلاد الرافدين، ترى أن تمثيل الشباب ودورهم السياسي والمجتمعي في الفضاء الوطني العام، لا يتناسب وثقلهم الديمغرافي، ولا مع طاقاتهم وحيويتهم ونهمهم للعمل والانجاز والاشتراك.
فهل ستفرض الانتخابات البرلمانية المبكرة، التي تقررت على وقع المظاهرات والاحتجاجات الشعبية العارمة في نهاية العام 2019، والتي قادها أساسا الشباب العراقيون، وقائع ومعادلات جديدة، لجهة انصاف الشباب العراقيين ومنحهم الدور اللائق بهم، وإشراكهم الفاعل في المشهد السياسي؟
وفي هذا الإطار يقول الكاتب العراقي علي البيدر، في لقاء مع موقع سكاي نيوز عربية: "بشكل عام، الثقافة السائدة لدى النخب السياسية الحاكمة في العراق، منذ مراحل تأسيس الدولة العراقية ولغاية اللحظة، لا تكترث بالشباب فهي تستخدمهم فقط كوسيلة لتكريس سلطتها، وتمكين أدوات سيطرتها، لا لتقوية هذه الفئة وتعزيز حضورها ودورها، كونها تمثل مستقبل البلاد".
ويضيف البيدر: "هذا التقليد السلبي الخطير، تبنته مع الأسف أيضا المنظومة السياسية بعد العام 2003، مستغلة الشباب العراقيين خاصة في المؤسسات الأمنية وذلك للدفاع عنها وحمايتها بالدرجة الأولى، وهي تستغلهم انتخابيا، لكن لا يوجد في برامج مختلف الأحزاب السياسية العراقية، ما يدعو بشكل مبرمج وواضح لتأهيل الشباب وتطوير واقعهم، والارتقاء بدورهم وتحقيق أحلامهم.
العرف الاجتماعي العراقي السائد يتفاعل مع الصورة النمطية للسياسي العراقي، ككهل عجوز بالضرورة، كما يقول الكاتب العراقي مضيفا "لذلك المزاج الاجتماعي في بلادنا، لا يحبذ السياسي الشاب والحيوي، ولا يستسيغه".
متابعا: "فضلا عن أن الشباب أنفسهم في المقلب الآخر، منكفئون ومعتكفون عن الشأن العام، ولم يجازفوا لاقتحام عالم السياسة، كونهم هم أيضا باتوا شبه مسلمين بفرضية، أن السياسة حكر على كبار السن و"علية القوم" في حين ان دولا كبرى حول العالم، كفرنسا وكندا مثلا يقودها شباب، ثم أن بعض الشباب العراقيين ممن اقتحموا مجال السياسة لم يطوروا ذواتهم كما يجب، كي يصلوا منصة التنافس على قمة الهرم السياسي".
وعن سبل معالجة الخلل وردم الفجوة لجهة ضعف مشاركة الشباب في الحياة السياسية، يقول البيدر: "يمكن مثلا تخصيص كوتا انتخابية شبابية، من شأنها أن تحفز على توسيع مشاركة الشباب وتأطيرها قانونيا، كأن تكون كنسبة كوتا النساء، وأن تخصص لهم نسبة ربع مقاعد البرلمان العراقي وهكذا".
فضلا عن أن القوانين العراقية نفسها تسهم في احباط الشباب وكبح طموحاتهم، كما يرى الكاتب العراقي، مردفا: "فمثلا من شروط تولي منصب رئيس الجمهورية في العراق، أن يكون المرشح له قد تجاوز 40 عاما، وهذا بحد ذاته غبن واجحاف كبيران بحق ملايين شباب العراق".
من جانبه يقول الدكتور إحسان الشمري الأستاذ في جامعة بغداد، في حوار مع موقع سكاي نيوز عربية: "الشباب هم بالطبع أكبر فئات المجتمع العراقي، ورغم أن ثمة دعوات لمقاطعة الانتخابات بينهم، لكنها تبقى عاجزة أمام هيمنة الأحزاب التقليدية وترساناتها السلطوية، والتي ستعمل على محاولة استمالتهم ترغيبا وترهيبا، ورغم أن المزاج العام وليس الشبابي فقط في البلاد متذمر ساخط وغير راض عن الطبقة السياسية، لكنها ستعمل كعادتها على محاولة استغلال الشباب كوقود لمشاريعها السلطوية حالهم حال مختلف شرائح المجتمع".
ويتابع: "الشباب هم الأغلبية قياسا بالفئات العمرية العراقية الأخرى، وهم يمثلون الركن الأساسي في العملية الانتخابية، وفي دعوات التغيير والاصلاح، كونهم محبطون نتيجة تراكم الفشل في أداء الطبقة السياسية، وكأكثر المتضررين منها".
ولهذا ثمة انخراط شبابي أكبر في هذه الانتخابات، كما يلاحظ الشمري، بالقول: "بحيث أنه قد يكون للشباب مساحة جيدة في البرلمان القادم، وهم سيكونون من المستقلين غالبا، ولكن الأحزاب التقليدية ستعمل هي الأخرى، على توظيف الشباب في قوائمها، بل وحتى تشكيل أحزاب لهم كأحزاب ظل أقصد، في محاولة من القوى التقليدية الحاكمة، لركوب موجة المد الشبابي العارم".
ويختم الأكاديمي العراقي: "من الملح أن تكون هناك مساحة تمثيل وازنة وحقيقية للشباب، في مختلف المفاصل السياسية سيما تحت قبة البرلمان، لكن النهج السائد هو التضييق عليهم، خاصة على صعيد عزلهم عن دوائر صناعة القرار، فالكثيرون وسط النخب والزعامات السياسية العراقية لا زالوا أسرى نظرة تقليدية متهافتة، تشكك في قدرات الشباب وتطعن في أهليتهم وجدارتهم لإدارة البلاد، وهذا خطأ كبير جدا، بل خطيئة".
ومن أصل قرابة 25 مليون ناخب عراقي يحق لنحو 21 مليونا منهم، التصويت ممن يمتلكون بطاقات انتخابية بايومترية طويلة الأمد ومن لديهم بطاقات انتخابية قصيرة الأمد.
يذكر أن العدد الكلي للمرشحين للانتخابات العامة العراقية، يبلغ أكثر من 3200 مرشح، بينهم 951 مرشحة، ونحو 790 مرشحا مستقلا، يتنافسون على 329 مقعدا برلمانيا هي مجموع مقاعد مجلس النواب العراقي.