مع تصاعد العنف ضدهم .. اليونسيف تتحرك لحماية أطفال العراق
23:52 - 27 سبتمبر 2021أصدرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونسيف) بيانا، يحذر من تبعات العنف المتمادي ضد الأطفال العراقيين، لا سيما بعدما بلغ مستويات خطيرة، وفيما بات 4 من بين كل 5 أطفال بالعراق، يتعرضون للعنف والضرب.
وأكدت المنظمة الأممية، أنه ما من شيء يبرر العنف ضد طفل صغير، كما أن هذه الظاهرة لا بد من منعها ووقفها.
وأكدت بيانات بشأن حقوق الأطفال صدرت عام 2018، أن 4 من بين كل 5 أطفال في العراق ما زالوا يتعرضون للعنف في المنزل أو المدرسة .
وطالبت اليونسيف، الحكومة العراقية بتكريس آليات رصد ومتابعة لمرتكبي جرائم العنف والقتل بحق الأطفال وتقديمهم إلى المحاكمة، فالأطفال في العراق، بحاجة ماسة إلى حماية وضمان حقوقهم، وتوفير بيئة آمنة خالية من العنف وملائمة لتطوير قدراتهم وقابلياتهم على أكمل وجه.
واختتمت منظمة الأمم المتحدة للطفولة، بيانها بتأكيد مواصلتها دعم الحكومتين الاتحادية في بغداد والإقليمية في كردستان العراق، برؤية مشتركة مفادها أنه بحلول العام 2024، سيكون الأطفال والمراهقون والنساء، ولاسيما الأكثر ضعفا من بينهم، آمنين محميين من العنف، والاستغلال، وسوء المعاملة، والإهمال، انسجاما مع القانون الوطني و إطار السياسات والمعايير الدولية.
كيف أعلم طفلي الدفاع عن نفسه
واقع قاتم
وتعليقا على بيان اليونسيف الذي قدم أرقاما صادمة، حول واقع الأطفال العراقيين المأساوي، تقول بشرى العبيدي، الناشطة في مجال الدفاع عن الطفل والمرأة، في حوار مع موقع "سكاي نيوز عربية"، "هذه ليست أول مرة تظهر مثل هذه الاحصائيات المخيفة بشأن حجم العنف المتوحش الذي يتعرض له الطفل العراقي، ولهذا عملنا منذ زمن طويل على الدفع باتجاه اقرار قانون لحماية الأطفال بالعراق".
وأردفت أن العنف ضد الطفل ظاهرة مزمنة وقديمة في البلاد "مع الأسف، حيث قدمت رسالتي بالماجستير حولها منذ العام 2000 ومنذ ذلك الحين وحتى الآن ونحن نسعى لإقرار قانون يحمي الطفل، لكن دون طائل".
وتضيف الأستاذة الجامعية العراقية "لا أعلم لماذا ترفض مختلف الحكومات العراقية المتعاقبة، إقرار تشريعات وقوانين تحمي الأطفال وتجرم العنف بحقهم، من قبل ذويهم، وتمانع وترفض سنها، ومع إرسال مشروع القانون مجددا للبرلمان، واجه رفضا وهجوما حادا عليه، حاله حال مشروع قانون الحماية من العنف الأسري ومن قبل نفس الجهات".
القانون الخاص بمنع العنف ضد الطفل، أعده أكثر من طرف، وأنا كنت من المشاركين في صوغه، تقول العبيدي :"عندما كنت عضوا في مفوضية حقوق الإنسان بالعراق، في العام 2013، وأرسلناه رسميا لرئاسة الحكومة، كما وأعدت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية من جانبها، مشروع قانون في هذا الصدد".
وتضيف "هذه المرة وبعد الضغط القوي على الحكومة، لوقف انفلات العنف ضد الأطفال، وعلى وقع سياسة حماية الطفولة التي اعتمدتها الحكومة قبل سنوات، ومع ارتفاع حالات العنف خاصة في ظل تفشي جائحة كورونا، بادرت الحكومة أخيرا بطرح المشروع على البرلمان، لكن دون جدوى حيث تتم المماطلة والتسويف كالعادة".
عقبات بالجملة
وتسهب العبيدي في الحديث عن تفاصيل مشروع القانون بالقول "هو دمج لعدة مشاريع أعدته لجنة من الوزارات المختصة، وبرعاية اليونسيف، وتم إقرار مسودة مشروع نهائية، لكن نفس الأحزاب التي تعرقل قانون العنف الأسري، تعارض الآن اقرار قانون حماية الطفولة، وممثلوها يواجهوننا بحجج من طينة أنه لا يمكن إقراره كي يترك الأطفال هكذا بلا تربية وتأديب، وكأن التأديب يكون بالضرب والاهانة والعنف، فما وجه التربية بالله عليكم في ضرب طفل صغير؟".
وتابعت الباحثة العراقية "هل يعقل أن ما قام به مثلا الأب الجاني قبل أيام من ربط طفله بالسلاسل، وإسالة الدماء منه بفعل الضرب المبرح، عمل تأديبي؟ فهل تعلمون ماذا كان الدافع وراء تلك الجريمة، حيث بعد اعتقاله بجهد استخباراتي، أقر الأب بأنه ارتكب فعلته الشنيعة، نكاية بطليقته؛ وهي والدة الطفل المعنف، فهل ثمة جنون وانحطاط أكبر من ذلك؟".
وتردف الأكاديمية العراقية "الكارثة أن هناك أعضاء في مجلس نواب، يبررون مثل هذه الجرائم تحت حجج متهافتة، كالقول مثلا إن مشروع القانون الخاص بحماية الطفل ووقف العنف ضده، يتعارض مع الشريعة الإسلامية، والأعراف والتقاليد، وأنه يحرض الأبناء على التمرد ضد آبائهم".
وتقول إنه طالما ظلت هذه الأحزاب الحاكمة مسيطرة على البرلمان، "لا يمكن تمرير القانون، ويقينا ستعود هذه الأحزاب التقليدية مرة أخرى بعد الانتخابات، مضيفة أن الحل "يكون عبر ما اقترحته سابقا، على جهات دولية مانحة ومساعدة للعراق، بفرض مساومة تربط من خلالها معوناتها ودعمها، بإقرار وتمرير قوانين عصرية ومنصفة لحقوق الإنسان العراقي، كقانون حماية الطفولة، فبدون الضغط والتدخل الدوليين في هذا الخصوص، لا جدوى من انتظار إقرار قوانين من هذا القبيل في العراق".
من جانبه، يقول حقوقي عراقي، فضل عدم كشف اسمه، في حديث مع موقع "سكاي نيوز عربية"، إن "الموضوع أعقد مما نتصور وهو يتصل بثقافة عنفية غالبة مع الأسف لدى قطاعات مجتمعية عريضة، تقوم على إهانة الضعيف والصغير والحط من شأنهما، وهذه الممارسات متوارثة وفق صور نمطية راسخة في وعينا الجمعي، من الصعب كبحها فقط، عبر تشريعات وقوانين فوقية رغم أهميتها".
ويضيف "المسؤولية تقع علينا جميعا، بمعنى أن يشرع كل واحد منا في محاولة التحرر من مثل هذه السلوكيات والمفاهيم، المنافية للعصر ولأبسط قواعد حقوق الطفل والإنسان على نحو عام".