هل تضمن"مدونة السلوك" نزاهة انتخابات العراق؟
23:37 - 20 سبتمبر 2021تتفاعل المواقف ما بين مرحبة ومتحمسة، وأخرى مشككة ومتوجسة، من "مدونة السلوك الانتخابي"، التي طرحها قبل أيام قليلة رئيس الجمهورية العراقي برهم صالح، خلال اجتماع موسع ضم رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، وقادة وممثلي القوى السياسية العراقية، ورئيس وأعضاء المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، والممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق، جينين هينيس بلاسخارت.
وتم التوقيع على المدونة من قبل مختلف القوى السياسية، والتي تؤطر القواعد الواجب الالتزام بها من قبل الأحزاب السياسية العراقية خلال العملية الانتخابية، من أجل الحفاظ على سلامها ونزاهتها وإجرائها بشكل سليم، حيث أكدت المدونة على تجنب الصراعات وزيادة الدعم الجماهيري للممارسة الانتخابية، وحماية المرشحين وتكافؤ الفرص، واحترام الدستور واللوائح القانونية وايجاد بيئة انتخابية آمنة ومستقرة، ومنع الظواهر السلبية كتوظيف المال السياسي وترهيب الناخبين والتلاعب، مع الالتزام بقبول نتائج الانتخابات.
وتعليقا على هذه الوثيقة الأولى من نوعها في العراق، يقول رائد العزاوي، رئيس مركز الأمصار للدراسات الاستراتيجية والاقتصادية، في لقاء مع موقع سكاي نيوز عربية: "الانتخابات العراقية هذه مفصلية، وهي الأهم في تاريخ الدولة العراقية فمنذ تأسيسها ولغاية اليوم، والعراق يمر في مراحل متعددة انتقالية، وظروف استثنائية وأزمات وجودية، وسط تجاذبات اقليمية واستقطابات دولية حوله، والمؤمل في هذه الانتخابات المصيرية، اخراج العراق من هذه الدوامات، والتأسيس لمرحلة جديدة، فلأول مرة مثلا لدينا قانون انتخابات منصف وعادل، رغم أنه ليس مثاليا تماما ومكتملا، لكنه بشكل عام مقبول لحد كبير، فالناخب الآن يعرف من ينتخب على الأقل".
ويضيف: "مسودة الشرف أو السلوك الانتخابي، الهدف منها شريف ونبيل ولا شك، لكننا بصراحة في العراق كمختلف دول العالم الثالث، ليس لدينا شرف انتخابي، فعمليات التسقيط والابتزاز وشراء الذمم والأصوات والبطاقات، والرشاوى الانتخابية والتزوير القانوني إن صح التعبير، وغير ذلك من أشكال انعدام الشرف الانتخابي السائدة في البلاد قائمة على قدم وساق".
ويردف العزاوي: "الآن نحتاج بالفعل لوثيقة شرف انتخابي تمهد أقله لانتخابات نزيهة وشريفة فعلا وليس قولا فقط، في المستقبل لما بعد هذه الانتخابات المبكرة، التي هي نتاج ثورة تشرين الشعبية، فالعراق بعد تلك الثورة ليس كما قبلها، ولهذا فالعراقيون يبحثون عن الاستقلالية ويطمحون لانتخاب برلمان فاعل ينأى بالعراق عن الاستقطابات والارتهانات”.
ويثني العزاوي على جهود الحكومة الحالية في اجراء الانتخابات في توقيتها المحدد دون تسويف، قائلا: "يحسب لحكومة الكاظمي نجاحها في المضي في اجراء الانتخابات في موعدها، وعدم الرضوخ للتأثيرات القوية الهادفة لتأجيلها، والكرة الآن هي في ملعب الناخب العراقي، فهو الذي يستطيع وقف الرشوى الانتخابية مثلا، وهزيمة هذه الأحزاب النافذة، وهو الذي يستطيع حسم الانتخابات باتجاه التغيير، وانتاج حكومة جديدة قادرة على تلبية متطلباته".
ويعتبر العزاوي أن "العالم كله يجتمع الآن في العراق لمراقبة هذه الانتخابات ومواكبتها، ولدينا رقابة دولية، وميثاق شرف خاص بالسلوك الانتخابي، وقانون انتخابي جديد، وهذه كلها عوامل محفزة لتنظيم انتخابات ناجحة وشفافة، بما لا يقاس بتلك التي كانت تجري طيلة السنوات الماضية".
ويشكك مصدر سياسي عراقي، في حديث مع موقع سكاي نيوز عربية في جدوى هذه الوثيقة: "التي تندرج في سياق حملات العلاقات العامة والشعاراتية لا أكثر، كونها تتضمن عموميات دون آليات واضحة ومحددة، وهي لا تلبي مطالب الكتلة الكبيرة من الناخبين غير التابعين لأحزاب السلطة، ولا تلغي مخاوفها المشروعة المتعلقة بنزاهة الانتخابات”.