هزيمة العدالة والتنمية بالمغرب.. نهاية لعصر الإخوان بالمنطقة
12:40 - 11 سبتمبر 2021على المنطق ذاته، وكما كانت أحزاب الإسلام السياسي تُبشر مُنذ سنوات بأن صعود أي تنظيم من تنظيماته في أية دولة من دول المنطقة، سيكون حافزاً لارتفاع حظوظ باقي الفروع في البلدان الأخرى، فإن الهزيمة الأخيرة للإسلام السياسي الإخواني في المغرب، ستكون بمثابة ضربة قاسمة لمختلف تنظيماتها في باقي البلدان، حتى في بلدان المشرق العربي.
بعد تجارب مصر والسودان وتونس، فإن الهزيمة القاسية التي تعرض لها حزب العدالة والتنمية المغربي، هي بمثابة الانهيار الأخير للتنظيمات الإخوانية في المنطقة، حيث ستمتد تأثيراتها حتى لأقصى الدول بُعداً عن المغرب العربي، في مختلف بلدان المشرق العربي، وستعيد التفكير والأحكام والرؤى حول كُل تجارب الإسلام السياسي في المنطقة، بالذات الإخواني منه، من جهة تداخلاته التنظيمية والعضوية، وعلاقته البينية ومصائره المشتركة.
الباحث المتابع لشؤون الحركات الإسلامية أحمد خيري درويش، شرح في حديث مع "سكاي نيوز عربية" أبعاد وخصوصية التجربة المغربية الأخيرة كحركة إخوانية تلاقي هذا المستوى من النبذ الشعبي بعد سنوات من الحُكم المُريح: "كان الإخوان في مختلف دول المنطقة، وحينما كانوا يتعرضون لمواجهة فكرية وسياسية، عادة ما كانوا يستلون التجربة المغربية كنموذج براق يعتبرونه الأكثر فاعلية في مختلف تجاربهم. فالحزب الإخواني في المغرب لم يأتِ نتيجة انقلاب عسكري كما في السودان، ولم يحاول الانقضاض على أسس الدولة كما حدث في مصر، ولا تسبب بانهيار وشلل الحياة العامة كما في تونس، وبذا كانوا يعرضونه كنموذج مثالي لنجاح تجربتهم".
يضيف درويش في حديثه: "راهناً، وبعد هذه الهزيمة المريعة للحركة الإخوانية المغربية، فإنه ثمة مستمسك واضح يقول إن العمر السياسي لهذه الحركات لا يُمكن أن يتجاوز العقد الواحد، حتى تكتشف القواعد الاجتماعية الفارق الهائل بين إدعاءات وخطابات هذه الأحزاب، وبين توجهاتها وسياساتها الموضوعية على أرض الواقع، وهو أمر جربته المجتمع في كامل بلدان المغرب العرب، من مصر إلى المغرب، مروراً بليبيا وتونس، وسيكون لذلك تأثير تفصيلية ودائم على المحاولات الإخواني في البلدان المشرقية، بالذات سوريا والعراق ولبنان والأردن، وطبعاً فلسطين".
على اختلاف تجاربها، في كل دولة مشرقية من هذه البلدان، تملك التنظيمات الإخوانية تراثاً من الصراع على السُلطة في هذه البلاد. ففي سوريا انتقلت مع حركات دعوية/سياسية في أواسط الخمسينيات إلى قوة للعنف الطائفي المُسلح في نهاية السبعينات، وحاولت لوقت قصير أن تعرض نفسها كقوة ديمقراطية سلمية، لكنها فشلت وصارت راعية لتنظيمات وفصائل مسلحة راديكالية.
في الأردن، كانت الحركات الإخوانية متداخلة مع الهيئات المهنية والحرفية والقطاعية، ولم تتمكن من تحقيق أية نتائج بارزة في أية انتخابات أردنية كانت. في فلسطين تمكنت حركة حماس من شق صفوف الحركة الوطنية الفلسطينية، وتقسيم الأراضي الفلسطينية على منطقتين شبه متنازعتين. أما في العراق ولبنان، فقد كانت تحلم بخفوت أضواء الحركات اليسارية والقومية، لتُشعل الدفة الأخرى من الصراع الطائفي.
الكاتب والباحث همبر سليم، شرح في حديث مع "سكاي نيوز عربية" الخضة التي ستشكلها هزيمة إخوان المغرب على تجارب هذه البلدان المشرقية تفصيلاً: "في كل تجربة من هذه، يُمكن ملاقاة ما قد يتأثر بما جرى في المغرب.
ففي سوريا لا يُمكن للإخوان أن يدعوا أنهم ذوو القاعدة الجماهيرية الأوسع في أوقات السلم، فالتجربة المغربية تقول إن مجتمعات المنطقة تحكم على أفعال وسياسات أحزاب الإسلام السياسي وليس شعاراتها الرنانة. كذلك في فلسطين لا يُمكن لحماس بعد اليوم أن تستند إلى شقاق عربي داخلي بشأن شرعيتها، حيث كانت تعتمد على تعاضد بعض الدول العربية التي كان الإخوان فيها ذوو نفوذ".
يُضيف سليم في حديثه: "أما في البلدان الثلاثة الأخرى، العراق ولبنان والأردن، فلم يعد الإخوان يستطيعون الادعاء بأنهم يُمثلون الدفة الأخرى، المناوئة للقوى المركزية، التي تحمل هموم وتطلعات الشارع، فالتجربة المغربية أثبتت أن الرأي العام في بلدان العالم العربي، مثل كُل المجتمعات الأخرى، ليس لديها قوة سياسة مثالية وتتوق لملاقاته، بل تملك فقط مجموعة من الآمال والتطلعات بحياة كريمة ومحترمة، والإسلاميون أقل القوى السياسية قدرة على تحقيق ذلك".