ماذا وراء اجتماع وزراء خارجية مصر والأردن وفلسطين؟
05:45 - 10 سبتمبر 2021استضافت القاهرة اجتماعا ثلاثيا لوزراء خارجية مصر والأردن وفلسطين، الخميس، في إطار التنسيق المستمر وتبادل وجهات النظر بشأن المستجدات المرتبطة بالقضية الفلسطينية وعملية السلام المتعثرة.
يأتي الاجتماع في إطار متابعة مخرجات القمة المصرية الأردنية الفلسطينية التي عقدت في القاهرة مطلع شهر سبتمبر الجاري، من أجل بلورة تصور لتفعيل الجهود الرامية لاستئناف المفاوضات، والعمل مع الشركاء لإحياء عملية السلام وفقا للمرجعيات المعتمدة، ولتنسيق المواقف قبيل انعقاد أعمال الدورة 76 للجمعية العامة للأمم المتحدة.
وبحسب بيان للخارجية المصرية، فإن اللقاء الثلاثي استهدف "مناقشة آخر تطورات القضية الفلسطينية والجهود المبذولة خلال الفترة الماضية للعمل على إعادة الانخراط في مسار السلام، وإطلاق عملية تفاوضية جادة وبناءة تستهدف التوصل لتسوية شاملة وعادلة على أساس حل الدولتين، تضمن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية".
وجدد وزير الخارجية المصري سامح شكري، التأكيد على موقف مصر الثابت من دعم القضية الفلسطينية والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، مشددا على أهمية قيام الأطراف الإقليمية والدولية المعنية بدورها من أجل توفير الظروف الملائمة للدفع قُدما بمسار السلام خلال الفترة المقبلة، وبما يحقق السلام والاستقرار المنشودين بالمنطقة.
وتوافق وزراء الخارجية الثلاث على استمرار التحرك الدولي لحشد المواقف الدولية والإقليمية للتصدي للإجراءات الإسرائيلية اللاشرعية وغير القانونية في القدس وغزة وباقي الأراضي الفلسطينية، باعتبارها ممارسات غير قانونية تمثل خرقا للقانون الدولي، وتقوض حل الدولتين وفرص التوصل لسلام عادل وشامل ودائم في المنطقة.
وبحسب مراقبين ومحللين، فإن الاجتماع الثلاثي لوزراء الخارجية الذي أعقب لقاء قادة البلدان يكتسب أهمية في توحيد الرؤية بين الأطراف الثلاث، للتعامل مع التحركات السياسية والإقليمية والدولية لتحريك عملية السلام في الشرق الأوسط، قبيل اجتماعات دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة، وعلى أعتاب القمة العربية المقبلة في الجزائر.
تنسيق
وقال عضو المجلس المصري للشئون الخارجية مساعد وزير الخارجية الأسبق رخا أحمد حسن: "حدثت تطورات كثيرة خلال الفترة الماضية استدعت عقد القمة الثلاثية وكذلك اجتماع وزراء الخارجية بعده، لتنسيق المواقف وتوحيد الرؤى تجاه القضية الفلسطينية وعملية السلام مع الجانب الإسرائيلي، خاصة بعد زيارة الملك عبد الله الثاني إلى واشنطن ثم زيارة رئيس وزراء إسرائيل نفتالي بينيت إلى البيت الأبيض، وفي خضم ذلك أجرى رئيس المخابرات المصرية اللواء عباس كامل زيارة إلى رام الله وتل أبيب، كما التقى وزير الدفاع الإسرائيلي بني غانتس لإجراء مباحثات مشتركة".
وأضاف حسن لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "الوضع الحالي يستدعي التشاور بين البلدان الثلاثة لبحث الخطوات المقبلة، على ضوء اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال الشهر الجاري، وكيف ستثار القضية الفلسطينية هناك".
ويعتقد الدبلوماسي المصري السابق أن "هناك تعقيدا فيما يتعلق بالتعامل مع الحكومة الإسرائيلية الحالية، خاصة مع تأكيد بينيت أن حكومته بطبيعة تكوينها لن تكون قادرة على الوصول إلى حل الدولتين".
وأوضح حسن أن "إسرائيل تعتقد بمبادرتها لتخفيف الإجراءات المشددة التي اتخذتها أنها تحقق إنجازا، لكنها تقوم بما يشبه لعبة سياسية لتشديد الإجراءات ثم تخفيفها، فيما لا يزال أمر إعادة إعمار قطاع غزة معطلا، وإسرائيل تعلقه على عملية تبادل الأسرى، مما تسبب في تجميد الملف. عاد التوتر على خط الحدود بين غزة وإسرائيل، ومن ثم فهذه التطورات تحتاج إلى تشاور على مستوى الزعماء ووزراء الخارجية باستمرار".
وقال: "لن يتحقق السلام في الشرق الأوسط إلا عبر حل الدولتين بما يرضي المجتمع الدولي، وهذا ما تتبناه الإدارة الأميركية حاليا. نأمل أن تعطي إدارة بايدن دورا أكبر لحل القضية الفلسطينية".
تشجيع لواشنطن
وفي السياق ذاته، أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس أيمن الرقب، أن عقد الاجتماع الوزاري بين مصر والأردن وفلسطين الذي يأتي في أعقاب القمة الثلاثية، خاصة في هذا التوقيت المهم قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة، يهدف لفتح آفاق لتحريك الملف السياسي وتشجيع الولايات المتحدة على الاهتمام بالقضية، من أجل تحريك عملية السلام المعطلة منذ عام 2014.
وفي حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية"، اتفق الرقب مع ما طرحه حسن في أنه "لا توجد رؤية لدى حكومة إسرائيل لتحريك العملية السياسية، فوفق تصريحاتها هي حكومة شأن داخلي، وهذا يعطي انطباعا أنه ليس هناك آمال مرتقبة للعملية السياسية".
وقلل أستاذ العلوم السياسية من الدور الأميركي في الوقت الراهن لتحريك عملية السلام، بعدما أبلغ بينيت الأميركيين أن فتح الملف السياسي سيؤدي إلى انهيار حكومته، وأنه ينتظر اعتماد الموازنة المعطلة منذ عام 2018، فيما صدت إسرائيل طلب الولايات المتحدة بشأن عملية السلام.
مسارات السلام
ومن جهة أخرى، أشار خبير العلاقات الدولية أيمن سمير إلى أن "مصر تعمل على أكثر من مسار وطريقة بشكل متوازٍ في التعامل مع القضية الفلسطينية، فبعد تثبيت وقف إطلاق النار والهدنة بدأت مجهودات إعادة إعمار قطاع عزة، واستئناف المفاوضات بين الجانبين وتوحيد الجهود الفلسطينية".
وأوضح سمير لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "القاهرة تعتقد بوجود بيئة دولية وإقليمية داعمة لاستئناف المفاوضات، خاصة في ظل وجود حكومة إسرائيلية جديدة وإدارة أميركية منفتحة على الفلسطينيين، وما يدلل على ذلك زيارة رئيس الاستخبارات الأميركية للقاهرة ثم إلى تل أبيب ورام الله، واللقاء الذي جمع الرئيس الفلسطيني محمود عباس ووزير الدفاع الإسرائيلي، وكل ذلك يصب في صالح استئناف المفاوضات".
ويرى خبير العلاقات الدولية أن "مصر تستشعر أن الولايات المتحدة تدعم استئناف المفاوضات، وفي الوقت ذاته تشدد القاهرة على ضرورة وجود موقف عربي للتعامل مع تلك التطورات، وتصور كامل عندما يتم استئناف المفاوضات، وهذا ما ظهر في هذه القمة الثلاثية".
ويعتقد سمير أن استئناف المفاوضات له مساران، إما ثنائي بين فلسطين وإسرائيل مباشرة وهذا الأمر يبدو صعبا، أو عبر مؤتمر دولي للسلام لحل القضية بشكل جذري، بحيث يرتبط ما يتم طرحه في المؤتمر بجدول زمني حتى لا تتحول المفاوضات إلى هدف في حد ذاتها، وليس سبيلا لحل القضية الفلسطينية.