الأقاليم الصحراوية.. حضور قوي في الانتخابات المغربية
23:47 - 08 سبتمبر 2021على دأب كل الاستحقاقات الانتخابية السابقة في المغرب، حققت الأقاليم الصحراوية جنوبي المملكة نسب مشاركة مرتفعة في انتخابات الثامن من سبتمبر.
وذكرت مصادر لـ"سكاي نيوز عربية"، أن نسبة المشاركة في الانتخابات بمدينة العيون، تجاوزت 70 بالمئة عند إغلاق مراكز الاقتراع.
واعتبر مراقبون هذا الأمر، "تأكيدا من هذه الأقاليم مرة أخرى على مدى تشبع مختلف مكوناتها بالحس العالي للمسؤولية، والوطنية، والتشبث بالوحدة الوطنية".
وتضم الصحراء المغربية 3 جهات، هي جهة العيون الساقية الحمراء، وجهة الداخلة وادي الذهب، وجهة كلميم واد نون.
نسب كبيرة
وفي الساعة الثانية عشر من ظهر الأربعاء، بلغت نسبة المشاركة في إقليم آسا الزاك، أكثر من 32 في المئة التابعة لجهة كلميم، وفي أوسرد التابع لجهة الداخلة وادي الذهب نحو 27 بالمائة، فيما بلغت نسبة المشاركة في إقليم السمارة التابع لجهة العيون حوالي 25 في المئة.
ومن بين 395 مقعدا بمجلس النواب (الغرفة الأولى بالبرلمان)، يتنافس المرشحين بالإقليم، على 34 مقعدا، من بينها 14 بجهة العيون الساقية الحمراء.
ولجهة كلميم واد نون 13 مقعدا، و7 مقاعد مخصصة لجهة الداخلة وادي الذهب.
وتعد العيون كبرى مدن الصحراء، إذ يخوض 2013 مرشحا ومرشحة غمار الانتخابات، للظفر بـ143 مقعدا، بما يشمل البرلمان والمجالس البلدية ومجلس الجهة.
وخلال انتخابات الغرف المهنية في السادس من أغسطس الماضي، بلغت نسبة المشاركة في جهة العيون الساقية الحمراء، نحو 64 بالمئة، مقابل 47 بالمئة، نسبة المشاركة الوطنية.
ويرى مراقبون أن هذا الحماس المتزايد لأبناء الأقاليم الجنوبية في جميع الاستحقاقات الانتخابية الوطنية، يعد "تعبيرا حرا عن تمسك أبناء هذه الربوع بالروح الوحدوية التي لم تكن يوما محل نقاش أو مساومة، إلا في أذهان أعداء الوحدة الترابية".
رهانات مستقبلية
وفي هذا السياق، يؤكد مدير "مركز الصحراء وإفريقيا للدراسات الاستراتيجية"، عبد الفتاح الفاتحي، أن "الأقاليم الجنوبية اعتادت أن تكون في طليعة الانخراط في الرهانات المستقبلية".
وأوضح المتحدث في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية": "ارتفاع نسبة المشاركة السياسية يعكس وعيا محليا بأن أقاليمه تتحول إلى خط تنموي استراتيجي يتجاوز جهات الصحراء نحو الساحل الإفريقي".
من جهة أخرى "تزداد قناعاتهم بأن جهات الصحراء أصبحت تتصدر مشاريع المملكة الواعدة محليا وإقليميا ودوليا"، يضيف مركز الصحراء وأفريقيا للدراسات الاستراتيجية.
وخلص الفاتحي، إلى أنه "بوجود برنامج تنموي يستهدف أساسا دعم التوجه الاقتصادي المغربي إفريقيا، وبما يجعل الأقاليم الجنوبية أقطابا اقتصادية رائدة؛ فإنه من الطبيعي أن يتفاعل السكان إيجابا بالشكل الذي يزيد من جاذبية جهاتهم".
القبيلة حاضرة
ومن الأسباب التي تجعل المشاركة مكثفة في الأقاليم الصحراوية المغربية، التعبئة الكبيرة للأحزاب السياسية في هذه اﻷقاليم، وكذلك ارتفاع منسوب النقاش السياسي، واعتماد التصويت على الأعيان وقيادات القبائل.
وقال أستاذ الأنثروبولوجيا بمعهد الدراسات الإفريقية التابع لجامعة محمد الخامس بالرباط، رحال بوبريك، إنه "على المستوى الاجتماعي يجب استحضار البعد القبلي في التعبئة للمشاركة في الانتخابات".
وأوضح أستاذ الأنثروبولوجيا، في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "الخصوصيات القبلية حاضرة في إطار التضامن والتكافل".
لكن بوبريك، نبه إلى أن "التأويل القبلي وحده لا يكفي، إذ لابد أن يكون على علاقة بعامل ثان يرتبط بالمصلحة أو السياسة بشكل من الأشكال".
وتابع في الوقت نفسه، أنه مع ذلك "فإنه يتم التكتل وراء رجل القبيلة، في المجتمع الصحراوي".
ويتضح ذلك من خلال الحضور القوي للقيادي بحزب الاستقلال (حزبي تاريخي معارض) حمدي ولد الرشيد، الذي حافظ على تصدر الحزب منذ سنوات للمشهد السياسي في الإقليم.
وكان الأمين العام لحزب الاستقلال، نزار بركة، قد أكد في تصريح سابق لوكالة أنباء دولية، أن "حزب الاستقلال لديه حظوظ قوية بالأقاليم الجنوبية، خصوصا أن العديد من المواطنين منخرطين بالحزب، بحكم أنه يدافع على مغربية الصحراء، ويناضل من أجل ذلك منذ الاستقلال (1956)".
وبحسب معطيات وزارة الداخلية، يتصدر الاستقلال قائمة الأحزاب الأكثر ترشيحا للانتخابات في بلدية العيون، بنسبة 94 بالمائة من مجموع المقاعد المخصصة للبلدية.