انتخابات المغرب.. العدالة والتنمية يلجأ لخطاب "المظلومية"
14:37 - 07 سبتمبر 2021قبل يومين على الانتخابات التي يشهدها المغرب، أطل الأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية عبد الإله بنكيران، مساء الأحد، على المغاربة بتصريحات أثارت سيلا من الانتقادات، عكسها حجم التدوينات على مواقع التواصل الاجتماعي.
وعبر تقنية البث المباشر على صفحته الرسمية بموقع فيسبوك، خصص القيادي بالحزب حيزا كبيرا من تصريحاته، لتوجيه انتقادات لاذعة لزعيم حزب التجمع الوطني للأحرار، عزيز أخنوش، الذي يعتبر المنافس الأبرز للعدالة والتنمية في الاستحقاقات الحالية، خاصة بعد أن ألحق به هزيمة كبيرة في انتخابات الغرف المهنية التي جرت في اغسطس الماضي.
استشعار الهزيمة
واتهم عبد الإله بنكيران رجل الأعمال البارز، بـ"استعمال المال لشراء الأنصار والمتعاطفين"، زاعما أنه "ليس الشخص المناسب لقيادة الحكومة المقبلة لأنه لا خبرة لديه بالعمل السياسي".
وعلى الرغم من ابتعاده عن الواجهة بعدما استثني من رئاسة الحكومة في الولاية الثانية التي فاز بها حزبه عام 2016، فإن بنكيران لا يزال يتمتع بتأثير قوي داخل أوساط التنظيم السياسي والمتعاطفين معه، خاصة في ظل افتقار باقي القيادات للقدرة التواصلية التي يتمتع بها الرجل.
ويرى مراقبون أن "الهجوم اللاذع" الذي شنه بنكيران ضد رئيس حزب منافس في الانتخابات، يدل على أن "العدالة والتنمية استشعر الهزيمة المحتملة في الاستحقاقات التشريعية والبلدية والجهوية"، التي تنظم في الثامن من سبتمبر.
ويرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، غسان أمراني، أن بنكيران "لم يوجه دعوة صراحة للتصويت لحزبه، لكنه بعث برسائل مشفرة تحث على التصويت".
ويلخص أمراني هذه الرسائل في "محاولة تشويه صورة الحزب المنافس، ومحاولة التسويق لحزبه على اعتباره الوحيد القادر على ضبط الأمور".
وبحسب المحلل السياسي المغربي، فإن تصريحات بنكيران "جاءت لتعبئة أنصار الحزب، لكنها كانت تستهدف، على وجه الخصوص، المصوتين المترددين الذين يبدو أن حزب العدالة والتنمية قد فقد ثقتهم بشكل تام".
ويقصد أمراني بالمصوتين المترددين، المغاربة الذين صوتوا للحزب في 2011، وبعضهم في 2016، وكان تصويتهم من "باب التغيير فقط، وليس لدوافع أيديولوجية تتقاطع مع الإيديولوجية الإسلامية للحزب".
خطاب المظلومية والمؤامرة
وفي تعليقه على الهجوم اللاذع الذي شنه القيادي بحزب العدالة والتنمية على خصومه، أكد الأستاذ الجامعي أن الحزب "يتخذ من صناعة الأعداء طريقة لتعبئة الجماهير في كل انتخابات، حيث يرسم لنفسه صورة الضحية التي تحاك ضدها المؤامرات".
وكان بنكيران قد لجأ في الاستحقاقات السابقة إلى نفس الطريقة المعتمدة حاليا، حيث شن هجوما لاذعا على حزب "الأصالة والمعاصرة"، متهما إياه بأنه "مدعوم من جهات عليا للإطاحة بالعدالة والتنمية".
وإلى جانب "شيطنة" المنافسين، رفع حزب العدالة والتنمية خلال الحملة الانتخابية التي انطلقت في 26 أغسطس الماضي، فزاعة "المال السياسي"، مصدرا تحذيرات مدعيا خلالها حدوث شراء للأصوات.
كما جدد قياديو الحزب رفضهم للتعديلات التي أدخلت على القوانين الانتخابية، خاصة فيما تعلق بإلغاء العتبة والقاسم الانتخابي. ويزعم الحزب الذي حصد في الانتخابات السابقة 125 مقعدا من أصل 395 من مقاعد البرلمان، أن التعديلات أعدت "خصيصا" لمنعه من حصد غالبية الأصوات. و"خطاب الضحية" هذا، هو تحديدا ما يرى مراقبون أنه لن ينطلي هذه المرة على الكتلة الناخبة.
فقدان الثقة
ويفسر أستاذ العلوم السياسية التراجع الجماهيري لحزب العدالة والتنمية بعدة أسباب، أولها أن مرشحي الحزب، وعلى رأسهم أمينه العام السابق، أطلقوا في حملتهم الانتخابية التي استبقت أول ولاية لهم، وعودا لم يتمكنوا من تحقيقها، بل تبين بعد ذلك أنها كانت تدخل فقط في إطار "البروباغاندا" لأنها صعبة التحقق عمليا.
من جهة ثانية، يؤكد المتحدث أن الحصيلة الاقتصادية لعشر سنوات من التدبير الحكومي، كانت "دون مستوى التطلعات، خاصة لدى الطبقة المتوسطة، مستشهدا ببعض الأمثلة كالزيادة في الضرائب والرفع من سن التقاعد واعتماد نظام العقود في التعليم، والتوجه نحو رفع الدعم على المواد الأساسية.
كما يرى أن حكومتي العدالة والتنمية، سواء في الولاية الأولى برئاسة بنكيران، أو الثانية بقيادة العثماني، ذهبتا في اتجاه "الاستجابة المطلقة" لتوصيات صندوق النقد الدولي، وهي "سابقة" لم تقم بها أية حكومة من الحكومات المتعاقبة في المغرب.
ويعتبر أمراني أن العدالة والتنمية "عاد مؤخرا لإنتاج الخطاب الديني، بعدما كان قد تخلى عنه بشكل واضح خلال الولايتين الحكوميتين، وهي طريقة يلجأ إليها لتعبئة الناس والحفاظ على الكتلة الناخبة".