"اقعدن في بيوتكن".. طالبان تعطي تعليمات "غامضة" للنساء
22:04 - 25 أغسطس 2021في أولى الإشارات إلى ما قد يكون على التعامل مع النساء، أعلن المُتحدث باسم حركة طالبان "أن النساء اللواتي يوجهن مهامهن في أفغانستان عليهن أن يبقين في المنازل، إلى أن تُصدر الحركة مجموعة من التعليمان بشأنهن".
وأثار هذا التصريح مخاوف شديدة لدى متابعي الشأن الأفغاني، لا سيما المنظمات الدولية الحقوقية والنسائية، التي تخشى من أن تقدم الحركة على اتخاذ مجموعة من الإجراءات القمعية تجاه نساء أفغانستان.
حبيبات مُلا إبراهيم واحدة من هؤلاء النساء الأفغانيات، والتي كانت موظفة في قسم إدارة الحدائق العامة بلدية مدينة كابول، اتصلت بها "سكاي نيوز عربية" وسألتها عما يعنيه القرار الجديد الصادر عن حركة طالبان، فقالت إنها لم تعمل منذ سيطرة الحركة على العاصمة كابل.
وقالت حبيبات "مثل باقي زميلاتي في العمل، لم أواظب على العمل منذ سيطرة حركة طالبان على العاصمة، بالرغم من تعينهم لوالي المدينة ورئيس بلدية جديد، ومع ذلك لم تذهب أي منا نحن الموظفات إلى مُديريات البلدية".
وأردفت "القرار الأخير أثار لغطاً خاصاً بالنسبة لنا، إذ لا نعرف ما إذا كان يخص الموظفات في القطاع العام فحسب، أم جميع العاملات في البلاد. كذلك لا نعرف ما إذا كان القرار يخص الموظفات أم جميع النسوة في البلاد".
تعليمات غامضة
تضيف مُلا إبراهيم في حديثها مع سكاي نيوز "كُلنا ننتظر ما تقصده الحركة بالتعليمات. إذ بالرغم من تعهدها بالسماح للنساء بالعمل والتعليم، إلا أن ما تقصده بشروط معينة ما يزال محل لغط في أوساطنا، سواء تعلق الأمر ببعض التفاصيل الخاصة بالزي العام، أو فيما يتعلق بفصل الجنسين في العمل والمؤسسات العامة والأسواق والتعليم، وأمور تفصيلية أخرى كثيرة".
قرار الحركة الذي أعلنه المتحدث باسمها ذبيح الله مُجاهد، جاء وكأنه رد على الخطاب الذي ألقته المفوضة السامية لمنظمة الأمم المُتحدة لحقوق الإنسان في جلسة مجلس الأمن ميشيل باشليت، حيث حذرت الحركة من سلوكياتها وقراراتها بشأن النساء في البلاد، مُعتبرة "حقوق المرأة بمثابة خط أحمر وأساسي".
الحركة التي تعرضت لضغوط سياسية وإعلامية بسبب قرارها الأخيرة، فسرته على أنه بمثابة إجراء مؤقت، إذ قال المُتحدث باسم الحركة " قواتنا الأمنية ليست مدربة على كيفية التعامل مع النساء، لا يعرفون كيف يتحدثون إلى النساء، وبعضهن على الأقل. وحينما يكون لدينا أمن كافي، سيكون ثمة قرارات أخرى".
مخاوف المنظمات الحقوقية والقوى الدولية تأتي من سنوات الحُكم السابقة (1996-2001)، حينما كانت طالبان تُسيطر وتحكم أغلبية مناطق أفغانستان خلال تلك المرحلة، حيث كانت تمنع الإناث من مزاولة التعليم أو العمل، كما كُن ممنوعات من الخروج من المنزل بدون لباسٍ يُغطيها بشكل كامل، يُسمى في اللغة الشعبية "الجادور"، فضلا عن السماح بتزويج القاصرات وحرمان الزوجات من مختلف أنواع المساواة مع الأزواج.
وعود وشكوك
قدمت حركة طالبان في أوائل أيام سيطرتها على مختلف مناطق البلاد تعهدات بعدم تنفيذ الإجراءات السياسية السابقة بحق النساء، لكن المراقبين يشككون بذلك تماماً، ويتوقعون أن تفعل الحركة نفس السلوكيات بعد أن تخضع لها مختلف المناطق وتحصل على اعتراف دولي بها.
وتُشير التقديرات إلى أنه ثمة قُرابة نصف مليون امرأة أفغانية يعملن في القطاع العام لمؤسسات الدولة، إلى جانب مليوني امرأة أفغانية يعملن في القطاع الخاص، أغلبهن في القطاع الزراعي.
لكن أشد المخاوف تتعلق بالإناث في قطاع التعليم، حيث تواظب قرابة خمسة ملايين أفغانية قطاعات التعليم بمختلف مراحلها، وثمة مخاوف بشأن مستقبلهن.
الباحثة الأفغانية في اللجنة الأفغانية المُستقلة لحقوق الإنسان، براءة أمشاقي، شرحت في حديث مع "سكاي نيوز عربية" التحدي الذي ستواجهه أفغانستان خلال الشهور القادمة "في وقت تعتبر فيه حركة طالبان نفسها قد تغيرت، وتقول إنها ستطبق قوانين مختلفة عما كانت عليها قبل ربع قرن، ثمة أمر مهم وهو أن النساء الأفغانيات تغيرن بدورهن".
وتقول إن إجبار النساء على مجموعة من الفروض والقيم والسلوكيات لن يمر بسهولة كاملة، وستحدث مواجهة مركبة بين الحركة والطبقات الاجتماعية الأفغانية، بالذات النساء، اللواتي لا يستطعن إلا أن يُدافعن عن أنفسهن.